اليتيم والاتجار في البشر
إن الفعل الذي أقدم عليه الوزير صاحب القولة الشهيرة "أنا وزير ماشي مواطن "يبدو لي أقرب إلى الإتجار بالبشر منه إلى قصة حب ، على اعتبار أن شبهة استغلاله لمنصبه الحكومي للتأثير على "عشيقته " من جهة، وحقيقة استغلاله لزوجته الأولى لسنوات طوال ثم التخلي عنها من جهة أخرى هي ممارسات تحيل على ثقافة " الإتجار بالبشر " أكثر من ثقافة " الحرية الفردية " .
كان من المفروض أن يؤدي هذا إلى إجراء سياسي، يعصف في حده الأدنى بالوزير الميتم والمتيم ، ويعصف في حدوده المعقولة والمطلوبة مجتمعيا، بكل هذه الحكومة التي تشبه كائنا مليئا بالعيوب الخِلقية والخُلقية، والتي أصبحت خطرا على التماسك الاجتماعي والسياسي وحتى الثقافي للمغاربة .
ولكن، للأسف الشديد، يبدو أن آلية المحاسبة معطلة بالفعل في المغرب، حيث لم يعد المسؤولون يحسون بأي خوف من تحمل مسؤولية أفعالهم وفضائحهم الأخلاقية والمالية والتدبيرية والسياسية، طالما أن الأمر لا يتجاوز عملية الإعفاء من المهام وبعض التتبيل الإعلامي مع ضمان احتفاظهم بكامل امتيازاتهم السياسية والمادية والإجتماعية، بل حتى المجتمع بشكل عام، لم يعد يعلق الكثير من الأمل على ثنائية مسؤولية-محاسبة، ولَم يعد يأبه لمنظومة "العقاب" على الإخلال بالمسؤولية، كما هو معمول بها لحد الآن، ولَم يعد معنيا بها، وأصبح يتطلع لشيء آخر لا أحد يمكنه التنبؤ به.
كيف وصلنا إلى هنا ؟ هناك إحساس بأن المغرب قد تمت قرصنة قراره السياسي من طرف جهات، ولاؤها ليس بالضرورة للوطن، رغم كل العواء والبكاء والعويل من هذا الطرف وذاك الطرف لإقناعنا بالعكس.
مصطفى كرين/ رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية