لا تكاد عجائب عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تنتهي إلا لكي تبدأ أخرى، ولا يمكن أن يجود الزمن بمثله في ممارسة الشعبوية في أقصى تجلياتها وصولا بها إلى حدود "الشيطنة"، ولا تنتهي ألاعيبه، التي من خلالها يمكن أن يقدم خدمات لحزبه، والعودة مرة أخرى لقيادة الحكومة حتى لو كانت خمس سنوات كافية ليصل بالمغرب إلى حافة الإفلاس، لولا المشاريع الإستراتيجية التي لا ترتبط بالحكومة.
وفي تصرفاته يشبه بنكيران مرود الأفاعي أو منشط "السويرتي". من آخر ألاعيبه ترشيح نبيلة بنكيران، زوجته والتي تحمل صفة حرم رئيس الحكومة، في اللائحة الوطنية للنساء ووضعها في الرتبة الستون، أي آخر رقم في اللائحة، وهذه العملية فيها الكثير من "الشيطنة" أو "التشيطين" بلغة المغاربة، لأنه لا يمكن اختيار شخصية معروفة، ونبيلة معروفة كثيرا بحكم وجودها إلى جانب زوجها صاحب القفشات، (لايمكن) اختيارها لسد الفراغ باللائحة.
تحمل هذه العملية كثيرا من صفات بنكيران، التي فاقت الشعبوية، لأن الرتب الأولى وحدها التي تخضع للمنافسة في حدود ما يعتقد الحزب أنه سيحصل عليه، لكن الباقي هو ملء للبياض وفي الغالب يتم ترشيح مناضلات لا أمل لهن في الحصول على مقعد برلماني وتعويض محترم وتقاعد محترم أيضا.
إذن لماذا ترشيح سيدة معروفة وزوجة رئيس الحكومة في الرتبة الأخيرة؟ يريد بنكيران أن يبعث من خلال زوجته رسالة إلى الناخبين، أنه رجل زاهد في المناصب، وأن مقام رئاسة الحكومة هو عمل "في سبيل الله"، ولو كان يريد المنافع لرشح زوجته في المراتب الأولى وسيجد ألف طريقة لزرعها مع الأوليات.
لكن نسي بنكيران أنه يوظف عائلته في أمور سياسية محضة، وبالتالي يصبح الحديث عن زوجة بنكيران مباحا ومتاحا للجميع، وليس من حقه أن يتحدث عن حياته الشخصية فهو الذي أقحم أم أولاده واستغلها في اللعبة السياسية والدعاية الانتخابية.
إلا أن المتتبعين لن ينسوا أن بنكيران رشح كريمته في الانتخابات الجماعية في رتبة أخيرة، أي دون حظوظ للنجاح، واستغرب كثير منهم لهذا التواضع والزهد، لكنهم يعلمون جيدا أنه قبيل الانتخابات ظهرت بنت رئيس الحكومة بوظيفة جد محترمة بالأمانة العامة للحكومة، بل تم تغيير الكثير من الأشياء حتى تتواءم المباراة مع الديبلوم الذي حصلت عليه كريمة رئيس الحكومة.