زواج المصلحة بين حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية يطرح سؤال أخلاق الرجولة في الممارسة السياسية، وهي أخلاق ضرورية للحفاظ على هوية كل حزب، حيث لا يمكن لأي محلل سياسي أن يتمكن من فك شيفرة الخلفيات التي دفعتهما للتحالف، خصوصا وأن بينهما خصومة إيديولوجية، حيث خرج البيجيدي وأخرج معه الإسلاميين والمحافظين ضد خطة إدماج المرأة في التنمية التي أعدها سعيد السعدي، القيادي في الحزب.
هذه اللحظة فارقة في تاريخ المشهد السياسي المغربي، وتدل على أن مرجعيات التشريع بين الطرفين متناقضة فما الذي جمعهما؟ إنه زواج مصلحة تحول بموجبه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى "خدام" لدى بنكيران مثله مثل أي شاوش يحرص بيته.
وبما أن الحزب الشيوعي التقدمي الحداثي مستعد للدفاع عن المشروع الرجعي للبيجيدي فإن بنكيران يوجه كتائبه دائما لعدم التعرض للحياة الشخصية وسلوكات قادة الحزب، في حين يشنون يوميا الحملات ضد قادة سياسيين ومسؤولين في الدولة لمجرد وجود في علبة ليلية أو الجلوس على طاولة فيها الخمر أو رفقة فتاة.
لكن عندما يتعلق الأمر بحزب التقدم والاشتراكية فإن بنكيران مستعد للتنازل عن كل ما يؤمن به، فهو مستعد لاستقبال نبيل بنعبد الله في بيته رغم حالة السكر التي تبدو عليه، وحسب مصدر حضر إحدى اللقاءات فإن الزعيم الشيوعي كان يتعثر، ولم يزعج الأمر بنكيران، ولا أطلق كتائبه الالكترونية لمهاجمته، بل يصفونه بأوصاف الشجاعة والرجولة، ولم يتحدثوا عن زوجته عارضة الأزياء الليبرالية المقبلة على الحياة وملذاتها.
ولأن الأمر يتعلق بحزب التقدم والاشتراكية، لم تشن الكتائب هجوما ضد الفضيحة التي وقعت لوزير شيوعي بالبرلمان وتم تداولها على نطاق واسع، حيث كان عبد الواحد سهيل، وزير التشغيل والتكوين المهني السابق، يرد على أسئلة البرلمانيين وهو في حالة سكر واضحة حيث لم يقو على الوقوف ولم يتمكن من النطق بشكل واضح، ومع ذلك سكت بنكيران ومن معه.
لماذا لم تتبع الكتائب اللقاءات الحزبية الليلية، التي تترك وراءها شاحنة من القناني الفارغة ناهيك عن ممارسات بين أعضاء وعضوات الحزب ويعرفها بنكيران، لكن يسكت عنها؟ لكن لو تعلق الأمر بأي مسؤول حزبي آخر حتى من التحالف الحكومي (الأحرار والحركة) أو مسؤول في الدولة وتمت رؤيته في مكان عمومي ودون أن يكون في مهمة رسمية فإن الكتائب لا تتوانى في الحرب الشاملة، مثلما حدث في فيديو قطر، الذي لا نستبعد أن تكون جهات مقربة من تنظيم الإخوان هي من سربه لفرع التنظيم بالمغرب.
عزيز الدادسي