أزيلال : التغرير بالقاصرة القروية واغتصابها وإيهامها بالزواج وسوء فهم الفصل 475 من القانون الجنائي
إن الحديث عن معاناة المرأة يجب أن يشمل الدفاع عن النساء القرويات اللواتي يفتقدن إلى أبسط حقوقهن في التعليم والصحة والسكن اللائق وجميع مرافق الحياة الضرورية ...، ونحن نرى أن أكثر الوفيات في صفوف النساء القرويات خاصة أثناء الولادة لانعدام المستشفيات ووسائل النقل .. ، وان الدفاع عن حقوق المرأة المغتصبة أمر جيد ومحمود وضروري، لكن ليس من منظور استعمالهن من طرف البعض كشماعة لتمرير أفكار ومخططات لا تمت بأي صلة لهن لغاية في نفس يعقوب، أو بهدف إبراز الذات على حساب المرأة البسيطة. ..
هذه الجمعيات والهيئات التي تنتظر الفرص لتمرير خطابات إيديولوجية مستوردة، لا تمت بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد للمنظومة الاجتماعية المغربية الحقيقية، محاولة خلق البلبلة في علاقة الرجل بالمرأة، ضاربة بذلك الميزة الحقيقية للعلاقة الأسرية المغربية المتمثلة في التضامن والتماسك والاستقرار قدر المستطاع لبناء أسرة قوية كما جاء في تعريف الزواج بمدونة الأسرة المغربية .
ونظرا للضجة الإعلامية التي خلقتها تلك الحركات ومن يدعمها بالرغم من أن المجتمع المغربي عرف من قبل العديد من الجرائم التي تخترق حميمية الإنسان على وجه العموم والمرأة بشكل خاص،والتي نستنكرها بالمناسبة أشد استنكار، وأكثر من ذلك ندعو إلى إيجاد حل جدري للحد من هذه الظواهر الإجرامية، وذلك عن طريق تشخيص الوضع الاجتماعي بالدرجة الأولى للمجتمع المغربي، لأن أي ظاهرة اجتماعية كانت أو إجرامية لا بد لها من مسببات قبل أن يأتي القانون الذي يضرب بيد من حديد للذي يحاول زعزعة القيم الأخلاقية للمجتمع.
وللحديث عن الفصل 475 من القانون الجنائي الذي تنظم بخصوصه وقفات احتجاجية من أجل تغييره أو إلغائه، والذي يسمح للمغرر بقاصرة أو مختطفها بالزواج بها، لم يفهمه الكثير..، هذا الفصل يتعلق بتغرير قاصرة وليس بجريمة الاغتصاب التي نص عليها المشرع المغربي صراحة في الفصل 486 من القانون الجنائي، وبذلك نكون أمام خلط للأمور، وانعدام التكييف الحقيقي، فجريمة الاغتصاب ليست هي جريمة هتك العرض مثلا ، لأن تعريف جريمة الاغتصاب كما جاء في الفصل 486 من القانون الجنائي والتي أصبح الكل يتغنى بها هي "مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها..."،أي بالقوة وقد قرر لها المشرع عقوبتها انطلاقا من الفصول 486-487-488 من القانون الجنائي في صورته البسيطة الذي لا يقترن فيها بظروف مشددة يفصح عن جسامة الجريمة وخطورة فاعلها،ثم يشدد العقاب بدرجات متفاوتة إذا توفرت بعض الظروف،عكس الفصل 475 الذي لم يذكر فيه المشرع مصطلح الاغتصاب بتاتا،وإنما أشار إلى الاختطاف والتغرير بقاصرة.
هذا لا يعني أنني اتفق مع الفصل 475 أو غيره من الفصول في القانون الجنائي ،إلا أنني أطمح إلى أبعد من ذلك وهو فتح حوار وطني حقيقي يشارك فيه الجميع من أجل مراجعة الواقع وتقييمه بصورة موضوعية، والوقوف مع الذات ومصارحتها قبل القانون، لتثبيت الهوية التي يمكن من خلالها ضبط التوازن المجتمعي والسيطرة على العقد النفسية والجنسية التي جعلتنا في الآونة الأخيرة نسمع عن أشياء يدمي لها القلب في مجتمع إسلامي.
وفي الختام فجريمة الاغتصاب هي أبشع جريمة حيث تتحول فيه الفتاة من ضحية تم الاعتداء عليها إلى مجرمة ومفرطة في عرضها إن هي نطقت، يتوجب الوقوف عندها بشكل جدي بعيدا عن المزايدات السياسية، لأن ظاهرة العنف ضد المرأة أصبحت واقعا نعاينه في مجتمعنا...