دور الزوايا في خدمة القضايا الوطنية، موضوع الدورة 3 للملتقى الوطني لمعركة سيدي علي ابن إبراهيم
تحت شعار "دور الزوايا في خدمة القضايا الوطنية "وبشراكة مع مجلس جهة بني ملال خنيفرة نظمت جمعية شرفاء الأطلس للتنمية القروية ببني اعياط الدورة الثالثة للملتقى الوطني لمعركة سيدي علي ابن إبراهيم وذلك بالقرب من ضريح الوالي الصالح بدوار "أكرط " بجماعة بني اعياط بإقليم ازيلال.
وملتقى الدورة الثالثة، الذي امتد على مدى ثلاثة أيام وأخذ بعدا وطنيا، تتبع أشغاله رجال تصوف وزهد من الرباط ووادي زم وخريبكة وقلعة السراغنة وأزيلال ..الخ، وحضره وفد متميز من عمالة ازيلال ورئيس المجلس العلمي وممثلي السلطات المحلية ومنتخبين وشيوخ زوايا كبار، تميز بمعرض فني للأستاذ مهدي الطاهري، استعرض فيه أهم صور ملوك الدولة العلوية في لوحات فنية تكشف عن الارتباط التاريخي والوجداني للمغاربة مع ملوك الدولة العلوية، وعن دلالات المقاومة الشرسة مع المستعمر الغاشم وارتباط الشعب المغربي بوحدته الترابية وقد شخص الطاهري هذا التوجه من خلال مجموعة من العملات النقدية والحفريات الصحراوية التي أبهرت الحاضرين بقاعة العرض الذي كان فضاؤه هو الآخر دالا على ارتباط الماضي بالحاضر وعلى صيرورة النضال والتشبث الدائم بأهداب العرش العلوي المجيد .
وقد جاءت مداخلات الباحثين وشيوخ وشرفاء الزوايا بالمغرب خلاله، لتؤكد على هذا المسار الوظيفي لهذه المؤسسات الدينية بالمغرب، والتي من بينهما زاوية سيدي علي بن إبراهيم اللواتي لم يعد دورها يقتصر فقط على الجانب الديني أو الروحي و التشبع بطرائق التعلّم الفقهي والعلمي الخاصة بهذا الشيخ أو ذاك، أو إطعام الطعام وإيواء المشردين والوساطة بين الخصوم وكتابة العقود ، إنما أيضا زيادة على كل هذا، المساهمة إلى جانب باقي المؤسسات الدينية في دعم التربية على الأخلاق الحميدة ، ونشر العلم والمعرفة وتحفيز الأجيال على شق طريقها نحو آفاق واسعة في بحور علوم الدين والفقه والشريعة ، و الدعوة إلى نبذ التخلف والتعصب والالتزام بالاعتدال والوسطية ومحاولة رصد أهداف العقيدة الإسلامية السمحاء برؤية تستند على مبدأ الحوار بين الأديان والثقافات.
والأهم من ذلك، يقول البوعزاوي محمد ،رئيس جمعية شرفاء الأطلس للتنمية القروية ببني اعياط للجريدة على هامش الملتقى، إن الزوايا بالمغرب أصبحت تضلع بالإضافة إلى دورها الديني والتحكيمي وتأصيل الموروث الثقافي، وانشغالها العميق بتخليق سلوكيات الفرد وتقويم اعوجاجه، وتطهير النفس من مختلف الشوائب..، بأدوار طلائعية تتجسد أصلا في الدفاع عن قضايا الوطن وعن وحدته الترابية و الدود بكل قوة عن تماسكه الاجتماعي من الغزو الفكري ، وهذا أمر طبيعي يقول المتحدث بحكم الصيرورة التاريخية التي اقتضت من شيوخ الزوايا تحيين أدوارهم وفق ما تطلبه المرحلة، مثلما كان في السابق حيث شاركت الزاوية سيدي علي بن إبراهيم في حشد همم المجاهدين والدعوة إلى الجهاد خصوصا عندما تعرض المغرب لخطر خارجي ، ومعركة الأيام الثلاثة من ابريل 1913( 27/28/29) التي تكبد فيها جيش فرنسا خسائر فادحة خير شاهد على ما نقول يضيف البوعزاوي.
والى جانب هذا، شكل الملتقى مناسبة في غاية الأهمية لمجموعة من الأساتذة الباحثين والأكاديميين، للوقوف اعتمادا على بحوث علمية على مفهوم ووظائف الزاوية في الثقافة المغربية وعلى أهمية مشاييخها ودورهم في استقرار المغرب ، وعلى ريادة المقاومة بجبال الأطلس المتوسط التي كانت تستلهم البعد الجهادي من موروث الزوايا وتستنبط خططها وتوجيهاتها من رجال الدين وعلى رأسهم شيوخ التصوف والزهد . وقد جاءت مداخلات مجموعة من الباحثين لتكشف أهمية هذه الحقبة في تاريخ المغرب، وأهمية زاوية سيدي على بن إبراهيم التي اكتست شهرة واسعة بحكم تموقعها الجغرافي وما حظيت به من احترام سياسي بسبب دعمها لمسلسل الاستقرار بالمغرب آنذاك ، ومساهمتها في نشر الوعي الديني بين القبائل الأمازيغية وبفعل أيضا كاريزما شيخ الزاوية نفسه وموقفه الصارم في مواجهة الاستعمار الغاشم .
وبناء عليه، أشاد المتدخلون (ذ مصطفى فرحات الذي أصدر مجموعة كتب عن المنطقة ، وذ : عادل علاوي و ذ: محمد العروصي و ذ:عبد العزيز ضعيفي..) بدور الندوة المعرفي حيث وصفوها بالمناسبة الهامة التي ترمي إلى التعريف بتاريخ المنطقة الجهادي وبأبطالها الأشاوس الذين واجهوا المدافع بالبندقية خلال مرحلة غزو تادلة من طرف المستعمر الفرنسي . وقد أجمعوا على أن معركة سيدي علي بن إبراهيم تعتبر وبدون شك حلقة تاريخية مهمة في تاريخ المغرب ، سجل فيها مجاهدو المنطقة معركة من اعنف المعارك ضد المستعمر الفرنسي إبان محاولته بسط سيطرته على كافة مناطق المغرب بشهادات فرنسية، وقالوا إن المنطقة وُصفت في كتب ومجلدات التاريخ الفرنسي نفسه بالنقطة الإستراتيجية نظرا لموقعها ومؤهلاتها كما جاء على لسان الكولونيل مانجان قائد الفرقة المتنقلة لتادلة الذي أصيب خلال هذه المعركة.
. أزيلال / حميد رزقي