تقديم
سعيا منا لدعم قضية وحدتنا الترابية في ظل الموقف الأخير لحكومة السويد، ارتأت بوابتنا تسليط الضوء على هذا الموضوع، بفتح حوارات مع مثقفين و مفكرين من مدينة أزيلال، فكان لنا اتصال بالسيدة خديجة برعو مديرة دار الثقافة بأزيلال، و رئيسة مركز تقوية قدرات الشباب بأزيلال، كونها ذات إطلاع ثقافي و سياسي، و نظرا لما توليه من أهمية لقضيتنا الوطنية الأولى، أضف إلى ذلك انفتاحها الدائم و الجيد على الصحافة، السيدة المديرة رحبت بطاقم أزيلال الحرة، و أجرت معنا الحوار التالي:
1 – السيدة المديرة مرحبا بك و نشكرك على تلبية الدعوة و إجراء هذا الحوار ، بداية ما هو ردك حول الموقف المفاجئ لحكومة السويد إزاء الوحدة الترابية لبلادنا؟
بداية أشكركم على هذا الحوار، الذي من شأنه تبادل الرؤى و حشد الهمم لدعم القضية الوطنية الأولى.
كجميع المغاربة الغيورين على وطنهم ووحدته ، أقول بأن هذا التوجه الجديد لحكومة السويد إزاء قضيتنا الوطنية الأولى مجانب للصواب و يدل على عدم الوعي بالمكانة التي تحتلها الصحراء المغربية لدى الشعب المغربي، فالمغرب دولة عريقة ذات تاريخ متجدر ظلت دائما على ارتباط عميق بإفريقيا ،و استرجاع الصحراء المغربية سنة 1975 من الإستعمار الإسباني هو عودة للأصل، كما أن يوم 6 نونبر 1975 يجب أن تدرك حكومة السويد أنه يوم متميز في تاريخ البشرية، فلم يحدث أن استرجعت أي دولة مستعمرة جزء منها بهذه الطريقة الحضارية السلمية، التي أطلق عليها المغفور له الملك الحسن الثاني المسيرة الخضراء، إذ لا يمكن للشعب المغربي الذي استرجع أرضه أن يتنازل عن هذا الحق، و لا يمكن للسويد أيضا أن تملي على المغاربة حدودهم و تاريخهم و أرضهم، فالمملكة المغربية هي أعرق حضارة و تاريخا من الكثير من الدول الأوربية.
2– ألا ترين أن موقف حكومة السويد هو موقف ضد الشرعية الدولية ؟
أجل لأن المغرب عندما تبنى مشروع الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية فقد تم ذلك وفق مقررات الأمم المتحدة، و نال هذا المشروع ثقة و تأييد أغلب القوى الأوربية، إن حكومة السويد بموقفها هذا تعارض الشرعية الدولية و تعارض قرار محكمة العدل الدولية بلاهاي، التي أكدت على أواصر البيعة التي تربط المغاربة القاطنين بالصحراء المغربية ، بيعة بمثابة رابطة تاريخية تثبت مغربية الصحراء و ساكنتها، كما أن موقفها أيضا يعارض توجهات الإتحاد الأوربي و موقفه اتجاه القضية الوطنية.
3– لقد اتفقت كل ردود الفعل العالمية أن هذا الموقف العدائي للحزب الإشتراكي الحاكم بالسويد سينسف كل جهود السلام بالمنطقة و سيؤجج – إن استمر – بوادر الإنفصال و الإنفلات الأمني، ما هو رأيكم في هذا الشأن ؟
نعم ف ٌاستكهولم ٌ بطرحها الانفصالي هذا لم تدرك مقدار الضرر الذي سيلحق السلم في إفريقيا، و اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية سيشعل فتيل التوتر بمنطقة الساحل و الصحراء، و سيزيد و ضعية حقوق الإنسان تعقيدا خاصة ضحايا القمع و التعذيب في مخيمات البوليزاريو، و سيؤدي إلى انفلات الأمن في المنطقة بل و سيكون هناك تأثير سلبي على دول شمال حوض البحر الأبيض المتوسط بأكملها.
4– إن استوكهولم ما فتأت تدعو إلى دعم السلم و الإستقرار في العالم و هي عضو في الإتحاد الأوربي و اليوم تفاجئنا بهذا التوجه غير المنطقي ، ألا ترون أنها تتناقض في مواقفها السياسية؟
بكل تأكيد، فدول الإتحاد الأوربي تسعى جاهدة للقضاء على الإرهاب و تدعو إلى استتباب الأمن و احترام حقوق الإنسان في دول العالم، و اليوم ينادي عضو فيها بتزكية أطروحة الانفصال مما يوقعها في تناقض صارخ و تناف كبير مع دستورها و ديمقراطيتها و سياسة الحياد التي تتبناها.
5– إزاء ما يحدث، تعالت النداءات بتعزيز دور الدبلوماسية و تفعيل دور الأحزاب السياسية ، ما رأيكم؟
أنا لن أركز هنا على دور الدبلوماسية الرسمية أو المدنية، لأنه من البديهي أن يتم تعبئتهما معا من أجل الحوار و التواصل مع الجهات السياسية السويدية، كما أن هناك تحركا كبيرا لكل فعاليات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية و الإعلام و كل المؤسسات ....و لعل المسيرة التي نظمت نهاية الأسبوع الماضي في الرباط، و التي فاق عدد المشاركين فيها 40.000 ( أربعون ألف) مشارك تجمعوا أمام مقر سفارة السويد للتعبير عن رفضهم لموقف المملكة السويدية خير دليل على هذه التعبئة، و إنما أريد أن أركز على ضرورة بث وعي لدى المجتمع المدني في كل الدول الإسكندنافية، و الذي يجهل تاريخ و حقيقة الصحراء المغربية و جوهر النزاع، و كل تجلياته و معطياته، و عندما تتوضح الرؤيا للمجتمع المدني السويدي، فهو من سيوضح لحكومته صواب رؤية و مسار الشعب المغربي الذي يكن لشعب السويد كل التقدير و الاحترام.
6– إن حكومة السويد ذهبت إلى أبعد من هذا، حيث بدأت تلوح بحرب اقتصادية ضد المغرب، بدعوتها مقاطعة الشركات المغربية و المنتوجات المغربية ذات المنشأ الصحراوي، كيف يبدو لكم هذا التوجه غير المعقول؟
إن دعت ستوكهولم إلى هذه المقاطعة رسميا فهي الخاسرة، حيث تشير آخر الإحصائيات أن الواردات المغربية من السويد بلغت 3.55 مليار درهم سنة 2013 مسجلة بذلك انخفاضا يقدر ب 17 في المائة، كما أنها لن تستطيع غزو السوق القارية إلا عبر المغرب، أضف إلى ذلك أن رجال الأعمال السويديين بدؤوا يتخوفون من ردة فعل المغرب إن هو قاطع المنتوجات السويدية.
7– أخيرا.. ما هي رسالتكم للحكومة السويدية ؟
ندعو الحكومة السويدية إلى مراجعة موقفها و احترام الشرعية الدولية و احترام إرادة الصحراويين المغاربة، فهم يعيشون اليوم في أمان و سلام متمتعين بكافة الحقوق السياسية و المدنية و الاجتماعية و الثقافية...و يساهمون في إرساء ديمقراطية متميزة في إطار الجهوية الموسعة التي أقرها الدستور الجديد، ندعو السويد إلى احترام 250 سنة من التاريخ و العلاقات العريقة القائمة بينها و بين المغرب....ندعوها أن تساعدنا في إقناع جيراننا بضرورة بناء إفريقيا السلام، إفريقيا المستقبل التي يتحمل الاستعمار الكثير من المسؤولية فيما تعيشه اليوم. كما أريد أن أضيف بأن ساكنة أزيلال التي أدانت التدخلات الاستعمارية في المغرب و التي شارك سكانها بكثافة في المسيرة الخضراء ينقلون إلى الحكومة السويدية استعدادهم للدفاع عن مكاسب المملكة المغربية ووحدة أراضيها، و قد شاركت هذه الساكنة أيضا في المسيرة التي نظمت يوم الأحد 4 أكتوبر قبالة مقر سفارة السويد بالرباط.
8– في ظل ما تم استعراضه، و باعتباركم مشرفين على مؤسسة ثقافية تستقبل جيل الشباب، كيف تعملون على تحسيس الناشئة بأهمية وحدتهم الترابية ؟
إن أنشطة دار الثقافة لا تخلو سنويا من برامج خاصة بذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، حيث يتم في هذه المناسبة عرض أشرطة وثائقية و تنظيم ورشات تحسيسية و مسابقات ثقافية حول تاريخ المغرب.
هذه السنة ستنظم المؤسسة محاضرات للناشئة و التلاميذ عن التاريخ المشترك للسويد و المغرب، و الذي يرجع لسنة 1763 تاريخ توقيع اتفاقية التجارة و الملاحة التي منحت الحماية للسفن السويدية، و الهدف هو التذكير بأن المغرب كان سباقا لضمان السلم و الحماية و التعايش و احترام المواثيق الدولية، و لم يحذ عنها يوما.
أزيلال الحرة