لعبة كرة القدم و سطوة إمبراطورية الفيفا
تعتبر كرة القدم من الرياضات القديمة ذات الشهرة والشعبية العالمية ،إذ وصل صيتها إلى أبعد أصقاع وأمصار بقاع العالم، إذ سلبت قلوب وعقول مختلف شرائح المجتمعات من فقراء وأغنياء ،شبابا وكهولا نساء ورجالا وأطفالا،فقد وحدت قلوب المعجبين باللعبة وشحنت هممهم بالروح الوطنية لألوان الفريق الوطني أو الفريق المحلي أو الدولي بالفنان الموهوب،و صارت متغلغلة يوما بعد يوم في مجالات المال و الأعمال والإستشهار و الاقتصاد والإعلام ، تتحكم في ميكانيزماتها مؤسسة دولية يعلو صوتها ولا يعلا عليه إنها إمبراطورية الفيفا. لقد وصل الإعجاب بهذه اللعبة إلى أقصى مداه ،لحد الجنون والعشق القاتل الممنوع،بحيث غالبا ما يلاحظ إندفاع قوي ومشاداة كلامية وجسدية بين أقطاب مشجعي الفريقين ذاخل ميادين الملاعب ،وقد وصل حد هذا الولع باللعبة والجنون حتى إلى فضاءات المقاهي والنوادي والبيوت فتكسرت بسببها شاشات التلفزة ودقت أعناق وسقطت أرواح.
فاليوم وليس كأي وقت مضى تستطيع أن تتفرج على جميع المباريات الدولية والإقليمية والمحلية وبجودة عالية وعلى شاشة لوحة مسطحة آية في التصميم والرونق ،وبمجرد ضغطة إبهام على آلة التحكم أو الهاتف الخلوي النقال ،لتجد في بضعة تواني منتوج الفيفا بين يديك أي "كرة القدم" وعند تسجيل هدف فإن الهتافات تتعالى من كل صوب وحذب، وتتعطل لغة الحياة في الشوارع والأزقة وحتى في المرافق اليومية، فيختلط الفرح، والحزن، والنشوة، والتأسف، هنا وهناك بين الفريقين المتنافسين.
لقد صارت لعبة كرة القدم اليوم بإمتياز متذاخلة في السياسة والإقتصاد بحيث صارت الفيفا تمنح حق بث المباريات بملايين الدولارات لمن تشاء وتحرم من تبث في حقهم الفساد "الرشوة"من حق اللإستشهار والإستفادة من عائدات البث التلفزي كما وقع حديثا مع دولة من أمريكا الجنوبية لضلوع ممثليها في الإتحاد الدولي لكرة القدم في أكبر فضيحة تعرفها الفيفا،وجاء ذلك تزامنا مع تعيين الرئيس الجديد للفيفا الذي ما فتئ يستجدي الأعضاء ليضل على رأس الفيفا ويتلذذ بشهرتها واعدا المصوتين عليه أنه سيتسلق الجبل من جديد معترفا بالفضيحة المدوية داخل جسد الفيفا ،وكأنه سيشرب حليب السباع أو سيقذف برجل رونالدو أو ميسي حتى يصل لسفح الجبل ،فالشعور بعظمة المؤسسة ينتابك وأنت ترى الكونغريس الذي يحكمها والقوانين التي تؤطرها وصرامة التنظيم الذي يميزها إنها فعلا إمبراطورية السياسة والدهاء الرياضي وعرين الأقوياء.
فاليوم أضحت إحترافية ممارسي كرة القدم في مختلف بلدان العالم ،والنجومية التي أصبحو يتميزون بها كحبل الوريد الذي يقوي الفيفا ويزيد من جبروتها وسيطرتها ،حيث أن النجومية تجلب معها المذاخيل المادية للفيفا التي لا تقدر ولا تحصى ،وقد إعترف بذلك رئيسها واعدا بجعل لاعب كرة القدم فوق هرم الجامعة الدولية وهذا إعتراف صريح بالتقصير في حقوق لاعبي كرة القدم ،من صفقات تتعلق بهم من خلال مشوارهم الرياضي,أو من عائدات اللإستشهار والصناعة التكنولوجية الرقمية الرياضية،ومستخلصات الشركات الدولية المتعددة الجنسيات المتحكمة في اللعبة .وما زالت انتظارات الدول التي وصلت في رياضة كرة القدم إلى أدنى مستوياتها من غياب للملاعب المستوفية للمقاييس الدولية إلى المنافسات التي تفتقر لأبسط شروط الرياضة في دول محور الفيفا ثم إلى غياب الفرجة واللاعب الموهوب العصامي الساحر إلى إنعدام اليقظة والوسائل التقنية والتكنولوجية لمواجهة غضب الطبيعة بالملاعب الرياضية كما حصل حديثا بالمغرب،فهل فعلا ستأخذ الوعود على صفة الجد والنهوض بمحبوبة الجماهير على نطاق واسع وعالمي أم أن الموهبة وروح الإبتكار والتطوير بميادين كرة القدم وكذلك الإحتضان والتنظيم سيظل مقتصرا على دول الأعضاء بالفيفا ومن يسير في فلكهم.
عبد العزيز الناوي