|
|
تقييم حصيلة الحكومة المغربية بعد 100 يوم من تعيينها
أضيف في 21 يناير 2022 الساعة 54 : 14
تقييم حصيلة الحكومة المغربية بعد 100 يوم من تعيينها
المنظمة الديمقراطية للشغل
علي لطفي / المكتب التنفيذي
حول تقييم حصيلة 100 يوم الأولى من عمر الحكومة المغربية برئاسة السيد عزيز أخنوش، الذي يقود ائتلاف حكومي بثلاثة احزاب متقاربة على المستوى الخطاب السياسي والايديولوجي من حيث تبنيها لليبرالية الاجتماعية او الديمقراطية الاجتماعية: حزب التجمع الوطني للاحرار وحزب الاصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال.
"ارادة سياسية في التغيير امام ركود اقتصادي وعجز اجتماعي كبير وضعف الامكانيات والنتيجة حصيلة متواضعة"
قد لا يجادل احد في ان حكومة السيد عزيز أخنوش ، تسلمت زمام أمور تدبير الشان العام بحصيلة اقتصادية واجتماعية وثقافية ثقيلة، مطبوعة بمجموعة من الاختلالات البنيوية والهيكلية ، وثقل المديوية الداخلية والخارجية وخدمة الدين التي تسبّبت في استنزاف مقدّرات الوطن واعاقة صموده في وجه التحدّيات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة، تترجمها الارتفاعات في مؤشرات ومعدلات الفقر والبطالة، وتفاقم وضعية الأسر المغربية، وانهيار قدراتها الشرائية، وتراجع المستوى المعيشي للمواطنين، كما جاء في التقرير الاخير للمندوبية السامية للتخطيط ، نتيجة ارتفاع معدل التضخم واسعار المواد الغذائية الاساسية وأسعار الخدمات الاجتماعية ، وارتفاع مديونية الاسر المغربية واغرقها في مستتقع الديون “الكريديات ” التي تمتص ازيد من 50 في المائة من دخلها الشهري. وعجز وخصاص كبير على مستوى التوزيع المجالي الترابي للبنيات التحتية والخدمات الاساسية والاجتماعية.
عوامل مجتمعة زادت في اتساع فجوة التفاوتات والفوارق الطبقية والمجالية، و تدحرج الطبقة الوسطى الى الاسفل، علاوة على ضعف الحماية الاجتماعية التي لم تتجاوز 46 %، وتراجع وتدهور المدرسة العمومية وضعف جودة العملية التعليمية، وانهيار المستشفيات العمومية هذا طبعا في ظل استمرار الضغط لجائحة كوفيد -19 على مختلف مناحي الحياة وما خلفته ولاتزال من اثار و تداعيات اجتماعية واقتصادية وخيمة.
ففي سياق تقييم الأداء الحكومي ، ليس من السهل القيام بتقييم موضوعي لأداء الحكومة الجديدة وحصيلتها في 100 يوم فقط. فهي مدة غير كافية للحديث عن تقييم شامل شفاف وبمؤشرات علمية وذات مصداقية، كما ان اغلب الخطط والاستراتيجيات المعلن عنها في التصريح الحكومي لا تزال مجموعة منها مجرد مشاريع أوراش، لم ترى النور بعد، ولم يتم تنزيلها او اجرأتها على ارض الواقع ، وبعضها الاخر بمثابة افكار قيد الدرس و دراسة الجدوى ..
لكن العرف الذي دأبت عليه جميع الدول والمغرب منذ حكومة التناوب في الممارسة السياسية يحتم و يقتضي القيام بتقييم حصيلة 100يوم ، بما فيه التوجهات والمخططات العامة والمقاربات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعتمدة ، واولويات الإصلاح والتغيير.
فتقييم الأداء الحكومي بهدف الوقوف على بعض المؤشرات الإيجابية والنقط السلبية، في هده المدة، ومدى التزام الحكومة بتفعيل الوعود الواردة في برنامجها الحكومي، ورصد الرغبة والعزيمة والإرادة السياسية لدى صناع القرار الحكومي في احداث تغييرات جدرية وايجابية لتجاوز الأزمة الشاملة التي راكمها المغرب في ظل الحكومة السابقة والمعوقات التي تعترضها و تقييم قدراتها على تنفيذ الالتزامات والمخططات المعلن عنها في التصريح الحكومي، ومصادر تمويلها واليات تتفيذها. فعلى مستوى تدبير الأزمة الصحية والإنسانية المتمثلة في جائحة كوفيد-19 -، لم نشهد في الواقع تغييرات على مستوى منهجية التدبير وطرق تنزيل القرارات المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية، لقد واصلت الحكومة اتباع نفس المنهجية دون التفكير في تقييم التجربة السابقة ونتائجها بسلبياتها وايجابياتها و لنقف على نقط الضعف والقوة ، لتعزيز اليات المواجهة دون المساس بالحقوق والحريات الاساسية ....والتقليل من تداعياتها على الاقتصاد الوطني، لكن الملاحظ ان اغلب القرارات الصادرة عن حكومة عزيز اخنوش، كانت متسرعة و مرتجلة، ومؤلمة احيانا حيث تم فرضها على الموطنين بطريقة عشوائية ودون سابق اندار، ودون تعليل للقرار، وظلت المرجعية الرئيسية لصناع القرار السياسي هي اللجنة العلمية والتقنية المجهولة التكوين، هذا فضلا عن تضارب تصريحات صناع القرار السياسي( الحكومة والقرار العلمي -اللجنة العلمية والتقنية ) فغاب القرار السياسي المقنع، وغاب التحليل العلمي ومصادره والتواصل الصحي والبيداغوجي لكسب ثقة المواطن، حيث ظل الغموض سيد الموقف في غياب معطيات علمية افضل، مما سهل فتح الأبواب ل "خبراء وتجار الازمة" لترويج معلومات ومعطيات مضللة والاخبار الكاذبة والمزيفة وخرافات الطب الشعبي عبر وسائط التواصل الاجتماعي في غياب استراتيجية اعلامية تواصلية للمواجهة، هذا علاوة على قرار الاغلاق الشامل وما كان لها من انعكاسات سلبية على قطاعات ذات اهمية في تنمية الاقتصاد الوطني كالسياحة التي تمتل 7في المائة من الدخل الوطني الاجمالي وتشغل ملوني اجير.
اما على المستوى الاقتصادي والمالي، فلم يخرج قانون مالية 2022 عن قاعدة التوازنات الماكرو اقتصادية وظل النظام الضريبي خارج توصيات المناظرة الاولى والثانية، وبعيد عن مفهوم العدالة الضريبية. ودون مستوى انتظارات الاغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية والعمالية والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ولا يرقـــى إلى ترجمة الشعارات المعلنة في التصريح الحكومي، ويفتقر إلى الأجوبة الحقيقية على التحديات المطروحة ولا يجيب على انتظارات الطبقة العاملة المغربية في تحسين اجورها والرفع من قدراتها الشرائية، فضلا عن ان التوقعات تظل رهينة بالتساقطات المطرية علما ان مستوى النمو سيعرف تباطئا سنة2022 مع ارتفاع نسبة التضخم .
كما نسجل على الحكومة اتخادها لمجموعة من القرارات المتسرعة التي تتطلب الاشراك والحوار والانصات وعدم التسرع، وربما الرجوع الى المؤسسة التشريعية لاصدار قوانين او مراسيم جديدة، وتتجلى هذه القرارات المتسرعة في فرض جواز التلقيح، تم تحويله الى الجواز الصحي بطلب من المجلس الوطني لحقوق الانسان، وتسقيف سن التوظيف لولوج المهن التعليمية والتربوية في ثلاثين سنة، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الاستهلاكية وترك شركات التدبير المفوض دون مراقبة في فرض اسعار مرتفعة للماء والكهرباء ..
فلم تعمل الحكومة الجديدة على اتخاذ اجراءات وتدابير لحماية المستهلك بوقف ارتفاع أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك واسعار المحروقات وخدمات النقل والتجهيزات المنزلية ومواد البناء.
تظل الميزانية المخصصة للمنظومة الصحية ضعيفة في ظل تزايد الحاجيات و متطلبات مشروع اصلاح الشبكة الاستشفائية العمومية وتأهيلها للمنافسة مع القطاع الخاص الذي اضحى يستحوذ على 86 % من نفقات صناديق التامين الصحي، وضرورة تحقيق العدالة الصحية المجالية في اطار تعميم التأمين الاجباري الاساسي عن المرض.
*استمرار القلق والاستياء وسط الطبقة العاملة بخصوص عدد من الملفات المزمنة، والتزامات الحكومة بالزيادة في الأجور ومراجعة الانظمة الاساسية وتحقيق العدالة الأجرية ، واحترام مقتضيات مدونة الشغل.
**التزام احد احزاب الائتلاف الحكومي بمراجعة ملف الاساتذة المتعاقدين وادماجهم في النظام الاساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة ، كما كان هناك التزام احد احزاب الاغلبية ايضا بمراجعة التوقيت الحالي والعودة الى ساعة جرينيتش. ** قلق واستياء من طريقة تدبير الدعم المالي الحكومي بحرمان مجموعة من القطاعات المتضررة من تداعيات جائحة كورونا خاصة في قطاع السياحة. ** ضعف التواصل حول مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو في ما يخص مجموعة من الملفات والقرارات المثيرة للجدل.
** غياب الحوار الاجتماعي المؤسساتي مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بمنظور اخر خارج المقاربة التقليدية العقيمة توقيع اتفاقيات دون تتفيذها.
وفي نفس السياق داته لابد من ان نسجل المجهودات الخيرة التي بدلتها حكومة السيد عزيز اخنوش في ظرف وجيز في 100 يوم من عمرها، رغم الاكراهات والتحديات وثقل المسؤولية في ظل الجائحة ، ندكر منها اساسا :
على المستوى السياسي تحقيق تنسيق وانسجام حكومي بتوقيع ميثاق للاغلبية، لتفادي ما سقطت فيه الحكومة السابقة، من اختلافات وصراعات اثرت بشكل سيء على الاداء والسرعة في التنفيذ، وعطلت عجلة انجاز عدد من المشاريع الاستثمارية المبرمجة.
كما صادق البرلمان المغربي على التصريح الحكومي وعلى القانون المالي لسنة 2022 ، وهي مكاسب مهمة ومشجعة للتدبير الأسلم والناجع، في وضعية مريحة لاغلبية متجانسة بغرفتي البرلمان.
وعلى مستوى العلاقات الخارجية، لوحظ حضور سياسي دبلوماسي وازن في الدفاع عن القضية الوطنية في المحافل الدولية بجراة سياسية غير معهودة، في مواجهة اعداء وحدتنا الترابية كاولوية وطنية.
ثالثا، نجاح الحكومة في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بمواصلة تنزيل المشروع الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، وفق الأجندة المرسومة لها وفي الآجال المحددة لذلك وتعبئة الموارد المالية لتنفيذها، بدءا بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنهاية سنة 2022. وتحقيق التغطية الصحية لأزيد من 11 مليون مغربي، وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم. كما ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود.
رابعا: الشروع في تنزيل السجل الاجتماعي وتفعيل القانون رقم 18. 72، والذي يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات.
خامسا : تشجيع الاستثمار بالمصادقة على مجموعة من المشاريع الاستتمارية والاتفاقيات. سادسا: اداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الشركات والمقاولات المغربية، مما كان له أثر إيجابي على وضعيتها المالية، الاستمرار في تعويض المتضررين من تداعيات الجائحة خاصة بعض المقاولات واجراء القطاع الخاص المسجلون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
سابعا ؛ تخصيص 2.25 مليار درهم لإطلاق برنامج أوراش، وَهُوَ برنامج حكومي يروم تَوْفِير 250 ألف فرصة شغل لِفَائِدَةِ الأشخاص غير المتعلمين وغير الحاصلين عَلَى شهادات تعليمية
توصيات المنظمة الديمقراطية للشغل: **فتح ابواب الحوار الاجتماعي المؤسساتي باصدار قانون للحوار الاجتماعي وتنزيل المادة الثامن من الدستور المتعلقة بتنظيم الحقل النقابي وشروط ومعايير التمتيلية النقابية ومراقبة تمويل النقابات.
** تنفيذ الإصلاحات الضريبية والحد من الريع والامتيازات الضريبية غير مبررة اقتصاديا واجتماعيا، لضمان تملك الدولة للوسائل اللازمة لتأمين الخدمات الأساسية ومعالجة الفقر واللامساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية. **الإصلاح الضريبي شرطٌ أساسي لبناء الدولةالاجتماعية وبناء عقد اجتماعي جديد قوامه العدالة الاجتماعية, والتفاعل مع التطورات التكنلوجية والرقمنة.
*** إعادة النهوض بالسياسات للعمومية وتأهيل الاقتصاد الوطني وفق مقاربة الدولة الاجتماعية من خلال معالجة التفاوتات الحادة في توزيع الثروات و المداخيل والتخفيف من الأضرار التي تسببت فيها جائحة كورونا ، وتنزيل ميثاق النموذج التنموي الجديد يقطع تدريجيا مع النيوليبرالية المتوحشة ليتّجه نحو الدولة الاجتماعية والسيادة الوطنية.
** إجراء إصلاحات هيكلية تؤدّي إلى تعزيز الشفافية والاستقرار المالي، فضلًا عن الحد من الفساد والريع واقتصاد الامتيازات والتهرّب الضريبي. **فرض ضريبة على الثروة من أجل تمويل عمليات الاجتماعية الضرورية.
**محاربة السكن غير اللائق ومراقبة تدبير الوكالات الحضرية وتامين السكن الإجتماعي بتكلفته الحقيقية وفق القدرة الشرائية وباقل من 120 الف درهم. ** تحقيق العدل والمساواة وحماية حقوق الانسان وحقوق العمل، والاسراع بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم ووضع برامج التحفيز الاقتصادي والتوظيف في اسلاك الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية لحملة الشهادات الجامعية.
**الرفع من الاجور الموظفين والعمال وتحسين ظروف وشروط العمل اللائق والحفاظ الامن الاستراتيجي الغذائي والدوائي وعلى استمرار تدفق الإمدادات الغذائية ، بإعادة هيكلة القطاع الفلاحي والحفاظ على الثروة المائية والبيئة، وتعزيز وتقوية مجال الثقافة والفن والرياضة، وحماية الطفولة والشباب وضمان حقوقها والاستتمار في العنصر البشري.
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|