إقليم أزيلال.. حفاظا على منتزه دولي بجبال الأطلس
منذ شهر مارس من السنة الجارية والمواطنون بقرية بني عياط التابعة لاقليم أزيلال يبدلون كل ما في وسعهم لكي لا يرى النور مشروع مطرح للنفايات فوق أرض جبلية تدعى أيت املول، وهي قريبة من قرية بني عياط والتي لها حدود جغرافية مع أول منتزه جيولوجي مصنف دوليا من طرف منظمة اليونسكو التابعة لهيئة الامم المتحدة.
في بحر هذا الاسبوع , وموازاة مع الشكايات التي تقدمت بها ثلة من الجمعيات والمواطنين الذي يعملون تحت مظلة ما يسمى بالتنسيقية الاقليمية لمناهضة مشروع مطرح الازبال بني عياط الى السلطات المغربية بما فيها عامل الاقليم ووالي الجهة ووزارة الداخلية والمسؤول عن جيوبارك الدولي بالمغرب،- موازاة مع هذه الشكايات- أقدمت شريحة من الجالية المغربية المقيمة خارج المغرب والمنحدرة من المنطقة المتضررة بالمغرب قرية بني عياط ونواحيها، أقدمت على تقديم شكاية الى سفير المغرب بفرنسا, وكذلك الى مكتب اليونسكو الكائن بباريس بصفته المشرف على المنتزهات الدولية, وشكاية الى مجلس الجالية الكائن بالرباط مع وثيقة تحمل توقيعات أكثر من 230 شخص كلهم ينددون باٍنشاء مطرح للنفايات بالمكان المذكور, مخافة من تفشي الامراض وتلوث الطبيعة, خاصة وأن المنطقة جبلية بامتياز ومطلة على ما يسمى ب جيوبارك مكون وهو منتزه دولي بشهادة الخبراء في اليونسكو في مجال الجيولوجيا وعلم الاثار.
وبهذا تكون الجالية المغربية المنحدرة من اقليم أزيلال قد زاولت الدبلوماسية الموازية بمفهومها الكبير والرامي الى مواكبة تطلعات الساكنة بذات الاقليم, والتي تطمح الى تحقيق تنمية مستدامة وتقليص الفوارق المجالية.
جدير بالذكر ان المنطقة جبلية وأن سكانها يعتمدون في نشاطهم الاقتصادي على الزراعة المعيشية وتربية المواشي وتربية النحل والاعمال الموسمية والتي لها علاقة بالفلاحة, كما تعتز المنطقة بالإنخراط الدائم في التجنيد العسكري حيث يلجأ أبناء المنطقة الى ولوج مركز التداريب العسكرية بقصبة تادلة, أو الى البحث عن العمل خارج أرض الوطن.
ورغم تواجد عدد من أبناء المنطقة في دول أوربية مختلفة, فاٍن قرية بني عياط لا زالت تحتاج الى عناية كبيرة جراء التهميش الذي تعاني منه في مختلف المجالات.
قد يكون ربما مشروع مطرح النفايات الذي قيل عنه الكثير وتناولته مواقع الكترونية مختلفة بداية لمراجعة كثير من الامور التي ليست على ما يرام, تهيئ الجماعة بالصرف الصحي مثلا, وتزفيت الازقة ومراجعة الانارة العامة وتشييد حدائق للترفيه ودور للثقافة وملاعب القرب ونوادي لمساعدة النساء وتقديم الخدمات الاجتماعية, واشراك العمل الجمعوي في التنمية القروية.
مؤخرا منح الدستور المغربي للجهات صلاحيات كثيرة, وفي عام 2011، أدخل المغرب تغييرات قانونية ودستورية لتشجيع الديمقراطية المحلية وضمان مزيد من الحكم الذاتي للسلطات المحلية كجزء من عملية إرساء اللامركزية في البلاد. ومع ذلك، يخيّم الشك حول مدى فعالية تنفيذ هاته التعديلات على أرض الممارسة.
يزخـر العالـم القـروي فـي المغرب بمخـزون كبيـر مـن المـوارد الطبيعيـة الغيـر المسـتغلة بمـا يكفـي. وبالتالـي، فـان المحافظـة علـى هـذه المـوارد والنهـوض بها أصبحـت ضـرورة ملحـة اليـوم تفـرض علـى صنـاع القـرار وعلـى الفاعليـن فـي المجتمـع المدنـي اعتمـاد رؤيـة ّ جديـدة وتدبيـر عقلاني جيد .
إن التدبيـر المسـتدام يضع التنمية في المغرب من ضمن الاولويات للمـوارد الطبيعيـة رغم أنه يواجه عدد مـن الاكراهـات ً المرتبطـة أساسا بالتغيـرات المناخيـة والتـي باتـت تهـدد ّ المنظومـات الغذائيـة والتنميـة البشـرية.
يتعلـق الامر هنا بالجفـاف المتكـرر, وتلـو ث المـوارد المائيـة, ولذا يتعيـن حمايـة وتثميـن المـوارد الطبيعية خاصة التي تشتمل على الايكولوجيـة ذات القيمـة العليـا في العالم القروي.
تنمية العالم القروي تتطلب تعزيزا كبيرا للحكامة المجالية حيث يظل البعد الجهـوي قليـل الاهتمـام بالتباين المجالـي والاسـتراتيجي والـذي يفتقد الى مقاربة تشاركية لتحقيق التنميـة القرويـة الشاملة.
محمد بونوار
كاتب مغربي مقيم بالمانيا