|
|
لماذا الحرمان من حق الترقي خارج السلم؟
أضيف في 04 يناير 2020 الساعة 36 : 21
لماذا الحرمان من حق الترقي خارج السلم؟
سؤال يتردد صداه على امتداد خريطة الوطن على لسان قرابة مائة وثمانين ألف إطار تربوي بالسلكين الابتدائي والإعدادي. فقضية المقصيين من خارج السلم، تتدحرج و تكبر ككرة ثلج، ولا تزال التنسيقيات الإقليمية تتأسس الواحدة تلو الأخرى، مطلبها واحد هو رفع حيف الإقصاء من حق الترقي إلى خارج السلم الذي يطالهم ظلما وعدوانا.
فهل من الضروري إهدار زمن هؤلاء المقصيين و صرف جهودهم في النضال من أجل حقهم المهضوم منذ عقود بدون أي تفسير لحرمانهم؟ فلم لا تبادر الجهات المسئولة للكشف عن حيثياته، حتى "إذا بان السبب بطل العجب"؟ أما في ظل غياب أي تفسير مقنع للحيف الذي يطال الآلاف من أطر التعليم بالابتدائي والإعدادي، فلا يسعهم إلا الالتفاف حول تنسيقياتهم العتيدة، والمضي قدما في نضالهم حتى ينالوا مطلبهم العادل الذي لا غبار على مشروعيته. ف"ما ضاع حق وراءه مُطالب".
السؤال المحير حقيقة، على أي أساس تم التمييز بين الأسلاك التعليمية بهذا الشكل المريع؟ فإذا كان على أوقات العمل، فالابتدائي على رأس القائمة بثلاثين ساعة في الأسبوع، يليه الإعدادي بأربع و عشرين ساعة. و إذا كان على ظروف العمل فلا أعتقد موظفا في أسلاك الوظيفة العمومية ببلادنا، يعاني ما يعانيه أساتذة الابتدائي خاصة غداة تعييناتهم فور تخرجهم فكما كان يقال مجازا "من سَرَّه التعليم ساءه التعيين". فخبرها عند المكتوين بنارها لمّا يُفرض عليهم الاشتغال في ظروف صعبة حيث لا ماء و لا كهرباء ولا طرق ولا وسائل نقل ولا مستوصفات ولا إدارات ولا حتى مراحيض. حياة بدائية بمعنى الكلمة. و مع ذلك تجد الأساتذة والأستاذات يدبرون حالهم، ويتأقلمون مع أوضاعهم المزرية، وينسجون علاقات اجتماعية مع الأهالي وحي على العمل. تضحيات جسام بدون أبسط تعويض على غرار جل باقي موظفي القطاعات الأخرى، ممن لا يتحركون في اتجاهات هذه المناطق النائية إلا بتوفير المواصلات، علاوة على التعويضات المادية و التقديرات المعنوية. أما الأستاذ أقل ما كان يقضيه بمقر عمله خمس سنوات أو أكثر. و حتى عند الانتقال فمعظمهم تستمر معاناتهم بالتنقل اليومي مع ما تعرفه طرقاتنا من مخاطر. و إذا كان على الشواهد فلا أعتقد أن هناك فرقا بين الأسلاك في التوفر عليها. أم أن السبب الأساسي لا هذا ولا ذاك، إنه فقط الاشتغال مع الفئة العمرية الصغيرة؟
ففي الدول المتقدمة التي يحلو لبعض مسؤولينا ادعاء الاقتداء بهم، فالهرم مقلوب تماما، فالاشتغال بهذه المستويات الدنيا ليس بالأمر الهين، لا على مستوى العاملين بها، و لا على مستوى تعويضاتهم المادية و كذا مكانتهم الاجتماعية الراقية. ف"المطرب هو الذي يطرب الصغار" كما يقال. علما فلكل سلك تعليمي إكراهاته وتحدياته.
فهل قدر أساتذة هذا السلك التعليمي أن لا تنتهي معاناتهم؟ ألم يكفهم ما تجرعوه لسنين لما كان يُفرض عليهم التخرج من مراكز التكوين بالسلم الثامن ضدا على قانون الوظيفة العمومية، إذ كانت الإجازة تعادل مباشرة السلم العاشر. كل التوظيفات في القطاعات الأخرى كانت تتم وفق هذا القانون، إلا التعليم بدون لا أثر رجعي ولا تقدمي. وحتى في حال الإدماج بعد سنوات الظلم والحيف لم تكن على قدم المساواة، إذ كانت تتراوح بين أربع و خمس سنوات. إلى الآن لا أحد يعرف على أي أساس كان يتم الميز بين هذا الفوج وذاك.
و الأغرب لما تجد فوجا واحدا نصفه أدمج في سنة وبقي نصفه الآخر إلى السنة الموالية. فهل يعقل أن يكافأ الأساتذة والأستاذات بالإقصاء من الترقي إلى خارج السلم فقط لأنهم يشتغلون بالسلكين الابتدائي والإعدادي، و فيهم من قضى بالسلم الحادي عشر ستة عشر عاما بالتمام والكمال؟ ثم أليست المناسبة مواتية لتصحح النقابات مسارها وتأخذ كتاب هؤلاء المقصيين بالقوة اللازمة حتى ينالوا حقهم المهضوم كاملا غير منقوص، وليس الالتفاف عليه برتب لا تغني ولا تسمن من جوع؟
بقلم بوسلهام عميمر
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|