|
|
مواقف عُرِفَ باتّخاذها الملوكُ العظام والسلاطيـنُ الحكماء
أضيف في 23 نونبر 2018 الساعة 40 : 16
مواقف عُرِفَ باتّخاذها الملوكُ العظام والسلاطيـنُ الحكماء
قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلم: [إذا سمعتُم الحديثَ عنّي، تعْرفه قلوبُكم، وتليـنُ له أشعارُكم وأبْشارُكم، وترون أنه منكم قريبٌ، فأنا أولاكم به.. وإذا سمعتُم الحديثَ عنّي، تُنْكِره قلوبُكم، وتنْفر منه أشعاركُم وأبْشارُكم، وترون أنّه منْكم بعيدٌ، فأنا أبْعدُكم منه]. المرجع: [مسند أحمد]؛ الجزء (05)؛ صفحة (425). أوّلاً يجب أن أعترف أمام القرّاء الأماجد أنّ هذه المقالات البحْثِية، جاءت كنتيجة حتمية ومباشرة لقرارٍ اتّخذه مولانا أميرُ المؤمنين جلالةُ الملك (محمّد السادس) دام له النصر والتمكيـنُ، وهو يعطي انطلاق الدروس الحديثية لإذاعة وقناة (محمّد السادس) التلفزية، والهدف من هذه الدروس، هو التصدي للكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما أذكّر بتعليقٍ لمعالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي قال إنّ هذه الدروس تهدف إلى حماية الدّين، والتصدي للأحاديث المكذوبة والمرفوضة؛ فلا يجوز العبث بالحديث.. ونحن في هذه المقالة المتواضعة، سنعتمد مراجعَ مشهورة، احتوت على مثل هذه الأحاديث الفاحشة، والروايات المتفحّشة في حق النبي عليه الصلاةُ والسلام، وقد تنبّأ بها يوم قال:[كثُرتْ عليَّ الكذّابةُ، وسيكْثرون من بعدي].. وليعْلَم القارئُ الكريم، أنّ بعض هذه المراجع تسمّى [الصحيح]، وكلمةُ (صحيح) هي عنوان للكتاب فقط، وليستْ وصفًا لمحتواه؛ فلا صحيح غيْر ما وردَ في كتاب الله عزّ وجلّ..
و[الصّحاحُ] عند أهل السُّنة ستّة، وهي: [البخاري، ومسلم، وأبو داوود، والترمذي، وابن ماجة، والنّسائي]؛ وعند الشّيعة ثلاثة، وهي: [التّهذيب، والاستبصار، والكافي، ومَن لا يحْضره الفقيه].. وعندنا في المغرب، وهو بلدٌ سُنِّي، يروج في الأوساط (صحيحان)، وهما [صحيح البخاري]، و[صحيح مسلم] إلى جانب [الموطّأ] للإمام (مالِك) الذي نتمذْهب بمذهبه؛ ومعلوم أنّ (الموطَّأ) أُلِّفَ بأمْر من الخليفة [أبو جعفر المنصور الدَّوانيقي] وهو الخليفة الثاني لدولة (العبّاسيين) بعْد مؤسِّس الدولة [أبو العبّاس السّفاح]؛ و[المنصور] لِلْعلم، هو باني مدينة [بغداد] وهي كلمةٌ فارسيةٌ تعْني (هبَة الله).. ونحن في هذه المقالة، سنورد أحاديث، وروايات، ولأسباب وجيهة لن نذكُر عنوانَ المرجع، ولا أرقامَ الأحاديث، لأنّنا لم نتعوّدْ بعد على تقبُّل الحقائق الصّادمة؛ فنحن لم يولدْ بيننا بعْد [ديكارت] ليعلّمَنا كيف نشكّ شكّا منهجيًا في كل ما حوتْهُ بطونُ الكتب؛ كما لا أودُّ أن يظهر على الشاشة أو يُسمَعَ على أمواج الإذاعة مَن كانوا بالأمس يدافعون عن هذه الأحاديث المخْجلة، والرّوايات الفاضحة، وكانوا يفضّلون أن يقْبلوها في حقّ النّبي الكريم، حتى لا يُكذّبوا مَن كتبها، ودوّنها في بطون هذه المجلّدات؛ بل كانوا ينهرون مَن انتقدها، وبرّأ رسولَ الله منها، إلى درجة أنهم اقترحوا محاكمةَ كلِّ مَن استبْشع هذه الروايات،.. كان المنافقون يحْشدون المسلمين الغافلين للتّظاهر في الشوارع احتجاجًا على المسّ بشخص النّبي الكريم، وهم يجهلون أنّ الأصلَ في ذلك هو رواياتٌ موجودة في كتب تراثنا الملغوم، وفي مراجع لا نقرؤُها ولا نتدبّر فحواها ومحتواها.. وقد حرص جلالةُ الملك نصره الله على أن تُراجَعَ هذه الأحاديثُ على ضوء القرآن الكريم، وعلى ضوء أخلاق وسلوك وعِصْمة (محمّد) رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ومن حقّه ذلك، وقد أبان جلالتُه على أنّه من الملوك العظام، ومن السّلاطين الحكماء؛ لا شك في ذلك..
قد يسألني القارئُ الكريم إنْ كان التاريخُ قد ذكَر ملوكًا أقرّوا شيئًا أو منعوه تمشيًا مع أحكام الإسلام، أو اكتشفوا لعلمهِم بالدّين كَذِبَ محدّثين أو علماء منافقين؟ الجواب هو: نعم! وما أكثرهم، ولكنّي سأقتصر على ذكْر مَن سمحتْ لي الفرصةُ، وأنا أقلّب ركامَ المراجع، وهي مهمّةٌ ليست بالسهلة لكثرة الكتب، وغياب العَوْن، وضيْق الوقت؛ فمعذرة للسّادة القراء.. كان [عُمر بن الخطّاب] رضي الله عنه، يضْرب [أبا هريرة] بالدِّرة، لكثرة أحاديثه، فكان يقول له وهو يَنْهره: [كُفَّ عن هُرِّ الحديث؟]؛ ولـمّا مات [عُمر] سألوا [أبا هريرة]: [لو كان عُمَر حيّا، أكنتَ ستُحدّثُ بهذا الحديث؟]؛ فأجاب [أبو هريرة]: [لشَجَّ رأسي].. وهذا الخليفةُ العالمُ [المأمون] كان قد أباح (زواجَ المتعة) لكنّه تراجعَ عن قراره بعدما روَوا له حديثا لرسول الله يحرّمه باعتباره شكلاً من أشكال الزّنى، فالتزم الخليفةُ به.. وهذا الخليفة [المهدي]، قدِمَ عليه عشرة محدّثين من بيْنهم [غيّاث بن إبراهيم]؛ فقيل له: [حدّثْ أميرَ المؤمنين]، وكان [المهدي] يحبّ الحمام.. فحدّثه [غَيّاث]: [عن فلان، عن أبي هريرة، قال رسولُ الله: (لا سَبْقَ إلاّ في حافِرٍ، أو نَصْلٍ، أو جناح)]، فأمر له الخليفةُ بعشرة آلاف درهم؛ فلـمّا قام لينصرف، قال له الخليفةُ: [أشهدُ أنّ قفاكَ، قفَا كذّاب؛ لم يقُلِ النّبيُ في حديثه (أو جناح)، وإنّما استجْلَبْتَ ذلك يا شيخ.] ثم أمر بالحمام فَذُبِحَتْ. وهذا الخليفةُ [سليمان بن عبد الملك] بلغهُ قولُ الشاعر، وكان الشِّعرُ هو صحافة ذلك العصر، وقد أنشد الشاعرُ شعرًا يسْخَرُ فيه من احتكاك الرّجال بالنساء في الطّواف في "مكّة":
يا حبّذَا الموسم مِن مَوْقَف * وَحبّذَا الكعبةَ من مسجدِ
وَحبَّذا اللّائي يزاحمْننا * عند استلام الحجر الأسودِ.
فلمّا بلغهُ قول الشاعر، أمر واليَه [خالد القسْري] على (مكّة) بالتفريق بيْن الرجال والنساء في الطواف.. جاء هذا في كتاب [مُروج الذّهب] للمسعودي؛ جزء (02)؛ صفحة (116).. وهكذا هو الأمْر بالنسبة لجلالة الملك (محمد السادس) نصره الله، الذي أوصى بالتصدّي للكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتوعية الناس بشروط صحّة الأحاديث والروايات، حمايةً للدّين، وتنزيهًا لشخص النبي الكريم من كلّ عَيبٍ وشَيْن، وسيذْكره التاريخُ لجلالة الملك، وقَدِ انفرد بهذا الإجراء الحكيم، وسيُجزيه الله عنه خير الجزاء، وسَيُثْلجُ صَدْرَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثمّ [هَلْ جزاءُ الإحسانِ إلاّ الإحسان] صدق الله العظيم.
بقلم/ فارس محمد
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|