تقارير جطو تهدد وزراء العثماني وبنكيران بالمتابعة القضائية
عرت تقارير جطو، واقع قطاعات حكومية، وكشفت عورات التدبير والتسيير السيئ لمجموعة من المرافق العمومية، ونبهت التقارير، إلى مخاطر التلاعبات في قطاع الصحة، والاختلالات في المراكز الاستشفائية، والخروقات التي همت برامج السكن الاجتماعي، وفشل مجموعة من الخدمات الموجهة للمغاربة، بفعل التسيب في بعض الوظائف وهيمنة التغيب عن العمل والتنصل من المسؤولية في بعض إدارات الدولة، وسوء تدبير الكتلة الأجرية في بعض الإدارات والجماعات الترابية، وغياب الحكامة الجيدة في تدبير ميزانية الدولة، أنجز من خلالها المجلس الأعلى للحسابات، 32 مهمة رقابية في ميادين مراقبة تسيير الأجهزة العمومية وتقييم البرامج العمومية ومراقبة استخدام الأموال العمومية، أسفرت عن إصدار 588 قرارا قضائيا فيما يخص مادة التدقيق والبت في الحسابات و60 قرارا في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
ويهدد التقرير، بسقوط مجموعة من الوزراء سواء في الحكومة الحالية أو السابقة، والإطاحة بعدد من المسؤولين في القطاعات الحكومية، بعدما أسقطت تقارير ادريس جطو، وزير الاقتصاد والمالية في حكومة بنكيران وحكومة العثماني، قبل أن يطيح التقرير بكاتبة الدولة المكلفة بقطاع الماء، حسب ما صرح به سعد الدين العثماني رئيس الحكومة في تبريره لاقتراح حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء وإلحاقها بمديريات وزارة الطاقة والمعادن، وتتجه التقارير إلى تفعيل مبدإ المحاسبة مقابل المسؤولية، وإحالة مجموعة من الاختلالات إلى القضاء، حيث ستكشف التحقيقات القضائية عن مدى تورط الوزراء والمسؤولين الكبار في الخروقات والاختلالات التي رصدتها التقارير.
وتتجه التقارير إلى ملفات قضائية، قد تعصف بمجموعة من المسؤولين بعد الكشف عن أوضاع خطيرة ترتبط بتسيير المال العام في مؤسسات الدولة، وتراكم مجموعة من الأخطاء، التي قد تهدد مسؤولين ووزراء بالمتابعة القضائية، وذلك بعدما تمت إحالة ملفات إلى القضاء من طرف الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، حيث أحيلت أربع قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية على وزير العدل، بعدما نفذت المجالس الجهوية للحسابات، 128 مهمة رقابية تندرج في إطار مراقبة التسيير على مستوى بعض الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية المحلية، وكذا بعض شركات التدبير المفوض، أسفرت عن إصدار 2089 حكما نهائيا في مادة التدقيق والبت في الحسابات و155 حكما في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
ولمحت تقارير جطو، إلى كون المسؤولين عن قطاع الصحة، أكثر المهددين بالمتابعات القضائية، بعدما سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي لسنتي 2016 - 2017، غياب خدمات طبية من المفروض توفرها في المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية التابعة لوزارة الصحة والمسيرة بطريقة مستقلة.
وذكر التقرير أن عمليات مراقبة تسيير هذه المراكز خلصت إلى أن هذه المراكز تعرف عدة مشاكل تتعلق بفوترة خدماتها وبتحصيل مداخيلها، مسجلا، في بعض المراكز الاستشفائية، اختلافا بين الخدمات المفوترة وحجم الأنشطة الطبية والجراحية المسجلة، وعدم تسجيل مصلحة الاستقبال لعدد من الخدمات المقدمة، وكذا عدم فوترتها، وعدم تضمين "استمارة الخدمات" لجميع الخدمات الطبية المقدمة للمريض، وعدم فوترة خدمات المستعجلات، كما تعرف معالجة ملفات الخدمات الاستشفائية وعملية الفوترة تأخرا كبيرا، فضلا عن سوء تدبير لملفات المرضى المؤمنين.
وعلى مستوى منظومة الحكامة، سجل التقرير ملاحظات تتعلق بإحداث وتفعيل هيئات التشاور والدعم، والتي تتمثل في لجنة المؤسسة، ولجنة التتبع والتقييم، ولجنة التسيير، ولجنة محاربة التعفنات المكتسبة بالمستشفى، بالإضافة إلى مجلس الأطباء وجراحي الأسنان والصيادلة، ومجلس الممرضين والممرضات، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه لوحظ عدم إنشاء الهيئات المذكورة أو إحداها في بعض المراكز، أو عدم تفعيلها بمراكز استشفائية أخرى.
وعلى مستوى مسؤولية رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران، سلط المجلس الأعلى للحسابات، الضوء على ثغرات في تدبير حساب "صندوق دعم التماسك الاجتماعي"، وأن مراقبة تسيير هذا الصندوق، الذي بلغت مجموع المداخيل المحولة إليه ما قدره 15.257,00 مليون درهم عن الفترة الممتدة من تاريخ إحداثه سنة 2012 إلى نهاية 2016 مقابل مجموع نفقات يناهز 6.674 ملايين درهم، أسفرت عن تسجيل ملاحظات تهم الحكامة وتدبير برنامج "مليون محفظة" وبرنامج "تيسير" وبرنامج دعم الأشخاص في وضعية إعاقة ونظام المساعدة الطبية "راميد".
وكشف التقرير، أن المجلس لاحظ غياب استراتيجية مندمجة لتفعيل برامج الدعم الاجتماعي، وعدم توفر برمجة متناسقة لموارد الصندوق ونفقاته، وكذا تأخرا في تفعيل خدمات الصندوق خلال سنة 2014، حيث لفت التقرير إلى أن الصندوق راكم رصيدا يناهز 8 ملايير و584 مليون درهم عند نهاية سنة 2016، في حين تعرف كل البرامج الممولة من طرفه عدة اختلالات، ترجع بالأساس إلى ضعف التمويل، مشيرا في هذا الصدد إلى عدم تحصيل جميع المساهمات المتعلقة ببرنامج مليون محفظة وبنظام المساعدة الطبية، إضافة إلى محدودية آليات التتبع والتقييم.
وفيما يخص تدبير برنامج "مليون محفظة"، الذي يهدف إلى تشجيع الإقبال على التمدرس، والحد من الهدر المدرسي، كشف التقرير أن عدد المستفيدين من البرنامج قد ارتفع خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2012 و2016، حيث بلغ هذا العدد ما مجموعه 4 ملايين و13 ألفا و897 تلميذا برسم الموسم الدراسي 2015/2016، لافتا إلى أن المقاربة المعتمدة لتحديد المستفيدين من برنامج "مليون محفظة" ترتكز على المجال الترابي، ولا تراعي المستوى السوسيو- اقتصادي للأسر.
وسجل التقرير ذاته تأخرا في توزيع الأطقم المدرسية مقارنة بتاريخ انطلاق الموسم الدراسي، فضلا عن مشاكل في نظام الإعارة المتمثلة أساسا في غياب أماكن لتخزين الكتب المستعملة، وكذا حالتها المهترئة.
كما لاحظ المجلس عدم احترام العديد من الشركاء لالتزاماتهم المالية المتفق عليها في اتفاقية الشراكة الموقعة بتاريخ 8 شتنبر 2008، مشيرا إلى أنه، على مستوى أجهزة الحكامة، لاحظ المجلس عدم تفعيل لجنة القيادة والتقويم وكذا تداخل الاختصاصات بين الجمعيات التي تم إحداثها والوزارة المكلفة بقطاع التربية الوطنية ومصالحها الخارجية.
وبخصوص تدبير برنامج "تيسير"، الذي انتقل عدد المستفيدين منه من 87 ألفا و795 مستفيدا خلال الموسم الدراسي 2008/2009 إلى 828 ألف مستفيد خلال الموسم الدراسي 2015/2016، لاحظ التقرير غياب آلية لتحديد الفئات المستفيدة بطريقة مباشرة، وكذا إقصاء جماعات ترابية بسبب المقاربة المعتمدة في مجال الاستهداف، إضافة إلى تسجيل قصور في التطبيق المعلوماتي المعتمد.
وعلاقة بتمويل البرنامج، أثار التقرير محدودية الموارد المخصصة للبرنامج، وتأخر صرف المنح المالية للفئات المستفيدة الذي وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من سنة، وكذا غياب إطار تعاقدي لتنفيذ البرنامج.
وعلى مستوى تدبير وزارة التجهيز والنقل، أفاد المجلس الأعلى للحسابات أن مراقبة تدبير مصالح السوقيات والمعدات التابعة لوزارة التجهيز والنقل عرفت تسجيل مجموعة من النقائص، من بينها ضعف الاستغلال الذي لا يتجاوز 20 في المائة، وغياب تقييم الأداء، حيث أبرز المجلس، في تقريره السنوي لسنتي 2016-2017، أن هذا الضعف في استغلال المعدات كان له أثر سلبي على مداخيل مصالح السوقيات بين سنتي 2010 و2015.
وأضاف التقرير أنه رغم الميزانية المهمة المرصودة لنظام مصالح السوقيات والمعدات من طرف الوزارة الوصية، التي بلغت معدلا سنويا يقدر بحوالي 241,8 مليون درهم، إلا أنه لوحظ نقص في تتبع أداء تنفيذ هذه الميزانية.
وعلى مستوى إحداث مصالح نظام السوقيات والمعدات، التي لم تتغير المهام المنوطة بها بشكل جوهري منذ إحداثها سنة 1987، لاحظ المجلس غياب مداخيل أخرى خارج تلك المستخلصة من المديريات الجهوية والإقليمية للتجهيز، ومن خلال فحص مداخيل هاته المصالح، يضيف التقرير، يتضح غياب عقود كراء المعدات لفائدة زبناء غير وزارة التجهيز، مشيرا إلى أن العقود الموقعة بين مصالح السوقيات والمديريات الجهوية والإقليمية ما هي إلا دعامات ميزانياتية لتحويل الاعتمادات المفتوحة بما في ذلك المبالغ المرحلة على المستوى المحاسباتي.
ولاحظ المجلس أيضا أن هذه المصالح تتدخل مباشرة في الصيانة الطرقية بوضع المعدات والآليات رهن إشارة فرق التدخل الإقليمية والجهوية، إلا أن هذا التدخل يعد هامشيا، حيث لا تمثل هذه الأكرية إلا مبلغ 51,66 مليون درهم من أصل 300 مليون درهم المخصصة للصيانة الطرقية.
عن النهار المغربية