تعالت أصوات مطالبة وزراء حكومة بنكيران بالاقتداء بنظرائهم في بلدان أخرى تنازلوا عن جزء مهم من أجورهم لفائدة خزينة الدولة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية على بلدانهم. غير أن المطلب لم يلق تجاوبا من لدن رئيس الحكومة، الذي اعتبر الأمر مسرحية، لأنه لن يحل، برأيه، «مشكل استنزاف صندوق المقاصة». بالمقابل، هدد وزراء في حكومة عبد الإله بنكيران بالكشف عن الرواتب الحقيقية التي كان يتلقاها وزراء حكومة عباس الفاسي ، فضلا عن علاوات وتعويضات مبالغ فيها ومظاهر بذخ فاقت كل الحدود، ما كبد الميزانية العامة خسائر مالية كبيرة.
وقالت مصادر حكومية مقربة من رئيس الحكومة ل «الصباح» إن وزيرا في حكومة عباس الفاسي كان يتقاضى أجرا حقيقيا يزيد عن 30 مليون سنتيم شهريا، عبارة عن أجر صاف وعلاوات وتعويضات مالية من قطاعات تابعة لوزارته وأخرى من صناديق الخزينة العامة، إلى جانب استفادته من شقة تابعة للوزارة فضلا عن السكن الوظيفي وامتيازات أخرى، وشددت المصادر ذاتها على أن عبد الإله بنكيران فضل التريث في الكشف عن هذه الحقائق «الموجعة» التي تدرج في خانة تبذير المال العام، إلى أن يحين وقت ذلك. وأفادت المصادر ذاتها أن وثائق رسمية «تدين» وزراء في حكومة عباس الفاسي تتضمن أرقاما صادمة، حول «ريع» الأجور الخيالية في المرفق العام، حصل عليها بنكيران منذ مدة، وهي قيد الدرس، موضحة في السياق ذاته أن رئيس الحكومة فضل تأجيل الكشف عنها حتى لا ينظر إلى الأمر على أنه ابتزاز سياسي لمكونات في الأغلبية والمعارضة، إلى حين نضج الشروط الموضوعية للكشف عنها، بل منع وزراء في الحكومة من «فضح» هذه التجاوزات المالية الخطيرة حتى لا يتسبب الأمر في حدوث أزمة سياسية داخل الأغلبية وخارجها، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى إحراج قيادات سياسية فضلت التزام «الصمت» في الوقت الحالي بدل الدخول في مواجهات مع وزراء حكومة بنكيران، إلى درجة أن تسريب معطيات دقيقة حول مظاهر تبذير المال العام في أحد اللقاءات الداخلية لحزب العدالة والتنمية من لدن بعض وزرائه، دفع هؤلاء إلى «تكذيبها» بعد ذلك، رغم أن الفريق النيابي للحزب وذراعه النقابي طالبا بالكشف عنها أكثر من مرة للرد على ضربات بعض الجهات في البرلمان، وهو ما دفع بنكيران إلى تفادي كل ما من شأنه أن يحدث رجة سياسية يؤدي الحزب ثمنها من خلال تحرك أياد لإرباك جهود محاربة الفساد التي وعد بها الحزب في حملته الانتخابية، ومن ذلك تأجيل الكشف عن لوائح مقالع الرمال والصيد في أعالي البحار لتفادي أي ردود فعل سلبية من داخل الحكومة وخارجها، كما أوضح بنكيران ذلك في برنامج «ضيف خاص» الذي بثته القناة الأولى والثانية وقناة العيون مساء الأربعاء الماضي.
وكان رئيس الحكومة أكد في معرض جوابه على سؤال يتعلق بإمكانية تنازل الوزراء عن نسبة محددة من أجورهم في ظل الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تجتازها البلاد، «أن الحكومة طرحت مسألة تخفيض أجور الوزراء بنسبة 10 في المائة»، إلا أنه وصف مثل هذا الإجراء بأنه كان سيكون مجرد مسرحية، لأن هناك أجورا يتلقاها مسؤولون في مؤسسات عمومية، على حد قوله، أكبر بكثير من أجور الوزراء ولا يمكن تخفيضها لأن كفاءات أصحابها هي التي تفرضها على الدولة.
متابعة هبة بريس