12 فبراير 1949.. يوم اغتيل الأب الروحي 'للبيجيديين' حسن البنا
لم يكن لجماعة الإخوان المسلمين أن تولد من أساس، ولا باقي الجماعات والأحزاب السياسية الأخرى التي تناسلت في جميع أنحاء الأمة الاسلامية كحزب العدالة والتنمية المغربي لولا ظهور اسم حسن البنا بمصر، هذا الرجل المشهود له بكونه أول من أرسى الدعائم التي انبنى عليها فكر الجماعة، شرع في العمل على نشرها رفقة مريديه بمصر أولاً، في أفق تصديرها إلى باقي أصقاع الأمة يوم قال:” اعلموا أن لكم 25 مليوناً من إخوانكم المنتشرين في خير بقاع افريقيا، على شاطئ بحر العرب، من حدود مصر إلى الدار البيضاء على الأطلس، يستصرخونكم ويهيبون بكم، وينادونكم أن إغضبوا قبل ألا ينفع الغضب !”
التأسيس
بمجرد أن تخرج حسن البنا من دار العلوم سنة 1927، كان قد شرع في نشر “الدعوة” في تجمعات الناس الكبرى بالمقاهي والشوارع، ليعمل بعد ذلك بمؤازرة 6 من أتباعه المخلصين، على تشكيل النواة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 بمدينة الاسماعيلية المصرية، وخلال أقل من 4 سنوات كان البنا قد تمكن من تأسيس عدة فروع للجمعية على امتداد منطقة شرق دلتا النيل، بالإضافة إلى بورسعيد، السويس وأبو صير، حتى بلغ عدد فروع الجمعية 10، ليُصرح كل مرة عبر الصحافة أن الجماعة ليست حزباً سياسياً، بل هي “مجرد صوت أتى من عمق المجتمع ليُذكر الناس بدينهم”، حيث تمكّن منذ ذلك الحين من اختزال المساحة الجغرافية التي تفصله بالمغرب، فقد عرفت سنة 1937 تأسيس شعبتين لجماعته بالمملكة، إحداهما في فاس وكان مندوبها محمد بن علال الفاسي، والأخرى في طنجة وكان مندوبها أحمد بن الصديق.
الدعوة إلى العنف
ما إن استشعرت حركة الإخوان المسلمين قوتها على الأرض، لاسيما حين ازداد عدد مريديها حتى راوح بضعة آلاف توزعوا على مناطق متفرقة من مصر، حتى دخلت في صراع مع السلطة، ليُلوح حسن البنا ساعتئذ بشعار “تكفير الحاكم، الحكم بجاهلية المجتمع، و الدعوة لتغيير النظام”، حيث أتى في احدى رسائله: “الإخوان المسلمون يعلمون أن أول مراتب القوة هى قوة العقيدة والإيمان، ثم تليها قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدها قوة الساعد والسلاح لتسعى أجهزة الأمن إلى اعتقال بعض قياديي الجماعة ومداهمة اجتماعاتها سعياً إلى كسر شوكتها، غير أنه بشروعها في اعتماد أسلوب الاغتيالات السياسية، وضعها هذا الأمر في مواجهة مباشرة مع السلطة، أدى إلى إدخال الطرفين في دوامة من العنف، كانت عملية اغتيال الجماعة للقاضي أحمد الخازندار هي الشرارة الفعلية التي دفعت برآسة الوزراء إلى الاعلان رسمياً شهر دجنبر 1948 عن حل جماعة الإخوان المسلمين، مصادرة كل ممتلكاتها، وكذا اعتقال قيادييها.
تم اعتقال حسن البنا كغيره من الأعضاء البارزين للجماعة، غير أنه سرعان ما أطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ضده، لتترصده بعد ذلك عيون خفية تمكنت يوم 12 فبراير 1949 من النيل منه، حيث تم إطلاق الرصاص عليه من طرف مجهولين فروا في سيارة مسرعة.
حسين عصيد