في ظل المناورات التي لا تنتهي من قبل خصوم المغرب تعتبر العودة إلى الاتحاد الإفريقي، الذي غادره المغرب سنة 1984 عقب الانحرافات التي عرفها، إنجازا تاريخيا مختلفا عن كل المنجزات، خصوصا إذا علمنا أن هذه العودة كانت بشبه إجماع، أي أغلبية الأعضاء صوتت لصالح المغرب في حين الباقي لم يصوتوا ضده حيث امتنع عشرة عن التصويت ولم يشارك أربعة في العملية أصلا خوفا من الإحراج القاري، بما يعني أن عودة المغرب إلى حضنه الطبيعي تم بإجماع الدول الفاعلة في القارة السمراء.
ومن دلالات عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي أن الديبلوماسية الصبورة دائما تحقق نتائج إيجابية أكثر من المتوقع. فالمغرب عضو مؤسس في الاتحاد الإفريقي يوم كانت أغلب الدول ما زالت تئن تحت نير الاستعمار البغيض، وساهم في دعم حركات التحرر الوطني الإفريقي، لكن التحولات التي عرفتها القارة ووصول أنظمة فاشية ومرتشية إلى الحكم في كثير من الدول منح الجزائر فرصة للتغلغل المغشوش داخل القارة.
وقد صبر المغرب على الضيم وعلى الغدر ومارس ديبلوماسية هادئة إلى أن تمكن من إيقاظ الوعي لدى الأشقاء الأفارقة، وهي العملية التي أثمرت عودة المغرب دون شروط إلى الاتحاد الإفريقي، حيث كانت الجزائر وجنوب إفريقيا والصنيعة البوليساريو تسعى لوضع شروط أمام المغرب من قبيل الاعتراف بالحدود الجغرافية من أجل إحراج المغرب فيما يخص الجمهورية الافتراضية للمرتزقة التي لا توجد فوق الأرض ولكن في فضاء الرشاوى الجزائرية.
لقد اتخذت الجزائر من البوليساريو أداة وظيفية لتقديم الرشاوى لبعض الأنظمة الهشة والضعيفة، وكان رؤساؤها يصوتون لفائدتها نظير ما يحصلون عليه من أموال تقدمها بالواسطة نيابة عن الجزائر، التي لا تريد أن ترى جارا قويا في شمال إفريقيا.
هذه المؤامرة امتدت لأكثر من ثلاثين سنة أي منذ غادر المغرب المنظمة القارية، ولم تصمد إلا بوجود أنظمة ضعيفة وهشة، لكن هذا البناء، الذي كان أصحابه يعتقدون أنه صلبا، لم يصمد أمام ستة أشهر من العمل الديبلوماسي المتواصل لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي قام بحوالي 43 زيارة للدول الإفريقية منذ توليه العرش، حاملا شعارا واحدا هو التعاون جنوب جنوب وكفى من نهب القارة الإفريقية وإنهاك ثرواتها وخيراتها، فاستيقظ الوعي الإفريقي على صوت يدعو للتحرر الاقتصادي بعد صوت جده محمد الخامس الذي حمل رسالة التحرر السياسي.
لم يكن المغرب هو من استبق الطلب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي لكن الأصدقاء في القارة، هم الذين طلبوا منه العودة إلى المنظمة القارية، وهنا يستعيد زعماء القارة ما قاله المرحوم الحاج عمر بونغو، رئيس الغابون السابق، الذي قال حين انسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، بانسحاب المغرب نكون قد فقدنا عضوا فاعلا ومدافعا شرسا عن القارة السمراء.
بوحدو التودغي