التغلغل التركي يتجذر في السوق المغربية.. أبعاده السياسية وأرقامه الاقتصادية
لطالما اعتبر الأتراك أن السوق العربية ومن ضمنها المغرب هي سوق ثانوية تقل أهميتها عن السوق الأوربية والأسيوية، لكن مع صعود حزب العدالة والتنمية التركي، ركز على تحسين وتعزيز علاقاته سواء السياسية والاقتصادية مع الدول الأوربية، وهو ما جعل المستثمرين الأتراك يدركون أنهم ضيعوا فرصا استثمارية مهمة، وفي فترة زمنية قصيرة أصبحت تركيا تصنف من الدول العشر الأوائل التي تمول السوق المغربية، خاصة في قطاع النسيج.. وفي الوقت الذي كانت السلع التركية الواردة على المغرب تقتصر على مواد البناء، الألبسة والحلويات، فإن الفترة الأخيرة بدأت تعرف استيراد مواد أخرى، مثل مواد التجميل، زيادة على الأحذية التي تعرف إقبالا كبيرا من لدن المغاربة وفي الأسواق والمحلات التجارية المختصة، وأصبحت تركيا تنافس فرنسا، فبعدما نجحت فرنسا إلى حد كبير في لجم الحضور الاقتصادي الأسيوي والأمريكي في المغرب، فإنها في الآونة الأخيرة وجدت نفسها في مواجهة قوة اقتصادية صاعدة، ونقطة قوتها الذي يسهل تغلغلها في المغرب هو انتمائها إلى نفس الثقافة الإسلامية، وهو ما حملته تقارير استخباراتية فرنسية من أن التغلغل الاقتصادي التركي أصبح أشد وطأة عليها من منافسين آخرين في مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية..
ويسعى الأتراك إلى إنشاء منطقة صناعية مشتركة مع المغرب لتوسيع استثماراتهم وزيادة حجمها، ويعتمد رجال الأعمال الأتراك على قرب قيادات العدالة والتنمية المغربي من النظام في تركيا لتسهيل ولوجهم إلى السوق المغربية..
قياديو العدالة والتنمية يفرشون لنظرائهم الأتراك أرض الصفقات بالورود، على الرغم من أن الشركات التركية بدأت دخولها السوق المغربية على استحياء، إلا أن صعود رفاق بن كيران إلى الحكم جعلهم يستفيدون من علاقتهم بقياديين من حزب المصباح للفوز بصفقات الاستثمار في المغرب، ولعل فوز شركة تركية (يابي ميركزي) بمساعدة بصفقة إنشاء سكك ترامواي الدار البيضاء، حيث عهد إلى الشركة إنشاء 10 كيلومترات من سكة التراموي البالغة 30 كيلومتر بقيمة مالية وصلت إلى 467 مليون درهم مغربي..
ويستهدف التغلغل التركي قطاعات إستراتيجية طالت حتى صناعات ذات صلة بالقطاع العسكري، وتموين الثكنات العسكرية باللباس والمواد الغذائية، وتجاوزت قيمة هذه الصفقات ملايين الدراهم، وكانت تشمل إقامة منطقة صناعية تركية، وفتح خط بحري بين المغرب وتركيا، إضافة إلى تفويت أراضي لمستثمرين أتراك يستغلونها في مشاريع سياحية وفلاحية بمناطق مختلفة من المغرب.
كل هذا تم التخطيط له في زيارة سابقة لعبد العزيز الرباح رفقة جمعية « أمل » لرجال الأعمال المقربة من حزب العدالة والتنمية..ا
استمرارا لنهج تقوية حضور اللوبي الاقتصادي التركي في المغرب فقد عزمت شركة « أورلي بورد » التركية على شراء أسهم كبيرة في السوق المغربية والتونسية لتقوية حضورها في بلدان المغرب العربي.
وتتخصص « أورلي بورد » في مجال التكنولوجيا وتتوفر على فروع في لوكسمبورغ، فرنسا إضافة إلى دول أوربية أخرى، حيث يصل عدد الدول التي تتواجد فيها إلى 90 دولة متفرقة في مختلف مناطق العالم، باستثمارات تصل أحيانا إلى 15 مليار أورو.. وتعد « أولي بورد » التي تأسست سنة 1997، رائدة الاقتصاد التركي في العقد الجديد تحت حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم..
وإذا كانت « أرولي بورد » هي أحدث حلقة من التغلغل الاقتصادي التركي، فقد قررت شركة « ألاركو » التي كانت إلى وقت قريب مشرفة على مشروع القطار السريع الـ « تي جي في » التخلي عن الصفقة ومغادرة المغرب، بسبب المشاكل العقارية التي طفت على السطح، بعدما لم تتمكن الجهات المختصة في التوصل إلى تسويات بخصوص نزع الملكية للعقار الذي من المفترض أن يمر منه الـ »تي جي في »، فإن شركات تركية أخرى استطاعت أن تجد لها موطئ قدم في السوق المغربية في الآونة الأخيرة وتتقوى في زمن قياسي مستفيدة من الأجواء التي يخلقها تواجد العدالة والتنمية على رأس الحكومة.
أما « تكفين » التركية القابضة، فقد وصلت عقودها بالمغرب إلى أكثر من 630 مليون دولار، حيث وقع فرع للعملاق التركي تدعى « تكفين للإنشاءات » مع الشركة المغربية للفوسفاط وصلت قيمته إلى 460 مليون دولار أمريكي، بهدف إنشاء خط أنابيب يربط بين مناجم الفوسفاط التابعة للشركة المغربية.
صفقات الشركة التركية لم تتوقف عند عقد واحد بل تجاوزتها إلى عقود أخرى بملايين الدراهم، أبرزها عقدان آخران آخرهما بقيمة 170 مليون دولار من أجل إنشاء صوامع تستعمل لتخزين الفوسفاط بسعة تخزين تصل 850 ألف طن..
« بيم » تتغلغل في الأحياء الشعبية بالمغرب، فهي شركة تركية عملاقة، عبارة عن متاجر تتخصص في توزيع المواد الغذائية، لها أكثر من 80 نقطة بيع في المغرب، حيث بلغت أرباحها سنة 2011 أكثر من 300 مليون ليرة تركية، في وقت تعرف مبيعاتها تطورا ملحوظا، ويعرف الإقبال عليها في المغرب تزايد كبيرا..
الشركة التي بدأت بانتشار محدود في المغرب، بدأت تغير إستراتيجيتها وتتوسع في السوق المغربية، وهو ما وضحه مسؤول بالشركة اعتبر أن المغرب الوحيد الذي تفتح فيه الشركة أكبر عدد من نقاط البيع، في وقت لا تتجاوز نقط بيعها في دولة كمصر مثلا أكثر من عشر نقاط للبيع..
أحمد الحسناوي