جابَت حشُود غفيرة أغلبُ منضويها من النساء، شوارع عدَّة في العاصمة الرّباط، صباح اليوم، في مسيرة لتخلِيد اليوم العالمِي للمرأة المتزَامن مع الثامن من مارِس. دُون أنْ ينحصر المشاركُون فِي المنتمِين حزبيًّا والناشطِن الجمعويِّين بخروج عددٍ من الطلبة.
المسيرة التِي انطلقتْ زهاء العاشرة صباحًا، بالقرب من باب الحد، رفعَتْ شعاراتٍ تراوحَتْ بين المطالبة بتفعيل المساواة بين الرجل والمرأة فِي المغرب استنادًا إلى الفصل التاسع عشر من الدستور، وبين انتقاد حكومة عبد الله بنكيران، الذِي نال نصيبًا منْ الشعارات "المغربيَّة حرَّة حرَّة ..والرجعيَّة تطلعْ برَّا"، "يا ظلامِي يا جبَان..المرأة لا تهَان".
مسيرة "ائتلاف المساواة والديمقراطيَّة" حشدتْ نساء منْ عدَّة مدن مغربيَّة، وصلتُ الحافلاتُ التِي أقلتهنَّ إلى الرباط في ساعة مبكرة منْ صباح اليوم، فيما حرصتْ نساءٌ سلاليَّات على نقل معاناتهنَّ مع نظام الإرث الذِي يخضعن لهُ، بسبب اعتبارات قبليَّة، مطالبَاتٍ بوضعِ حدٍّ له.
وناشدَتْ محتجَّات في المسيرة بالابتعاد عن منطق الإكرام والصدقة والإحسان، والسير نحو تأطير حظوة المرأة بحقوقها في المجتمع، بالقانون، كيْ لا تظلَّ عرضةً للتمييز، بالرُّغم من وجود نصوص قانونيَّة صادق عليها المغرب.
وزيرة المرأة السابقة، نزهة الصقلِي، قالتْ إنَّ من غير المقبُول أنْ يتوقف التقدم بحقُوق المرأة في منتصف الطرِيق، "ثمَّة نضالاتٌ تعود إلى عقُود من الزمن لأجل المرأة، لكننا نلاحظُ جمودًا منذ ثلاث سنوات، بالرغم من الدستُور الجديد، فقانُون مناهضة العنف ضدَّ النساء لا يزال في الرفُوف، كما أننا نرى هيئة المناصفة تواجدُ إفراغًا من مضمُونها..لا وجود لإرادة سياسية لتحقيق المناصفة".
وقال مصدرٌ أمنِيٌّ لهسبريس إنَّ المسيرة لم تنجم عنها إشكالات تنظيميَّة تخلُّ بالأمن، حيثُ سارتْ دون عراقيل من باب الأحد لتقطع شارع محمد الخامس، وهي محاور جرى تعطيلُ حركة السير على مستواهَا.
أمَّا عائشة لخماس، فترى أنَّ الحكومة تصفِي هيئة المناصفة من مضمُونها، "مشروع القانُون الذِي تقدمت بهِ الحكومة خيب الآمال، حيث جعلها مجرد هيئة استشاريَّة بعيدًا عن مضمُون الهيئات المستقلَّة كمَا نصَّ عليها إعلانُ بارِيس".
وعمَّا إذَا كانتْ الأفكار التحرريَة لمنْ يقدن العمل النسائي لا تعبرُ عن قناعات الشعب المغربي في غالبيَّته، قالت لخماس إنَّ الترويج للفكرة ليس بالأمر الطارئ، وبرز بشكل كبير في المرحلة الكولونياليَّة التي كان المستعمرُون يروجُون فيها لكون الشعب الواقعة حت سيطرتهم غير مؤهلة لأنْ تمارس الديمقراطيَّة "فلنضعْ القوانين أولا ثمَّ نرى التطبيق، أمَّا إذا كان ذلك غير مهم، فلمَ تبقُون على الدُّستور".
الكاتبُ الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، كان حاضرًا إلى جانب الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، الذي انتقد في تصريح له حكومة بنكيران، قائلة إنها تلتفُّ على حقوق الإنسان، عبر الترويج لفكرة مؤداها أن كل من يخرجن في مسيرات إلى الشارع مدفوعات بغرض التشويش.
المسيرةُ النسائيَّة أمَّها رجالٌ أيضًا، أبدَوْا تأييدهُم لقضيَّة المرأة المغربيَّة، منهم الشاعر صلاح الودِيع، الذِي قال في حديثٍ لهسبريس إنَّ مجتمعًا بدُون نسائه يظلُّ أعرج"، مدينًا التعامل مع مطالب النساء بمنطقٍ التبخيس "الحركة النسائية مستمرة في المغرب، بسندها المدني والحقُوقِي والفكرِي، أمَّا الثقافة الذكوريَّة فتلزمها ثقافة تحول مستمرة، بالرغم مما قدْ يبدُو الوضع في اللحظة الراهنة من التفافٍ على الدستُور.
هسبريس - هشام تسمارت (صور منير امحيمدات)