الإعلام والإسلام السياسي في المغرب.. نقطة نظام
عددت أوجه وملامح التغيير، لعلنا استنفدنا كل مجالات و مناحي الاصلاح، وبالكاد صدى صوتنا يبلغ فئة قليلة من الناس لا يشكل معظمهم سوى أعضاء ومتعاطفي المشروع.
"أعطني علما وإعلاما أجعل العالم بيدق شطرنج"
إنه الاعلام يا سادة...
نعلم هذا ويعلمون هذا، لكن الفرق بين ذا وذاك هو أننا جامدون في حراكنا الكلاسيكي الذي ألف أجدادنا اتباعه منذ أول بزوغ للفكر الاسلامي، أما أعدائنا علموا وعملوا و أنفقوا و بذلوا كل غالي ونفيس في سبيل بلوغ قبضة السلطة الرابعة، وبالفعل حققوا المراد.
تعملون الكثير من ما يشتهي الشعب وترضاه مصلحة الدولة، و آخرها الزيادة في الأجور التي حلم بها المغاربة ولم تتحقق حتى شاب من شاب و هرم من هرم، ولكن !!كيف تم تسويقها ؟؟... لقد تناثرت كرذاذ النسيم العليل في أسماع الشعب و صفحات الجرائد حتى انها أخذت صورة الرجل الذي يتصدق بسنتيم على محتاج و هو يمر مرور الكرام... و تخيلوا معي لو حدت ما سبق ذكره من طرف ثعالب السياسة و غيرهم، و هذا شاهدناه قبل وصول العدالة و التنمية للحكومة حيث كانت حبة قمح تنضاف لكيس دقيق تصور على أنها هبة عظيمة تستمر بتداولها وسائل الاستحمار حتى نرى الحكومة كبطل مغوار لا بديل عنه... وهنا نلمس البعد الآخر للقضية.هاته الخطة العبقرية المبنية على القواعد الثلاث في نظري لبرمجة عامة الشعب :..1) الرغبة البشرية 2) التبرير 3) التكرار
الأولى : الرغبة البشرية و تفيد ميول الانسان و نزواته و شهواته التي لا محيد عنها، و باختصار و كمثال كاف : إشباع الحاجيات الاساسية للفرد من طعام و مسكن و جنس و هذه هي المجالات التي اقتصرت عليها الحكومات السابقة و غيرها من الأجندات الخفية التي لمست منطقة ضعف الانسان و نزواته، التي تشكل أهم ما يسعى الفرد العادي اليها، فبلوغ منطقة راحة الانسان، يعادل امتلاكه و السيطرة عليه.
النقطة الثانية تشكل عملية التبرير، و دون اطالة كلام و للتوضيح، يمكن القول بأن ما نرى الآن من تغير في أنماط اللباس و التفكير قد تم تبريره بمبدأ الحرية و الانفتاح على الآخر في إطار مغرب السخافات.
وأخيرا نصل للأهم و هو التكرار أو ما أسميه شخصيا الادماج.. نعم كذلك.. فالتكرار يفيد الادماج، الآراء الجديدة دائما ما تكون موضع شبهة و عادة ما يقوم الناس بمعارضتها هذا من دون أي سبب يذكر، فقط لأنها لم تصبح شائعة بعد، و لكي تكون كذلك ( شائعة )، يجب تكريرها و تكثيفها في برامج الاذاعة و التلفزة حتى تترسخ في عقول عامة الشعب، هذه العملية التي سريعا ما تؤتي أكلها خصوصا اذا وجد شعب يعرف إسم " شميشة " أكثر من ما يعرف اسم وزير الثقافة.
كل ماسبق ذكره اعتمدته الحكومات السابقة والجهات التي نعتبر أنها تعادي الإسلام السياسي، حيث باشرت مناحي ( الاصلاح ) التي تمس حاجيات الفرد كتخفيض ثمن الخبز والزيت والتي تشبه في عمليتها من يحقن مادة مخدرة لمدمن يطفئ غليانه إلى حين انتهاء الفترة الحكومية، مع العلم أن ذلك التخفيض يأتي على حساب قصف ميزانية الدولة ونخر مستقبلها الاقتصادي، فهي لا تريد إصلاح جذري يمس كل مناحي الدولة لأن هذا يمس وجهها العام أمام الناس، بل فقط ترقيع يورث إعاقة مالية للحكومة القادمة كمشكل صندوق المقاصة... وهذا كان فقط إحدى تجليات القاعدة الأولى السابق ذكرها.
لا مجال لتحقيق الأهداف المنشودة وبلوغ النهضة إن كنتم تسعون لها قبل امتلاك مفتاح الاعلام... فحتى لو امتلكنا العلم والتكنولوجيا... حتى لو تفوقت قدرتنا العلمية على قوتنا الاعلامية، سنستطيع توجيه الصواريخ ولكن لن نستطيع توجيه البشر.. نعم.... سنوجه الصواريخ ولكن لن نوجه البشر !!.
ياسين أبينو