التنمية السوسيواقتصادية بأزيلال
لصعوبة التضاريس وعدم وجود أراضي فلاحية سقوية وضعف تربية الماشية ،يبقى النسيج الاقتصادي بأزيلال تقليديا ومعاشيا ، غير أن ألاعتماد على بعض الأنشطة السياحية الجبلية لا تزال في مهدها لم تساهم في خلق تنمية مستدامة لندرة المنشئات السياحية المتطورة بمناطق الإقليم ، كما أن بعض الصناعات التقليدية بدورها تعاني من عدم هيكلتها و توجيه منتجاتها للأسواق الخارجية لعدم الاهتمام بها من جهة ، وضعف رأس مالها من جهة ثانية ، أما الصناعة الفلاحية فيمكن اعتبارها منعدمة بالإقليم إلا في حالات استثنائية كمطاحن الزيتون، والدقيق ، و تظل موسمية مرتبطة بالإنتاج الفلاحي . ويظل قطاع الخدمات والتجارة هما القطاعان النشيطان بالإقليم ، ساهمت في تطويرها خلق مناطق تجارية بمدينة أزيلال ، دمنات، و اويزغت و أفورار نظرا لكونها بوابة المناطق الجبلية المحيطة بها رغم صعوبة الاتصال وضعف المواصلات ، ورغم صغرها فتصنف الممون الوحيد للساكنة الجبلية بالمواد الأساسية.
و على الرغم من ضعف الإمكانات المعدة لتربية الماشية والدواجن فقد ساهمت المناطق الجبلية بتزويد المناطق الحضرية كمدينة أزيلال مند عقود خلت باللحوم والحليب والبيض ، علاوة على بعض المنتجات الفلاحية وخاصة الحبوب والفواكه ، قطاعات نشيطة بالإقليم تحتاج إلى دعم لوجيستيكي ، ليظل بذلك الاقتصاد مرتبطا بالخدمات والتجارة بشتى أنواعها، و كذا بفلاحة تقليدية موسمية.
ولطبيعة الاقتصاد السائد، هناك أقلية تحتكر قطاع التجارة والعقار ليست لديها فكرة المغامرة وولوج القطاعات الأخرى ، لتكتفي بممارسة التجارة دون الدخول في أي استثمارات، باستثناء ميدان العقار كشراء وبيع الأراضي أساسا والبناء أحيانا.
وبالموازاة هناك يد عاملة شابة هاجرت إلى المدن ووجدت في استقبالها أوضاعا قاسية ابتغاء العمل ، لتكتسب مع مرور الأيام تجربة في العديد من الميادين لتصير مورد بشري هام يحتاج إلى استثمارات هامة بالإقليم لعلها تخفف الضغط على المدن الصناعية وتعفي الشباب من الهجرة ومرارتها .
ومع ظهور أزمة البطالة، تطورت فكرة المقاولة والمبادرة الحرة، ليظهر جيل جديد أتعبته المظاهرات والاعتصامات للمطالبة بالتشغيل ، نجح في تنمية قدراته وموارده . اد أن الشباب خريجي الجامعات والتكوين المهني لم يعد من باب أمامه سوى ولوج قطاع المقاولة ، يراهن بعضهم من خلالها على نجاحهم فساهموا في تشغيل أنفسهم وغيرهم ودخلوا عالم المقاولة من باب واسع.
لم يعد القروي بإقليم ازيلال يختلف عن الحضري ، فقد أصبح هو الآخر يشتري الحليب ومشتقاته لا يعير أي اهتمام لتربية البقر ، يشتري قنينة غاز وترك الحطب جانبا، يشتري الدقيق لكونه لم يحقق الاكتفاء الذاتي ، و يشتري الملابس الجاهزة لأن زوجته لم تعد تهتم بالنسيج ...، وبذلك تخلى عن نمط العيش القروي ويتربى على نمط العيش الحضري ، ما نتج عنه الزيادة في الاستهلاك دون أن تقابله زيادة في الإنتاج وتطوير الوسائل.
وأمام هذه الإشكالية بدأ القروي يفكر في الهجرة إلى المدن بحتا عن عمل يضمن له دخل مستقر، أما الشباب فهو أصلا جد متأثر بالحياة في المدينة ونمط عيشها، هجرة قروية صاحبتها شيخوخة اليد العاملة المرتبطة بالفلاحة ، ولا محال ستنتج عنها هجرة ألأرض وعدم استغلالها، ليصبح الأمن ألغدائي في كفة عفريت ومصاحبا بالاستهلاك دون الإنتاج.
ولصعوبة الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي ،ظهر جيل جديد من الشباب دفعه هم الغيرة وطموح الحداثة ليلج الميادين الاجتماعية والسياسية والرياضية بإمكانياته المتواضعة ، وإظهاره لكفاءاته للنهوض بالتنمية . ليظهر بذلك صراع جديد بين الجيل الجديد الطموح ذو التجربة المتواضعة والجيل القديم المحافظ ذو التجارب الطويلة ، ليتصارع الجيلين وتفتح نقاشات وانتقادات ، فالجيل الجديد يدافع عن مواقفه وموقعه وأفكاره المستقبلية ،والجيل القديم يدافع عن موقعه وانجازاته،تغيرات تدريجية جعلت الجيل الجديد يعبر عن أفكاره وبرامجه بالرغم من تعثراته لأخطائه ولصعوبة تجاوز الإرث التاريخي الثقيل بسهولة، ففضولية الشباب دفعته إلى الدخول والحضور على جميع المستويات المحلية والوطنية، يراهن من خلالها عن وجوده كجيل جديد همه التغير والتنمية، وإثباته لقدومه المستقبلي ورفضه لكل ما هو تقليدي متجاوز ، ولو بقيادة عجلة التنمية بانتهازية..
أزيلال الحرة / رئيس التحرير