|
|
رحيل الغني وتواضعه أمام قضاء الزمان
أضيف في 21 فبراير 2024 الساعة 45 : 21
بدر شاشا
في هذه الحياة المتقلبة، نجد أنفسنا محاطين بالثروات والمكانة والسلطة، لكن في لحظة غير متوقعة، يأتي زمان الموت ليذكرنا بحقيقة تلين قلوب العظماء والأثرياء، حقيقة أنهم مثلنا في النهاية، يمضون في رحلتهم بلا مال ولا منصب، تاركين خلفهم كل ما اكتنزوه في الدنيا.
عندما يأتي زمان الموت للغني، يخرج من دنيا الثراء والرفاهية، ويدخل في عالم الفقر والبساطة، يُدفن في قبر بسيط يُشبه قبر الفقير، ويُغسل ويُكفن كما يُغسل ويُكفن الفقير. يترك الغني كل ماله ومناصبه ويمضي في رحلته بين يدي الموت، دون أن يمتلك شيئًا، فالمال والمناصب لا تعدو سوى غرض مؤقت في هذه الحياة المؤقتة.
في ذلك اليوم، يقف الجميع متساوين أمام الموت، لا فارق بين الغني والفقير، القوي والضعيف، العظيم والمتواضع. ففي لحظة الوداع، يخلع الغني ثياب الغرور والتكبر، ويتواضع كما لم يتواضع من قبل، يدرك أنه قد أفنى عمره في جمع المال والسلطة، وأنه لا يستطيع أخذ أي شيء معه في رحلته إلى الآخرة.
إن فكرة رحيل الغني وتواضعه أمام الموت ترسم لنا صورة واقعية لحقيقة الحياة، وتذكرنا بأننا جميعًا مسافرون في هذا الدنيا، وأن الدنيا ليست دارنا الأبدية، بل هي محطة مؤقتة في رحلتنا إلى الآخرة.
فلنتعظ من هذه الحقيقة، ولنتأمل في أولوياتنا وأهدافنا في الحياة، ولنسعى لاكتساب الخيرات التي ستبقى معنا بعد الموت، فالأعمال الصالحة والأثر الطيب هما ما يبقى لنا في الآخرة، وهما ما يحملنا على الدوام إلى السعادة والنجاح الحقيقيين.
فلنتذكر دائمًا قول الله تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" (آل عمران: 185).
سبحان الله العظيم، ونسأله أن يثبتنا على طاعته ويجعلنا من الذين يُؤتون أجورهم يوم القيامة بغير حساب.
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|