|
|
خطاب تبون في الأمم المتحدة.. حينما تحاضر العاهرة في الشرف
أضيف في 20 شتنبر 2023 الساعة 39 : 15
خطاب تبون في الأمم المتحدة.. حينما تحاضر “العاهرة في الشرف”
محمد بوداري
ما الذي يمكن أن تقدمه الجزائر للعالم في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وكيف لنظام ديكتاتوري أن يحاضر أمام المنتظم الدولي في قضايا الحرية واحترام المؤسسات والحريات الأساسية؟، وكيف لنظام عسكري بني على التقتيل والقمع والإرهاب والجثوم على رقاب العباد واستغلال ثروات البلاد، أن يتباهى بالدفاع عن تقرير مصير الشعوب؟.
مناسبة هذه الأسئلة المشروعة، هي خرجة عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء 19 شتنبر 2023، في خطاب سريالي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 78، التي خصصت لأهداف التنمية المستدامة وقمة التمويل العالمي وكذا اجتماعات حول الصحة والمناخ والشباب، فما علاقة الصحراء المغربية بهذه المواضيع حتى يتم التركيز عليها من طرف تبون العسكر، وما قيمة شعارات الدفاع عن القضية الفلسطينية؟، إذا كان نظام العسكر لا يضيف شيئا عن مبادرة السلام العربية في بيروت 2002، حيث اكتفى تبون العسكر بالتأكيد على أن الجزائر متشبثة بهذه المبادرة العربية وبحل الدولتين، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
تبون العسكر، وفي غمرة حماسته الزائدة عن اللزوم، ظل في خطابه يكرر شعارات الدود المعهودة عن فلسطين، والغريب في الأمر انه لم يتجرأ ولو لحظة واحدة لوصف إسرائيل بالكيان الصهيوني او الكيان الغاصب، كما أكد أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وليس كل القدس كما عاهد على ترديد ذلك في كل خرجاته الداخلية، للتسويق وتلميع صورة النظام العسكري وتضليل الرأي العام بأنه هو الحامي والراعي لحقوق الفلسطينيين في وقت لا يستطيع الجهر بذلك أمام المنتظم الدولي، وفي كل لقاءاته مع القادة والمسؤولين الغربيين: انه الخبث والنفاق المقرونين بالنذالة وقلة المروءة والأخلاق في التعاطي مع القضايا الإقليمية والعربية.
كذبون العسكر، عاد لتذكير العالم أن بلاده مع ما اسماه ” الشعب الصحراوي”، وردد أسطوانة تقرير المصير المشروخة، بل ذهب إلى حد الادعاء، كما هي عادة نظام العسكر، بأن الصحراء آخر مستعمرة في إفريقيا، وهي أكاذيب يعرف الجميع أن الغاية منها هو تضليل الرأي العام العالمي، والادعاء بان الطغمة العسكرية المتحكمة في رقاب العباد والبلاد في دولة “كاروغوليستان”، لا علاقة بها بالملف النزاع المفتعل حو الصحراء المغربية، في وقت يعرف القاصي والداني أن هذا الملف من صنع ورعاية كابرانات فرنسا، من أجل عرقلة التنمية في المغرب وفي المنطقة المغاربية ككل، وتعليق كل السياسات العسكرية الفاشلة مشجب العدو المغربي الوهمي، والحيلولة دون مطالبة المملكة المغربية بأراضي الصحراء الشرقية المقتطعة عنوة من طرف المستعمر الفرنسي الغاشم وإلحاقها بمقاطعتها في شمال إفريقيا، وهو ما يهابه نظام العسكر، الذي يواصل الإمعان في دعم ميلشيات البوليساريو وتسليحها وإيوائها فوق تراب الجزائر(تندوف المغربية)، وتحريضها على مهاجمة المغرب ومعاكسة مصالحه في كل المحافل الدولية، وكلها مجرد مسرحية هزلية يقوم بها نظام العسكر للمحافظة على مصالحه، لأن إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، يعتبر بمثابة اندحار للطغمة العسكرية التي عاتت في المنطقة فسادا.
كما أن تبون العسكر، أو بالأحرى أسياده، الذين صاغوا خطابه، لم يلتفتوا إلى ما يقترفونه في حق الشعب الجزائري وتجاهل حقه في تقرير مصيره الذي أعلن عنه منذ انطلاق شرارة الحراك الشعبي في فبراير 2019، الذي طالب برحيل الطغمة العسكرية وانهاء النظام الديكتاتوري الجاثم على صدور الشعب الجزائري، كما أن “كذبون العسكر”، نسي أو تناسى بالأحرى، الحديث عن شعب أجدر بتقرير مصيره ويتعلق الأمر بالشعب القبائلي، الذي ظل يقض مضجع النظام العسكري منذ انقلابه على الحكومة المستقلة بقيادة يوسف بنخذرة وسرقة ثمار الاستقلال، كما انه لم يتحدث عن التقتيل الممنهج لسكان القبايل من خلال القمع والسجن والاعتقال و سياسة الأرض المحروقة للتي ينهجها في حقهم، لا شيء سوى أنهم متشبثون بمطالب الحراك الشعبي، الذي لا تزال جذوته متقدة بالمنطقة لوحدها.
تبون العسكر وفي كذبة كبيرة أخرى، ادعى أمام الملأ وبعظمة لسانه، أن بلاده ستنتج مليار و300 مليون متر مكعب من مياه البحر المحلاة، في غضون 2024، وهي اكبر كذبة سبق ل”كذبون العسكر” أن أطلقها في وقت سابق خلال حوار متلفز، لكن الفرق هذه المرة، هو انه خفض الرقم من مليار و400 مليون متر مكعب، إلى مليار و300 مليون متر مكعب، في وقت لا يتعدى إنتاج دول العالم بأكملها 90 مليون متر مكعب!.
واستغرب متتبعون لكلمة تبون العسكر بالأمم المتحدة، من غباء تبون ومن صاغ له الخطاب، إذ أن هذا الرقم الذي تم الإعلان عنه في محفل دولي، مبالغ فيه ولا يمكن تحقيقه من طرف دول العالم مجتمعة وبالأحرى بدولة ضعيفة البنيات التحتية وتجد صعوبة في توفير الحليب والسميد والعدس والفاصوليا لساكنتها، وقد سبق للجزائريين أن نبهوا تبون إلى ما اقترفه من خطأ فادح في تصريحه السابق في التلفزيون الرسمي، إلا أن المتحكمين في زمام شؤون البلاد، لم يولوا أهمية لذلك، وظلت الأرقام مغلوطة كما هي، مع فارق 100 مليون متر مكعب بين الرقمين.
|
|
|

[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|