هيآت إنفاذ القانون ودورها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية.. محور يوم دراسي بمحكمة أزيلال

م.ايت لحسن

تخليدا لليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف ال18 فبراير من كل سنة، نظمت المحكمة الإبتدائية بأزيلال، بشراكة مع عمالة الإقليم، زوال اليوم الثلاثاء 22 فبراير، يوما دراسيا في موضوع " هيآت إنفاذ القانون ودورها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية" تخللته مداخلات عدد من الفاعلين والمختصين في مجال السلامة الطرقية  وخلص الى احماع الحضور على ضرورة تظافر جهود كافة المعنيين لتفعيل المخطط الوطني للسلامة الطرقية للحد من آفة حوادث السير التي باتت تؤرق بال  العالم بفعل تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

ترأس اليوم الدراسي الاستاذ عبد الإله الحسني، نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بأزيلال، وحضر أشغاله السيد رئيس المحكمة والسيد وكيل الملك لدى ذات المحكمة، الكاتب العام للعمالة السيد المتوكل بلعسري، رؤساء المصالح الأمنية نواب وكيل الملك بالمحكمة ، قضاة ورئيس واطر كتابة الضبط، رئيس كتابة النيابة العامة  ومحامون واطر وموظفون، الى جانب بعض التلاميذ وعدد من الفاعلين.

بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، من طرف امام المسجد الأعظم ، عبد الرحيم الكعديسي، استهل اليوم الدراسي اشغاله بكلمة الاستاذ .عبد الإله الحسني الذي رحب من خلالها بالحضور ، وأوضح اهمية هذا اللقاء الذي يندرج في إطار تفعيل شعار سلطة قضائية منفتحة على محيطها ،مبرزا حجم تداعيات حوادث السير التي تتسبب سنويا في أزيد من أربعة آلاف قتي واكثر من عشرة آلاف جريح ،وتكبد الاقتصاد الوطني مايفوق 15 مليار درهم ، اي ما يعادل 2,5% من الناتج الخام الداخلي.

ويهدف اليوم الدراسي، يضيف الأستاذ الحسني، الى الكشف عن مكامن الخلل وتحديد الاكراهات التي تحول دون أجرأة تنزيل الأهداف الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية ومدى نجاعة التدابير المتخذة خصوصاً في ظل الارتفاع في عدد حوادث السير سنويا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

وفي كلمته في موضوع "سحب وتوفيق والغاء رخصة السياقة على ضوء مدونة السير والعمل القضائي " ذكٌر الاستاذ الربيشي ، نائب رئيس المحكمة ، بالاهمية التي اولاها المشرع لرخصة السياقة حيث جاءت في المادة الأولى من مدونة السير ، والنص على ضرورة التوفر عليها لسياقة العربات على الطرق العمومية.

وأوضح ذ. الربيشي بأنه على الرغم من مرور أزيد من عشر سنوات على دخول مدونة السير حيز التطبيق، يظل الاشكال المطروح هو عدم صدور النصوص التنظيمية لتنفيذ ذلك خاصة بالنسبة للدراجات النارية ومركبات الاشغال العمومية والفلاحية والغابوية ، كما عرج على حالات التوقيف الاداري او القضائي لرخصة السياقة، وحالات سحب الرخصة  والغائها.

وفي موضوع "دور مؤسسة النيابة العامة في تفعيل اهداف الاستراتيجية الوطنية للوقاية من حوادث السير"، أوضح الاستاذ عبد الرزاق اطوير، نائب وكيل الملك، بأن الاستراتيجية الوطنية للوقاية من حوادث السير هي خطه عملية نحو السلامة الطرقية  للعشرية 2017-2026، كما أن احتفال هذه السنة يعتبر السنة الثالثة من برنامج العمل الخماسي الثاني 2022-2026.

وابرز الاستاذ اطوير بان مؤسسة النيابة العامة،و بفعل ما خوله لها المشرع من صلاحيات قانونية، تعد أهم الدعامات الأساسية لتنفيذ وتفعيل أهم هذه الإجراءات الرامية الى بلوغ هدف الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية وذلك بتدخلها الايجابي سواء بشكل وقائي او زجري، مشيرا إلى أن الدور الوقائي الذي تلعبه النيابة العامة ، يندرج في إطار المقاربة الإستباقية للحد من مخاطر حوادث السير. وخلال هذه المرحلة تعمل النيابة العامة على محاربة كل الظواهر التي من شأنها تعطيل المرور أو المساس بأمن وسلامة مستعملي الطريق، فيما يندرج الدور القضائي النيابة العامة، أثناء البحث التمهيدي، يتجلى في الاشراف على الابحاث وتوجيهها بشكل فعلي لتحديد المسؤوليات بشكل دقيق، كما تحرص النيابة العامة أثناء المحاكمة،على الدفاع عن الحق العام وتتبع الدعوى العمومية والتأكد من التطبيق السليم للقانون.

وبخصوص سير الدعوى العمومية وممارستها في قضايا مخالفات وجنح السير ،يضيف ذ.أطوير بان النيابة العامة تسهر على تجهيز الملفات وحضور الجلسات وتتبع سيرها ،وتقوم بتقديم الملتمسات الرامية لتنفيذ القانون سعيا منها للوصول إلى أن ينال المخالف الجزاء المقرر لمخالفته حسب ماهو مقرر قانونا.

ومن اهم  الإشكاليات التي تعيق عمل النيابة العامة في تفعيل الاستراتيجية الوطنية للوقاية من حوادث السير ، تلك المتعلقة بنصوص مدونة السير والمراسيم التطبيقية، واخرى عملية وميدانية.

الكاتب العام للعمالة السيد المتوكل بلعسري، وفي مداخلته في موضوع "دور اللجنة الإقليمية للسلامة الطرقية في تحقيق الأمن الطرقي "، أبرز مدى الاهتمام الذي توليه اللجنة الإقليمية للسلامة الطرقية، وحرصها الدائم على الانخراط الجاد والمسؤول الى جانب باقي المتدخلين والفاعلين في الحد من ذعيرة " حرب " حوادث السير على الطرقات وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية ، والتي تخلف سنويا أزيد من 4 الاف قتيل ومايربو عن عشرة آلاف جريح وضحايا عاهات مستديمة ، كما تكبد الاقتصاد الوطني أزيد من 15 مليار درهم.

ولتفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، أوصى السيد بلعسري باستحضار الوازع الديني والاخلاقي وتربية الناشئة على مبادئ السلامة الطرقية والتحسيس بمخاطر الطريق، واستدل في معرض حديثه، بايات من الذكر الحكيم و الحديث النبوي، والتي تحرم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.

عبد اللطيف ايت الحاج، المحامي بهيئة بني ملال حول سياسة التجريم والعقاب على ضوء مدونة السير أية فعالية " ،أبرز خصوصية مجال التجريم والعقوبة في مجال القانون الجنائي الطرقي والذي يهدف بالاساس لحماية السائق والضحية المحتمل والامن الطرقي.

كما عددت المداخلة تجليات سياسة التجريم وذلك بتعداد الافعال المجرمة سواء كانت عمدية أم غير عمدية، ايجابية أم سلبية معتمدا على اعتبار المخالفة الطرقية ذات طبيعة شكلية تستلزم تحقق الركن المادي لترتيب الجزاء القانوني. كما أشار الى تنوع العقوبات المنصوص عليها في مدونة السير، سواء المتعلقة برخصة السير او  بالتوقيف أو السحب، بأمر اداري أو حكم قضائي، كما ان هناك عقوبات تتعلق بالمركبة، منها ماهو منحصر في التوقيف أو الايداع بالمحجز. اما العقوبات المتعلقة بالسائق او المالك للعربة فيمكن أن تكون عقوبات سالبة للحرية أو الاكتفاء بالغرامة فقط أو بهما معا ، وذلك حسب السلطة التقديرية للقاضي كأصل.

أما العقوبات الادارية فيمكن أن تتحملها مؤسسة تعليم السياقة او المتخصصة في الفحص التقني والتي يمكن للادارة من فرضها دون رفع الامر للقضاء في خرق سافر لمبدأ فصل السلط.

وختم ذ.ايت الحاج بتساءل حول مدى فعالية ونجاعة كل هذه العقوبات والتدابير في تحقيق الامن الطرقي وذلك بالحد من حوادث السير او تحقيق الردع العام والخاص.

وخلص في الاخير إلى ضرورة الاعتماد على جميع مصادر المنع سواء ماهو قانوني، زجري او ديني أو أخلاقي مع تحمل جميع مؤسسات المجتمع والدولة المسوؤلية لتحقيق أمن طرقي يحمي الارواح والممتلكات.

الرائد بوشعيب كريشات، قائد سرية الدرك الملكي بأزيلال، في موضوع "مكافحة الأسباب المؤدية لانعدام السلامة الطرقية " ، أبرز الاهتمام البالغ  الذي يوليه جهاز الدرك الملكي منذ صدور ظهير تأسيسه في مجال السلامة الطرقية.

 ولمحاربة هذه الآفة فان الدرك الملكي خلال سنة 2021 قام بتجنيد وحداته الترابية - 763 465 دورية لمراقبة السير والجولان عبر المحاور الطرقية للمملكة والتي قامت بتحرير 652 870 1 مخالفة قانون السير في حق المخالفين بنسبة ارتفاع بلغت 40% مقارنة مع سنة 2020.

وعلى  الصعيد الإقليمي فقد قامت الوحدات التابعة لسرية الدرك الملكي بازيلال خلال سنة 2021 ببرمجة 7906 دورية لمراقبة السير والجولان، والتي قامت بتحرير 28739 مخالفة قانون السير في حق المخالفين، بنسبة ارتفاع بلغت 35.30% بالمقارنة مع سنة 2020. وفي نفس السياق فقد سجلت وحدات الدرك الملكي على الصعيد الوطني خلال سنة 2021.

248 33 حادثة سير, خلفت 975 55 ضحية من بينها 2542 قتيل. بنسبة ارتفاع بلغت 43% بالمقارنة مع سنة 2020.

أما على الصعيد الإقليمي فقد سجلت الوحدات التابعة لسرية الدرك الملكي بازيلال خلال سنة 2021. 602 حادثة سير. خلفت 1003 ضحية من بينها 43 قتيل, بنسبة ارتفاع بلغت 41.5% بالمقارنة مع سنة2020.

قائد الأمن مصطفى المرابطي بالمنطقة الاقليمية للأمن بأزيلال،  في موضوع " دور شرطة المرور في تحقيق الأمن الطرقي" ، أبرز العمل الدؤوب الذي تقوم به مصلحة شرطة المرور في تفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، وذلك من خلال تواجدها اليومي والميداني  بمختلف الشوارع و الطرقات بالمجال الحضري، وحرصها على تفعيل قانون السير وتحسين مؤشرات السلامة الطرقية وانفتاح المصلحة على المؤسسات التعليمية في لقاءات تحسيسية بمخاطر الطريق ومبادئ السلامة الطرقية.

وكشف المرابطي عن حصيلة حوادث السير المسجلة بالمجال الحضري ، مع حجم الخسائر المادية والبشرية الناجمة عنها .

 وفي موضوع التدبير الإحصائي لرصد مخالفات السير بالنفوذ الترابي للنيابة العامة لدى المحكمة الإبتدائية بأزيلال، أبرز المنتدب القضائي ،الاستاذ ادريس أمهاوش،بان لاهتمام بالجانب الإحصائي في جميع الظواهر،أصبح أمرا ضروريا في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها العالم، خصوصاً في السنوات الأخيرة ، حيث عرف ثورة تكنولوجية على جميع المستويات ،مما جعل من تطوير وسائل النقل الحديثة ضرورة لتحقيق أمن طرقي يتماشى ومتطلبات العصر ، إذ باعتبار العنصر البشري عاملا أساسيا في تحقيق الأمن الطرقي، فمن الواجب عليه تفادي كل ما من شأنه تجنب ارتكاب المخالفات المرتبطة بالسير على الطرق بواسطة هاته الوسائل الحديثة.

و عن مخالفات السير على الطرق فقد قامت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال بتسجيل ما مجموعه 369 مخالفة سير عادية سنة 2021، وذلك بزيادة 17.70% مقارنة مع سنة 2020، بينما تم استقبال ما مجموعه 1637 مخالفة إليكترونية متعلقة بمراقبة السرعة بواسطة الرادارات الثابتة على الطرق العمومية، وذلك بتراجع بلغ 16% مقارنة مع سنة 2020، مما يثبت نجاعة الآليات الرقمية والاليكترونية مقارنة مع نظيرتها الكلاسيكية في تقليص مخالفات السير بشكل عام كما يتضح من خلال المبيان المعروض أمامكم.

وأشار ، إلا أن هناك إختلاف وتنوع في توزيع هاته المخالفات حسب الدرجات المحددة لها قانونا حسب الرسم المبياني الخاص بذلك، إذ نجد مخالفات السير العادية من الدرجة الثالثة في المرتبة الأولى بنسبة 64.5%، ومخالفات السير العادية من الدرجة الثانية في المرتبة الثانية بما نسبته 22.5%، بينما مخالفات السير العادية من الدرجة الأولى تأتي في المرتبة الثالثة بنسبة 13% من مجموع المخالفات التي تم تسجيلها.

أما توزيع مخالفات السير المتعلقة بمراقبة السرعة والتي تم رصدها بواسطة الرادارات خلال السنة الماضية، فتشكل منها مخالفات الدرجة الثالثة ما نسبته 80 %، أما مخالفات الدرجة الثانية منها فلا تمثل سوى ما نسبته 15 % ، لتشكل بذلك مخالفات الدرجة الأولى فقط 5 % ، وقد تمت معالجتها إليكترونيا وتم إصدار أحكام في حقها، إلا أن تبليغ مرتكبيها واستخلاص الغرامات المرتبطة بها لا زال يعرف مجموعة من الإشكالات العملية عكس المخالفات الورقية التي يتم استخلاص معظمها على شكل سندات تنفيذية. وبتتبع المخالفات السير العادية المسجلة خلال سنة 2021 حسب النوع، تم تسجيل مخالفة واحدة فقط في صفوف النساء، دون احتساب الغرامات التي يستخلصها الأمن الوطني والدرك الملكي ودون احتساب المخالفات المؤداة بالقباضات، ليبقى بذلك العنصر الذكوري أكثر ارتكابا لمخالفات السير العادية المحالة على المحكمة للبث فيها بنسبة 99.73%.

وفيما يخص توزيع مخالفات السير العادية بين المجالات الحضرية التي تعمل بها الشرطة والمجالات الترابية القروية التي تحتوي على مراكز الدرك الملكي فإنها تشغل ما نسبته 65 % من مجموع المخالفات المحالة على هذه النيابة العامة، وتبقى ما نسبته 35 % مسجلة لصالح المنطقة الاقليمية للأمن بأزيلال ومفوضية الشرطة بدمنات.

وفي مداخلته، أبرز نور الدين باسو، ممثل المديرية الإقليمية للتجهيز بأزيلال الاهتمام البالغ الذي توليه المديرية للسلامة الطرقية والمجهودات المبذولة والدور لوقف نزيف الحوادث على الطرقات وتفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية.

وللحد من حوادث السير وتأهيل الشبكة الطرقية بالاقليم ، كشف بالارقام والتفاصيل حجم المشاريع الطرقية المنجزة سواء في الصيانة او التقوية و التوسيع  اواحداث طرق جديدة ضمانات لسلامة مستعملي الطريق ، هذا علاوة على انخراط المديرية في تكوين السائق المهني س مجال السلامة الطرقية وتاهبله لقيادة العربات المهنية، الى جانب حرصها على التزام المؤسسات الخاصة بمبادئ السلامة الطرقية.

وسواء تعلق الأمر بتحديات إنسانية أو اقتصادية، فان السلامة الطرقية تطرح تحديات كبرى وإشكاليات عديدة رغم تظافر جهود كل الفاعلين، و يبقى الحجر الأساس في هذه المعادلة هو تغيير سلوكيات مستعملي الطريق وترسيخ ثقافة استعمال الطريق واحترام الحق في الحياة باحترام قانون السير..