|
|
بالله عليكم.. ماذا جنيتم وماذا تريدون من استجداء الملابس لعبد السلام..؟
أضيف في 18 يناير 2021 الساعة 01 : 22
بالله عليكم.. ماذا جنيتم وماذا تريدون من استجداء الملابس لعبد السلام..؟
يعد التضامن أو الاتحاد ومعاونة الغني للإنسان الفقير أو الضعيف، سلوك إنساني لتخفيف آلام ومعاناة الناس، وتقديم المساعدة للأخرين عند الحاجة، والذي يستمد قواعده من التعاليم الدينية والمواثيق والقوانين الدولية، وهي قيمة إنسانية تضمن استقرار المجتمعات وتقدمها...، لكن أن تتحول هذه القيم وتزيغ عن نبلها لأمر مخزن، يفرغها من نبلها والأهداف التي من أجلها كرست، والمجردة كل التجرد من التشهير، الإستغلال والإسترزاق..
لقد حبا الله سبحانه وتعالى إقليم أزيلال بطبيعة خلابة تسحر العيون، وبمواقع تغري الزائرين..، إقليم عرف عنه في الذاكرة التاريخية موطن الأبطال والشجعان والبسالة في مقاومة الإستعمار، وأناسه عرف عنهم الكرم والجود وحسن الضيافة والنخوة والشرف، لا يرضون بالذل والهوان إطلاقا، المكر والاحتيال يستحيل أن يتسلل الى قلوبهم، هكذا سجل التاريخ عنهم، وعلى أبناءه وأجياله التمسك بتاريخه المشرف والتشبت بالكرامة، لتظل نظرة الأخرين إليه راسخة لا تشوبها ردود سيئة لا تمت لماضيه بأية صلة، ولا تجرده من عزوته التي تحلى بها الأجداد لعقود طويلة، متشبتين بأرضهم راضون بما قسمه الله لهم.
هو اذن تاريخ وماضي عريق بات يتسلل بين ظهرانه دخلاء للانتقاص منه، واستبدال نظرة التاريخ له، بأنانية وانفرادية وانتهازية، لطخوا سمعة الاقليم وعملوا على تشويهه، وإفراغ رصيده التاريخي المشرف واحتقاره، ليمسي على السن العامة محليا ووطنيا مجالا ل"للسعاية"، المتسولين والمسترزقين..
نعم هكذا غير الانتهازيين مكانة أزيلال المشرفة بسلوكات وأفعال مقززة متكررة، آخرها استغلال الطفل المنحدر من إحدى دواوير جماعة أيت عباس، من دون رحمة ولا شفقة ولا حماية له باعتباره من نواة المستقبل ورأسمالها، أو مراعاة لشعوره وما يهدد مستقبله ويغتال ابتسامته العذبة.
إن الذي همس للطفل في أذنه للظهور في تسجيل بالصوت والصورة وعرضه على أنظار العالم، لم يعامله كإنسان وغدا سيكبر وقد يصبح مسؤولا، لم يراعي نظرة أقرانه له خلال مشواره الدراسي، وهو ذات يوم يتسول ابتغاء ملابس كان وضع العائلة يسمح بتوفيرها، من دفع به للتصوير في ذاك القالب المثير للاشمئزاز، قد تعامل معه كشيء لغرض آخر وليس كإنسان، ومارس عليه أبشع ما يمس سلامته المعنوية.
باعتبار الطفل ضعيفا جسديا ومعنويا، وحمايته من أي ممارسة بكافة أشكالها، قد تم تكريسها في القانون وفي كل الاتفاقيات الدولية، واهتم المنتظم الدولي لصونه من كل اعتداء على انسانيته بدءا من عصبة الأمم المتحدة بإصدار اعلان جنيف لحقوق الطفل سنة 1924، وصدور اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1989، والتي شكلت منعطفا حاسما في تاريخ حماية الطفولة، على أساس أنها حصانة انسانية وعالمية لا يمكن التغاضي عنها.
ان حماية أي طفل من أي استغلال ليس بلا معنى، فقد واكبتها نصوص جنائية تتضمن جزاءات صارمة في حق كل من سخره لضعفه الجسماني وعدم نضجه العقلي وقلة خبرته وإدراكه لأهداف معلنة أو غير معلنة، لما لها من انعكاسات سلبية على مستقبله وعلى حياته النفسية والاجتماعية، ما يفرض حمايته من كل الاعتداءات والإنتهاكات في شتى الميادين وصورها المتعددة.
من المؤكد أن المواقع الإلكترونية التي هرعت لتصوير الطفل الصغير بتلك القرية الصغيرة التي نشأ وترعرع بها أجداده من دون اشتكاء ولا استفادة من برنامج تيسير أو مساعدات..، وعرضته على المشاهدين في قالب تشهيري مشوه سوى أن الصغير يستجدي بعض الملابس، لا تضع نصب عينها سوى تحقيق الشهرة وجني الأرباح، منتهكة أخلاقيات المهنة الصحفية وما تنص عليه المواثيق الدولية، ولامراعاتها للحالة النفسية للصغير وتأثيرها سلبا على مستقبله، ولا محاولتهم التدخل بما يقدم الإضافة الإيجابية بعيدا عن التقاط الصور ومشاهد الدراما ولا افتعال تلك الضجة، في حين اعتبر من يتحين الفرص عبر مواقع التوصل الإجتماعي من في قلوبهم ظلام وعدمية، أوحقدا وعداوة للوطن، اللحظة كما باقي اللحظات المشابهة، مناسبة لزرع سمومهم وغيهم ورسم القتامة والسواد...
ليس من المعقول أن يسود الإعتقاد بأن العمل الصحفي والفعل الجمعوي بأنماطه المتعددة لا يحيد عن المسار والأهداف النبيلة البعيدة كل البعد عن أشكال الإستغلال والإسترزاق..، لكن أن يصل الإستغلال للأطفال بجعلهم أداة استعطاف لغرض في نفس يعقوب وهم لا يدرون معناه ولا ماهيته فهذه هي الطامة الكبرى..
سنتذكر هذا الطفل الصغير بأيت عباس، الذي جعله المقربين منه محط تشهير باستجداء صدقة هو في منأى عنها نظرا لظروف أسرته الاجتماعية التي ليست أقل ممن يحتاحون للصدقة حقا، فهم لم يراعوا هذه النفس البريئة، ولم يتعاملوا معها بالشكل الأمثل، ليجد الصغير نفسه يتنقل بين القنوات ومواقع التواصل الإجتماعي، وسمحت أسرته أن يطلى وجهه النقي بأصباغ لونت محيى طفولته بكل أسف...
بالله عليكم.. ماذا جنيتم وماذا تريدون من استجداء الملابس لعبد السلام..؟
أزيلال الحرة
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|