|
|
يُحِبُّ نَفْسَهُ حُبّاً مُفْرِطاً وَلاَ يُفَكِّرُ في غَيْرِهِ
أضيف في 01 شتنبر 2020 الساعة 10 : 00
يُحِبُّ نَفْسَهُ حُبّاً مُفْرِطاً وَلاَ يُفَكِّرُ في غَيْرِهِ
طبيعي جدا أن يحب الإنسان نفسه، بل إنها غريزة من الغرائز التي فطر الله الناس عليها، لكن المشكل يبدأ عندما يتجاوز هذا الحب الحدود المسموح بها، ويقتحم بعنف فظيع عوالم الآخرين، ويمس مصالحهم بلا هوادة ولا غضاضة، الأمر في هذه الحالة يتحول إلى مرض نفسي يسمى بلغة علم النفس « الأنانية »، إنه مرض يجعل صاحبه يرى نفسه أصلا وكل الآخرين فروعا، ومحورا يدور في فلكه كل الأشخاص وكل الأشياء، وغاية يهون في سبيل إشباع رغباتها كل شيء… وبناء على ذلك يتحرك الإنسان الأناني دائما في الاتجاه الذي يُقَوِّي « أناه » ويجعلها أكثر بروزا أشد طغيانا، ولن نعدم الأمثلة المؤكدة لحقيقة شيوع هذا الداء العضال في أوصال مجتمعنا البوكمازي هذا:
- أنت يا من يستأثرون بإرث الوالدين وحدهم، ويحرمون أخواتهم الإناث من حقوقهن المشروعة باسم أعراف بالية ممسوخة أنانيون حد الثمالة.
- أنت يا أسن الإخوة أناني حد الجنون، إذ تسعى لأن تحظى وحدك فقط بكل شيء، بدعوى أنك الأجدر بالحفاظ على اسم العائلة والأقدر على القيام بدور الأب الحاضر/الغائب.
- أنت يا من يخون أمانات إخوته، يتسلم المبالغ المالية المعتصرة من ألم الغربة وعرق الجبين، ويسجل كل الممتلكات باسمه الشخصي أناني حد النخاع.
- أنت يا من يتخطى صفوف المواطنين المنتظمين أمام مصلحة من المصالح الإدارية، بدعوى أنك مشغول، أو لأنك صديق أو قريب للموظف المسؤول أناني بامتياز.
حري بكل منا أن يجالس نفسه قليلا، يتحدث إليها بحميمية وصدق وشفافية، يضع نفسه في مواقف الآخرين ليشعر بحجم الألم والضرر الذي يلحقه بهم جَشَعَهُ وطمعه وأنانيته المفرطة، حري بكل مصاب بداء « الأنانية المفرطة » أن يتذكر أن انتماءه للإسلام يحتم عليه استحضار النماذج الخالدة التي مجدها القرآن الكريم: « ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة »، حري به أن يتذكر بأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام كان يوصي بالجار حتى ظن الصحابة أنه سيورثه، وأن يتمثل قوله صلوات ربي وسلامه عليه: « لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه »، لو امتلك الأناني جرأة أن يجرد من ذاته ذاتا أخرى يحاورها ويحاسبها وينصت إليها ويتقمص من خلالها شخصيات الآخرين لتجنبنا مشاكل كثيرة الأكيد أننا في غنى تام عنها.
بقلم: عمر بــــولمان
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|