اليمين المتطرف يهدد المسلمين فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية
يؤرق أوروبا حاليا صعود اليمين المتطرف بعد فوز عدد من الأحزاب التي تنتمي لهذا التيار في الانتخابات التشريعية في بعض دول أوروبا .وتتشابه هذه الأحزاب في الأهداف والشعارات التي ترفعها من حيث التشدد والعدوانية.
ورغم عدم وجود تعريف جامع لليمين المتطرف إلا أن هناك خصائص مشتركة تجمعهم تتضمن العداء للأجانب ورفض الأقليات وفكرة التعددية الثقافية والدفاع عن الهوية الوطنية وعن التقاليد القومية التاريخية والدعوة إلي الحد من الهجرة ،كما ترفض هذه الأحزاب الديمقراطية إلا أنها تتقبلها علي مضض في محاولة لكسب الناخبين.
ومفهوم الهوية الوطنية لدي هذه الأحزاب مختلف، حيث يعتمد علي رفض الأجانب ويميل إلي التعصب الديني وخاصة ضد المسلمين وبعد تفشي ظاهرة الإرهاب وتزايد أعداد المهاجرين منحت هذه الأحداث الأحزاب اليمينية طريقا للصعود كما أسهم ايضا ضعف دور الأحزاب السياسية التقليدية في أوروبا في هذا الصعود.
ويصف السفير الدكتور محمد حجازي ،مساعد وزير الخارجية الأسبق، صعود اليمين المتطرف في أوروبا بأنه ردة فعل مجتمعية تجاه تزايد أعداد المهاجرين وتصاعد ظاهرة الإرهاب مما خلق حالة من الخوف المجتمعي أدت إلي الالتفاف حول الأفكار المتطرفة بالإضافة إلي وجود من يروج إلي أن سوق العمل أصبح متضررا من هؤلاء المهاجرين الذين ينافسون أبناء البلد. كل ذلك دفع بعض الأحزاب إلي القيام بما يطلق عليه عملية استدعاء للأفكار المتطرفة واستثمارها للحصول علي مكاسب سياسية مما أدي لصعود اليمين المتطرف في العديد من الانتخابات الأوروبية مما يهدد بتزايد أعمال العنف والعنصرية ضد العرب والمسلمين.
وأكد انه علي أوروبا اتخاذ عدة إجراءات تجاه هذا الصعود الكبير لأحزاب اليمين المتطرف تتعلق بالرسالة الإعلامية والثقافة المنتشرة... فالإرهاب لا يرتبط بمنطقة فهناك من يحرك ويدعم، لذلك فان المواجهة لابد أن تكون شاملة بما فيها البعد الثقافي والايديولوجي والإعلامي وعلي أوروبا أن تتحمل مسئوليتها في هذا الملف لوأد هذه الجماعات ومحاصرة منابعه فهناك مسئولية مشتركة.
وشدد حجازي علي ضرورة أن تساعد أوروبا السياسات الايجابية مثل السياسات المصرية للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية واستعادة أمن واستقرار المنطقة والمساهمة في سياسات التنمية الاقتصادية للدول الموفدة للمهاجرين لأنها المدخل للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية حيث بذلت المغرب وعدد من الدول جهودا كبيرة لمحاصرة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وأوضح أن محاصرة أوروبا للظاهرة لن تكون ضد الإرهاب والهجرة غير الشرعية، من خلال سياسات داعمة للتوجهات المتطرفة في أوروبا، وإنما بالمساندة الاقتصادية والتنموية للدول الموفدة للاجئين والمهاجرين وتسوية النزاعات والتصدي الجماعي للإرهاب والتوعية الثقافية والإعلامية .
وشهد شهر ديسمبر من العام الماضي عقد مؤتمر لعدد من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا تحت شعار من «أجل أوروبا للأمم ذات السيادة» كما التقت هذه الأحزاب في بداية العام الماضي في اجتماع مشترك ودعت خلال المؤتمرين إلي وضع حد لتجربة الاتحاد الأوروبي في شكلها الحالي، واعتبرتها تشكل «تهديدا وجوديا» لدول أوروبا كما نادت بضرورة وقف استقبال المهاجرين واللاجئين.
عوامل انتشار اليمين المتطرف
منها : انهيار الاتحاد السوفيتي فظهرت من صلبه مجموعة من الدويلات التفتت إلى أصولها العرقية، وأيضا اندماج الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي وهذا الأمر أشعل اهتمام الأروبيين بأصولهم القومية كل دولة على حدة، كما أن انتشار البطالة في أوروبا والركود الاقتصادي الذي تعرفه بين الفينة والأخرى إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية جعلت الأوروبيين ينظرون بعين الريبة إلى الأجانب الذين يرون فيهم مزاحمين على الوظائف وخاصة المسلمين منهم، وانطلاقا من هنا ظهرت دعوات إلى كبح جماح الهجرة والتضييق على المهاجرين، بل أصبحت ردود الأفعال العدائية تجاه العرب برنامجا انتخابيا لدى بعض الأحزاب اليمينية الأوروبية .
اليمين المتطرف في أوروبا
في عام 2008 أعلنت أحزاب من اليمين المتطرف من دول أوروبية في مدينة أنفير البلجيكية تأسيس منظمة جديدة تهدف إلى مكافحة ما أسمته بـ"الأسلمة" في أوروبا. وقدمت المنظمة الجديدة واسمها "المدن ضد الأسلمة" للصحافيين، رئيس حزب "المصلحة الفلامنكية" فيليب ديوينتر ورئيس حزب "إف. بي. أو" النمساوي هاينز كريستيان ستراسي ورئيس حركة "الزاس ابور" الإقليمية الفرنسية روبرت سبيلر. وشارك أيضًا في إطلاق المنظمة ممثلون للحزب اليميني الألماني "داي ريبوبليكانر" والحزب الوطني البريطاني (بريتيش ناشيونال بارتي ) ولأحزاب إيطالية ودنماركية. وقال المسئول في حزب "المصلحة الفلامنكية"برت ديبي: "يجب وقف افتتاح مساجد في مدن مثل أنفير. يجب وقف وصول مسلمين وعلى المتاجر الإسلامية أن تحترم القانون البلجيكي على صعيد جرين الصحة أو القوانين الاجتماعية، وإلا فلتغلق أبوابها".وأشار إلى أن تحركات مماثلة ستنظم خلال الأشهر المقبلة في روتردام (هولندا ) وباريس ولندن ومدريد.
اليمين المتطرف في فرنسا
هو توجه سياسي فرنسي ممثل بحزب الجبهة الوطنية ذو الإتجاه المعادي للمهاجرين وكل ما لا يدعم الثقافة العامة الفرنسية. شكل الحزب قائدة السابق جان ماري لوبان وهو الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات الفرنسية مع الرئيس السابق جاك شيراك.
يترأس الحزب في الفترة الحالية مارين لوبان خلفا لوالدها مؤسس الحزب، وهي تقود لواء حزبها وكل المنظمات "مثال: النازيين الجدد" الداعية لعداء الاجانب والمنحدرين من الثقافات الإسلامية والشرق أوسطية.
اليمين المتطرف في إيطاليا
اتجاه سياسي ورث النظريات الفاشية للفاشيين القدامى بزعامة موسوليني لم يسجل له اي تدخل في الشؤون السياسية لإيطاليا.
اليمين المتطرف في هولندا
طالب "خيرت فيلدرز" – رئيس حزب الحرية اليميني الهولندي المتطرف – الحكومات الأوروبية بحصر عدد المسلمين في أوروبا، وأعلن أن التزايد السريع في أعداد المسلمين في "هولندا" ودول الاتحاد الأوروبي يبعث على القلق الكبير.
وقدم مذكرة بذلك إلى الحكومات الأوروبية بوصفه عضوًا في البرلمان الأوروبي مطالبًا بسرعة وضرورة الاستجابة.
وطالبت هذه المذكرة الحكومات الأوروبية بالإفصاح عن العدد الحقيقي للمسلمين في الوقت الحاضر، وكذلك إعطاء التوقعات المتعلقة بالسنوات القادمة، وتساءل عن الاحتياطات التي تفكر الحكومات في اتخاذها في مواجهة زيادة عدد السكان المسلمين.
اليمين المتطرف في إسرائيل
اليمين المتطرف في إسرائيل قوي الشعبية ويدعو صراحة إلى عدم التسامح مع العرب والمسلمين وقتلهم، كما يدعو إلى قتل الأطفال وتشبيه المسلمين بالأفاعي، ومن أبزر المتنفذين في اليمين المتطرف الإسرائيلي الحاخام يعقوب يوسف.
اليمين المتطرف السويد
حقق اليمين المتطرف في السويد نتائج جيدة في الانتخابات التي شهدتها البلاد يوم 9 سبتمبر أن يحصد نسبة الأصوات التي كان يأمل بها.
وتراجعت قوى اليسار ويمين الوسط كما كات متوقعا رغم احتفاظها بالصدارة وحصول كل منها على أكثر من 40 في المئة من الأصوات. وخسر ائتلاف اليسار والاشتراكي الديمقراطي 15 مقعدا بينما خسر ائتلاف يمين الوسط 14 مقعداً.
وحصد حزب "ديمقراطيي السويد" اليميني المتطرف 18 في المئة من الأصوات وأضاف إلى مقاعده 13 مقعداً ليصل عددها في البرلمان الحالي إلى 62 مقعداً.
ويشعر اللاجئون بالقلق خاصة بعد أن ارتفعت نسبة المؤيدين لقوى اليمين التي تدعو إلى ترحيل اللاجئين غير الشرعيين وغلق الأبواب في وجه المهاجرين الجدد.
وأرتفعت نسبة أصوات اليمين المتطرف من 12.9 في المئة في انتخابات عام 2014 إلى 18 في المئة في الانتخابات الأخيرة.
وكانت قضيتا الهجرة واللاجئين من جهة وتقليص الرعاية الصحية والاجتماعية من جهة أخرى هما محورا الحملات الانتخابية.
جماعات يمينية
في ألمانيا يعتبر النازيون من جماعات الضغط اليميني وفي إيطاليا يعتبر الفاشيون من الأقطاب اليمينية كما تعتبر كذلك الأحزاب الدينية من أجنحة اليمين وفي المجمل يمكن وصف الكتل السياسية المحافظة على أنها يمينية بينما تطلق اليسارية على الجماعات المتحررة والثورية.
عدد المسلمين في أوروبا يزداد باطراد
طرح الباحثون في مركز "Pew Research Center" الأمريكي ثلاثة سيناريوهات لنمو السكان المسلمين في أوروبا حتى عام 2050.
وأكد العلماء وجود زيادة سريعة لعدد المسلمين في أوروبا في العامين الماضيين بسبب الهجرة، حيث بلغ عددهم، في منتصف عام 2018، نحو 27.8 مليون نسمة، ما يعادل 4.9% من إجمالي سكان أوروبا.
وأعد العلماء بناء على تلك الإحصاءات 3 سيناريوهات. ويفيد الأول بأن حصة المسلمين في أوروبا ستزداد حتى 7.9% بحلول عام 2050 وذلك في حال وقف الهجرة فورا وبشكل تام.
ويقول السيناريو الثاني إن تلك الحصة ستزداد وستشكل نسبة 11.2% في حال استمرار الهجرة بوتائر متوسطة.
أما السيناريو الأخير فيفيد بأن حصة المسلمين في أوروبا ستبلغ بحلول عام 2050 نسبة 14%، أي ستزداد 3 أضعاف تقريبا مقارنة بعام 2018 في حال زيادة الهجرة بالوتائر التي سجلت في الفترة ما بين عامي 2017 و2018.
سكينة عشوبة/ طالبة وباحثة