|
|
الحديث عن أطبّاء سفهاء مع احترامي للأطبّاء النّزهاء
أضيف في 27 يناير 2019 الساعة 49 : 13
الحديث عن أطبّاء سفهاء مع احترامي للأطبّاء النّزهاء
إذا كان الفيلسوف الألماني الشهير نيتشه قد أوصى أختَه بألاّ تتركَ راهبًا يقرأ أكاذيبه أمام جثّتِه أو في وقت مرضه الأخير، فكاتبُ هذه السطور قد طلب وألحّ في الطّلب بألاّ تأخذَني إلى مستشفًى، وتطرحني أمام طبيب في وقت أكون فيه غير قادرٍ على الدفاع عن نفسي من شروره، فمهما بلغ منّي المرضُ مبلغَه رجوتُها أن تتركني أموت كريما، ومستورًا في فراشي، بعيدًا عن أطباء وألاعيبهم، وخداعهم، لكي لا أتحوّلَ بطبّهم إلى بضاعة يساومون، ويقدّرون ثمنَها قبْل فسادها.. وسألتُها: هل الطبيب الذي ستسلّمينني له هو (أبو القاسم الزهراوي، أو ابن سينا، أو شڤايتْزَر، أو بارنار الذي أنجز أولَ عملية إفْسالٍ للقلب في القرن (20)؟) أجابت: لا أحدَ من هؤلاء.. قلتُ: (إذن دَعيني أموت كريمًا في سريري، واعْلمي أنّ المتألّمَ يمارس وجودَه في العمق، أحسن من الراقص والمغتبط بالحياة الفانية؛ تلك الورهاء الزانية، كما سمّاها (أبو العلاء المعرّي)].. لكنْ ما هو السبب وراء هذه المقالة الغريبة، وماذا كان خلْف موضوع لم أخضْ فيه يومًا؟
يوم الأربعاء مساءً (16 دجنبر 2019)، عثرتُ بالصُّدفة على قناة مغربية، وهي تبثّ برنامجَ [مباشرة معكم]، وكانت الحلقةُ مخصّصة للأطبّاء، وقد استوقَفني تدخُّل ضيفٍ صريح، كان يعدّد ويشرح مساوئَ الأطبّاء؛ لكنْ كان قبالتَه خلال الحلقة، ضيفٌ آخر يصف الأطبّاءَ عندنا بالمهنية، والإخلاص، والكفاءة، ووصفهم بما ليس فيهم، وكأنّه كان يمدح أطبّاء لا نعرفهم، يوجدون ربّما في كوكب (زُحَل أو عُطارد) حيث قال إنّهم شرفاء، وأبانوا عن كفاءة علمية في بلدان أجنبية، ونسي أنّ هؤلاء الأطبّاء المغاربة الأكفاء، يوجدون في بلدان متقدّمة، ومجتمعاتُها علمية، وفيها الإنسانُ، والمراقبة، والجمعيات، ومنظّمات المجتمع المدني، وإذا كان الطبيب متخلّفًا، أو غيرَ كُفءٍ، أو غير إنسان، وبلا ضمير يندّد به زملاؤُه، وينفر منه زبناؤُه، فيضطرّ للرّحيل رغمًا عنه، عكس الطبيب داخل الوطن، فما رأينا مريضًا شُفِيَ، ممّا يجعل المرضى يفرّون إلى المشعوذ، والعشّاب، والفقيه الكذّاب صاحب أوهام الرقْية.. فهؤلاء الأطبّاء يلجأ إليهم الموظّفون الغشّاشون، لشراء العطل والراحة، وفضائحُ الأطبّاء لا تختلف في شيء عن فضائح بعض رجال الدّين من أهل الورع والتقوى..
كانت امرأةٌ تعاني من مرض النّزف، فقيل لها إنّها لو لمستْ هدْب (السيد المسيح) عليه السلام لشُفِيتْ في الحال؛ وتَصادفَ أن قام (السيد المسيح) بزيارة (لبيت لحم)، وبينما هو يسير محاطًا بحوارييه، وتسلّلت المرأةُ المريضة، ولمست هدبه، فتوقّفَ نزيفُها فورًا، وأحسّ (السيدُ المسيحُ) أنّ شيئًا جذِبَ منه، فاستدار، فوجد المرأةَ مبتهجة بشفائها، فقال لها: [يا امرأة، إنّ اعتقادك هو الذي شفاكِ]؛ لهذا، فالاعتقاد الصادقُ، والإيمان الراسخ، والثقة بالله عزّ وجلّ، كلُّها عواملُ تساعد على الشفاء.
يوم القيامة، سيأتي أولئك [les guérisseurs] الكذَبة، مستنجدين بالسيد (المسيح) عليه السلام، قائلين: [أيُّها الرب والسيد، أليس باسمكَ تنبّأنا؟ أليس باسمك شَفيْنا المرضى؟ أليس باسمك أخرجْنا الشياطين؟]؛ فيجيبهم السيدُ المسيح: [نعم؛ باسمي فعلتم كل ذلك، ولكنْ اِغْربوا عن وجهي أيّها الآثمون، فإني لا أعرفكم!].. كثيرة هي المنظمات، والجمعيات المعادية لبلادنا التي تتّهم المغربَ بالتعذيب، وتدّعي أنّ هناك مراكز مخصّصة لذلك لتشوّه سمعةَ بلادِنا بالأكاذيب؛ مراكز التعذيب الحقيقية في بلادنا هي المستشفيات، وإن كنتَ لا تصدّق، فادْخُلْ إلى أيّ مستشفًى تريد، لترى ما يَعْتمل بداخله، أو اسْأل مواطنًا تعيسًا وقَع بيْن فكّيْ كمّاشة طبيب ليس له من مهنة الطب إلاّ الوزْرة البيضاء، أو اتّصِلْ بضحايا الأطبّاء، وما أكثرهم في بلادنا.. مستشفياتٌ تشْبه مراكزَ (داشو، أو موتوزين، أو سوبيبور) أيّام النازية، وأخرى لا فرْق بينها وبيْن معتقَل (لوبْيانكا) أيّام (ستالين
لكنْ لابدّ لي أن أنوّه بأطبّاء القوّات المسلّحة الملكية الباسلة؛ والمستشفيات الميدانية المبثوثة في كذا منطقة من مناطق المملكة، التي أمرَ بها جلالةُ الملك نصره الله في فترة البرد القارس لهي أنفع وأنجع من أشهر المستشفيات الفارغة من الداخل من الطّب، ومن الإنسانية، والتي ينفخ فيها الإعلامُ المضلّلُ؛ فأطبّاء الجيش الملكي تكوّنوا علميًا، ووطنيًا، ومهنيًا في مدرسة التّضحيات، والكفاءات، وهي مدرسة القوّات المسلّحة الملكية الباسلة، لأنّ على رأسِها ملكًا صالحًا، أما المستشفيات فعلى رأسها حكومةُ التجار، والطماعون، والفاشلون، دون أن ننسى ذوي الضمير من الأطباء.
بقلم/ فارس محمد
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|