الذكرى 85 لمعركة بوكافر الخالدة ملحمة بزعامة قبائل "أيت عطا" في مواجهة زحف جنود المستعمر الفرنسي
تحل بنا في هذه الايام الذكرى 85 لمعركة بوكافر الخالدة، تلك الملحمة التي واجه فيها الجنوب الشرقي المغربي (أسامر) بزعامة قبائل "أيت عطا" زحف جنود المستعمر الفرنسي بعد أن بسط سيطرته على جل مناطق المغرب في فترة تداعت فيها القوى الاستعمارية على وطننا والتي انتهت بفرض نظام الحماية عليه سنة 1912. هذه الملحمة التاريخية التي أبان من خلالها أجدادنا عن وعيهم المبكر بمفهوم المواطنة الحقيقية وتشبتهم بركائز الهوية الانسانية المتمثلة في الارض والكرامة، ولعل فكرهم التحرري باعتبارهم رحل ينتقلون متى وإلى أي مكان يشاؤون دون قيد أو شرط، والذي يخالف الخنوع والخضوع شكل أهم سند في مقاومتهم للعدو رغم اختلاف شاسع في العدة والعتاد.
إن علاقة جمعية بوكافر بذكرى هذه المعركة ليست علاقة لحظة كما يعتقد البعض، تستوقفها قليلا بأنشطتها المتواضعة ثم لا تلبث ان يلفها الصمت والتناسي، وإنما صلة قوية للعناية بتاريخنا الوطني، و حماية للذاكرة الجماعية للمنطقة و الوطن، و صيانة للهوية المشتركة، و زرع الأمل في بناء المستقبل، و وسيلة لأتباث الذات و البناء الحضاري و استمراره، و لا يتأتى ذلك إلا بالتنمية الثقافية وإدماجها في التنمية العامة، لاسيما أن المنطقة تعيش مؤخرا فترة انتقالية و حراكا و تغيرات جيوسياسية، نامل أن يواكب هذه المرحلة ايضا تغيير على المستويين الثقافي و الفكري لفك الحصار عن الذاكرة و التاريخ.
من هذا المنطلق، وكما يعلم الجميع أخذت جمعية بوكافر على عاتقها ومنذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي مهمة تخليد ذكرى هذه الملحمة وهي مهمة صعبة ومكلفة طبعا، إمانا منا بالمسؤولية التاريخية للأحفاد في رد الاعتبار لأرواح أولئك الابطال المنسيين والمتناسيين. إننا بهذا التخليد إذ نؤكد للرأي العام أننا نرفض بتاتا العيش على أمجاد الاجداد بقدر ما نحاول ان ننفض الغبار على ذلك التاريخ ونساهم في وضعه في اطاره ومكانه الطبيعيين في التاريخ الرسمي بعدما جعل (بضم الجيم) على هامشه، كما نروم نشر الوعي بالذات لدى الاجيال الجديدة والمطالبة بجبر الضرر الجماعي للمنطقة.
هذه السنة، وتأكيدا على كل ما سبق سنحاول من جديد، و ككل سنة تخليد هذه الذكرى 85 من 01 الى 04 مارس لجعلها مناسبة لفتح نقاش بناء ينصب على كل ما من شأنه المساهمة في تنمية منطقتنا، عن طريق تنظيم مجموعة من الانشطة الثقافية و الاجتماعية و التي اخترنا لها ان تتمحور جميعها حول موضوع التربية و التعليم، ولعل الشعار الذي أخترناه للدورة " رهان العلم المعرفة: وفاء الاحفاد لكفاح الاجداد"، خير إشارة على تأكيدنا و تأكدنا على أن الوسيلة المتبقية و الوحيدة لدى الاجيال الحالية لمواصلة درب الاجداد في النضال و القيم هو: النضال بالعلم و التربية و المعرفة فبها تتعالى الامم.
رئيس جمعية بوكافر