وتحمل مقدمة الخطاب تلميحا قويا وغير مباشر الى أن الإصلاحات التي يقودها الملك ليست نتيجة ضغوطات الشارع أو حركة 20 فبراير في إطار الربيع العربي بقدر ما هي ثمرة تخطيط استراتيجي. وجاء في الفقرة المذكورة من الخطاب الملكي "لقد دخلت بلادنا مرحلة جديدة ٬ لم تكن محض مصادفة ٬ ولا من صنع ظروف طارئة ٬ بقدر ما تعد ثمرة سياسة متبصرة واستراتيجية متدرجة ٬ انتهجناها منذ اعتلائنا العرش ٬ بإرادة سيادية كاملة ٬ في تجاوب تام مع تطلعاتك المشروعة". ويتضح من الفقرة بشكل جلي أنها مخصصة للرد على الأطروحات القائلة بأن دستور يوليوز 2011 جاء ضمن الضغط الذي مارسه الشاعر المغربي وليس ضمن رؤية إصلاحية استراتيجية مسبقة يكتلكها النظام منذ سنوات.
ولتعزيز هذا التوجه بشأن وجود مسبق لاستراتيجية إصلاحية، سرد العاهل المغربي أهم المنجزات التي أقدم عليها خلال السنوات الأخيرة، مبرزا في هذا الصدد "هيأة الإنصاف والمصالحة ورد الاعتبار للأمازيغية كمكون من مكونات الهوية وتوسيع فضاء الحريات وحوق الإنسان وتخويل المرأة وضعا في إطار مدونة الأسرة". وضمن إصلاحات المجال الاجتماعي لمكافحة الفقر، ركز الملك محمد السادس على مبادرة التنمية البشرية التي تعمل منذ سنة 2005.
ويستمر الخطاب الملكي في تقديم جرد شبه مفصل لجميع المبادرات وفي مختلف المجالات مثل المجال الإسلامي والهجرة والإصلاح الدستوري الذي اعتبره لبنة ضمن لبنات الإصلاح التي بدأت منذ سنين. وكان لافتا الاهتمام الذي خص به الحقل الاقتصادي، حيث أثنى على صواب "الخيارات السوسيو-اقتصادية التي أخذنا بها منذ أمد بعيد" التي مكنت من أوراش كبرى. وكمثال على هذه الخيارات، تحدث الخطاب عن "انصبت جهودنا على النهوض بمختلف المجالات الصناعية٬ والتكنولوجيات الحديثة٬ من خلال تهيئة أقطاب وفضاءات اقتصادية مندمجة٬ كفيلة بتوسيع آفاق الاستثمار، وتحسين القدرات التنافسية لمقاولاتنا". وفي المجال الاقتصادي تحدث عن القطاع الفلاحي والسياحة ودعا الى تكامل بين القطاعين العام والخاص.
وعلاقة بالقطاع الاجتماعي، أبرز الملك في خطابه نظام المساعدة الطبية المعروف باسم "راميد"، وحذّر الملك من أي استغلال سياسي لتفادي تحريف هذا المشروع عن أهدافه النبيلة.