الحق في الصحة للشباب

    ساهم إنشاء منظمة الصحة العالمية 1946 في تطور مفهوم الصحة من "حالة الخلو من الأمراض" إلى "حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا" (دستور المنظمة).

    وتعزز هذا الحق بالشرعة الدولة لحقوق الإنسان، خاصة المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وإعلان الما- اتا الخاص بالعناية الصحية الأولية، والأهداف الإنمائية للألفية خصوصا (القضاء على الفقر المدقع والجوع، تحسين الصحة النفسية، وقف انتشار الايدز والمالاريا وغيرها من الامراض الرئيسية، كفالة تنمية مستدامة).

    وعلى المستوى الوطني، يضمن الدستور المغربي الحق في الصحة في الفصل 31 وفصول أخرى. ويتوجه العالم الآن إلى ربط الحق في الصحة بالحق في الحياة في أنماط صحية، وبمقوماتها كالسكن والبيئة ومياه الشرب وظروف العمل والحصول على المعلومات الصحية.

الصحة للشباب

    للشباب تعاريف مختلفة، فهناك تعاريف تأخذ بعين الاعتبار المميزات النفسية والبيولوجية للشباب، وأخرى ترجح كفة المميزات السوسيولوجية، وهناك تعاريف تلجأ الى السن من اجل تعريف ميكانيكي وسهل لتحديد ماهية الشباب. في المغرب، تم التوافق في اللائحة الوطنية للشباب على اعتبار كل مغربي أقل من 40 سنة شابا.

    من أجل نظام صحي فعال ودائم يجب الاخذ بعين الاعتبار مسألة النوع الاجتماعي، وان يعي واضعو السياسات العمومية في مجال الصحة خصوصيات ومميزات كل نوع، وان توضع برامج متلائمة مع هذه المميزات وملبية لحاجات كل نوع. وباعتبار الشباب نوعا اجتماعيا له مميزاته الخاصة بيولوجيا، نفسيا واجتماعيا يجب استحضار حاجاته في ميدان الصحة أثناء وضع السياسات العمومية، إلى جانب المطالب العامة في تحسين صحة المواطن المغربي.

مخاطر تهدد صحة الشباب وبدائل لتحسين العمل الحكومي

     تهدد صحة الشباب العديد من المخاطر منها الإدمان على الكحول أو التبغ أو المخدرات أو وإدمان الميديا، صعوبات الصحة النفسية، السيدا والتعفنات الجنسية، ضعف التربية الجنسية والإنجابية وانتشار المعلومات الخاطئة، مخاطر تهدد الشباب في الوسط المهني، الاستغلال والعنف، التغذية والأنماط الحياتية غير صحية.

    وعلى مستوى المخططات الحكومية التي اهتمت بصحة الشباب فهي تتميز بأنها محتشمة، وتوضع في غياب الشباب بحيث يعتبر هدفا لا شريكا، وفي غياب المجتمع المدني والمنظمات الشبابية (المخيمات مثلا..)، كما يتسبب طغيان المقاربة القطاعية في محدودية النتائج وتشتيت الجهود، وتركز على علاج المخاطر والأمراض وإهمال التثقيف الصحي، كما أثبتت تجربة فضاءات الصحة للشباب محدوديتها وغربتها في محيط المؤسسات العمومية الموجهة للشباب.

    وعموما، يمكن اعتبار برامج الصحة المدرسية والجامعية على محدوديتها هي اهم ما أنجز لفائدة الشباب. واعتبارا لكون صحة الشباب ليست ترفا، بل استثمارا في المستقبل، واستدعاء للتعريف الجديد للصحة الذي يتجاوز الخلو من المرض الى اكتمال السلامة البدنية والنفسية والاجتماعية، ولارتباط الحق في الصحة بالحقوق الأخرى كالحق في التغذية والشغل والماء والبيئة والتنمية والحق في المعلومة الصحية بكل يسر، تبدو الحاجة ماسة اليوم إلى برنامج وطني مندمج لاحترام وتعزيز وحماية الحق في الصحة للشباب، وللحد من المخاطر التي تهدد صحتهم، بشراكة مع القطاع الخاص والمنظمات المدنية الشبابية في جميع مراحل البرنامج، وتعبئة وسائل الاعلام العمومية والجديدة، وضمان التزام باقي القطاعات الحكومية خاصة الشبيبة والرياضة والتعليم والمجتمع المدني.

    جدير بالذكر أن مطلبنا هذا يجد سنده في التصريح الحكومي الأخير، حيث التزمت  الحكومة ب "إشراك الشباب في تصميم وتنفيذ حملات متنوعة للتوعية تستهدف نشر ثقافة النجاح بين الشباب وإعلاء القيم الإيجابية ومواجهة الآفات الاجتماعية، وتوعية الشباب ضد الأخطار الاجتماعية عن طريق وسائل الإعلام العمومي والمدرسة والجامعة خاصة المتعلقة بالإدمان والجريمة والعنف والاستغلال الجنسي والانحراف (ص 83 من التصريح الحكومي)".

زهير ماعزي

ممرض متخصص في التخدير والانعاش - أزيلال