سوق السبت: قلق المواطن عن طبيعة الخدمات بالمرفق العمومي؟؟
عودةالحديث من طرف بعض الأقلام الإعلامية ،عن طبيعة الخدمات التى تقدمها المرافق العمومية للمواطن بمدينة سوق السبت، فجّر من جديد إحدى أهم القضايا الشائكة، التى أستعصت عن الحل رغم تدخلات المجتمع المدنى فى اكثر من لحظة ،اشارة منه،الى خطورة الوضع وتفاقمه فى غياب تفعيل اجراءات صارمة وتدابير فعالة للحد من اتساع حجم المشكل...
والحديث عن طبيعة الخدمات بمدينة سوق السبت ،للتذكير،ظل مرتبطا فى جوهره بشكل وثيق فى منظور المتتبعين والسكان على حد سواء بآفة الرشوة ،اذ تبين من معظم التصريحات و المقالات الصادرة، على أن تعثر الخدمات ، يعود بالاساس الى تفشى الظاهرة بين مصالح هذه المؤسسات ،مع استثناء بسيط هنا لسير العمل بالبلدية التى لم تستأتر بهذا النقاش ،على عكس بعض المرافق الاخرى كالصحة ووكالة الكهرباء ولجان التعمير وو..الذين نالوا القسط الاكبر من اهتمام المتبعين..
والقول حسب هذه القراءات بأن بعض مكونات هذه الاطراف ،تعرف انزلاقا واسعا عن المسار المنشود الذى يقتضى تقديم أداء جيد فى استقبال المواطن ،وتحسين جودة الخدمات ،وتدبير الموارد المالية بشكل لا لبس فيه ،يمثل دلالة واضحة على أن هناك فعلا اختلالات عميقة في قيمنا وسلوكنا، تنذر بعواقب وخيمة على السير العادى للمرفق العام..
ان القول بفساد المرافق الصحية ،وهى الاكثر احتكاكا، بفئات اجتماعية عريضة تقبع فى أغلبها تحث درجة الفقر.. وفساد بعض المصالح بإدارة الأمن الذى من المفروض ان تكون قدوة فى مجال احترام النص القانونى..وفساد المواطن نفسه ،ونزوحه ،بحكم اكراهات الواقع،نحو القبول بهذه السلوكيات الشائنة،والتعامل على اساسها ،كأنها أصبحت قدرا مسلما به ،لاقوّة له على تجاوزه..يُشير ،فى اعتقادنا،على أن أن الدولة تخلّت عن أجهزتها الرقابية ، التى عهدت لها مسؤولية محاربة هذه الأفات التى تُسمّم المجتمع فى صميمه،بالرغم من توفر الإمكانات المادية والبشرية لتحقيق أهدافها ..
إن الدولة الآن فى شخص أجهزتها الرقابية المحلية وفى ظل مقتضيات الدستور الجديد ومايخوله من اختصاصات واسعة ، مُرغمة بإستعادة هبهتها،وذلك باتخاد زمام المبادرة ،والعمل على ولوج مختلف هذه المرافق العمومية لوضع اليد على مكمن الداء..فصحيح ان الكل يعرف ان الرشوة أزكمت النفوس ،لكن صحيح أيضا ان الكل لم يستطع تقديم اثباثات واضحة وملموسة على حدوثها ،فالمواطن الذى من المفروض فيه تقديم شكايات فى الموضوع ،أصبح هاجس الخوف يتملّكه لإعتبارات مختلفة وموضوعية وهو ان اتخاد مبادرة التشكِّى من طلب الرشوة لدى السلطات المعنية قد تجر معها تبعات عدة؟
إن حديثنا عن الرشوة هو من رهانات المرحلة ،وهو حديث العام والخاص،وبما أنه كذلك فقد أمسى مطلبا اجتماعيا وجماعيا، يقتضى من المسؤول مهما كانت مسؤوليته،ومن المواطن مهما كانت درجته ومن المتحزب والمستقل.. امتلاك ارادة قوية لمعالجة الظاهرة، واستئصال جدورها ،كما أن القول بوجود الظاهرة بين هذه المرافق، لا ينبغى أن يشكل للبعض عقدة ،لأنها ،اردنا أم أبينا ،قد أصَّلت جدورها فى جسد اداراتنا وفى أخلاقياتنا،وإن لم تكن بأسمائها الحقيقية فهى قد اتخدت اشكالا واطيافا عدة ..وبذلك لا مجال للإستغراب، اذا ما وجدنا مرافقنا العامة، تعج بمصطلحات تجدرت فى قاموسنا اللغوى ،وبات تداولها يتشعب فى مسارات حياتنا اليومية، الى درجة انها اصبحت عاملا مساعداً، لفك عقدة التواصل بين الزبون والموظف وفتح باب الحوار على كل الخيارات ..،فمصطلحات "قهوة" و"حلاوة"او "هدية" اوالإقدام على فعل" دعوة موظف لمناسبة ما اومجرد محاباة صديق اوفرد من العائلة، او تفضيل رجل سلطة عن مواطن عادى او غنى على فقير ..كلها تجليات لهذه الآفة حتى وإن كانت تتخفى تحت يافطة بروتوكولات العمل ،فهى فى العمق خُطى على مسار غير صحيح يتغيى تقزيم اخلاقيات العمل..خطى لا يشعر بها المرء الا بعد السقوط فى دوامة خانقة تسلبه كرامته وتجعله يتجاذب روحياوعمليا بين متطلبات العمل واكراهاته وبين طقوس الاصوات الفاسدة...
حميد رزقى