الصورة من الأرشيف : وزير الصحة في زيارة لأزيلال فترة الانتخابات الجزئية
قطاع الصحة بإقليم بأزيلال .. المعادلة الصعبة و مشاكل بالجملة في انتظار المجهول
يعاني قطاع الصحة بإقليم أزيلال بالمغرب العميق جملة من المشاكل والمعاناة يكابدها الجميع ويؤدي فاتورتها كثير من المرضى والراغبين في ولوج الخدمات الصحية , فقلة التجهيزات والنقص الحاد لعدد الأطر بالمستشفى الإقليمي والمستوصفات الجماعية المغلقة والاخرىالتي في وضعية مزرية ناهيك عن الفقر والثلج اللذان يزيدان تعميق الجراح خصوصا مع قلة وضعف خدمات القوافل الطبية,تم عدم فعالية دور القابلات في ظل غياب مراكز الولادة بالإقليم مما جعل منه نقطة سوداء لقطاع الصحة بالمغرب .
مستشفى إقليمي في وضعية مزرية
منذ تد شين المستشفى الإقليمي بأزيلال والساكنة في حيرة من أمرها , فرغم شساعة مساحته والمبالغ المالية الكبيرة التي خصصت لهذا المشروع لتغطية حاجيات هذه الساكنة التي علقت أمالها عليه , لكنه لم يشفي جراح المرضى التي لاتجد سوى قاعات بها أسرة أكل الدهر منها رغم حذاتها وغياب شبه كلي لوسائل العلاج , فأصعب الحالات والتي أقيم هذا المستشفى من أجلها تكون مضطرة للسفر نحو مدينة بني ملال أو مراكش قصد العلاج مما يثير حفيظة الساكنة التي قامت بالعديد من الوقفات الاحتجاجية استنكارا لقيمة ونوعية الخدمات المقدمة وخصوصا المتعلقة بقسم التوليد حيث ترسل معظم الحالات نحو مدينة بني ملال أو السماح لعاملات التنظيف بالقيام بمهمة المولدات دون أي تكوين أو خبرة لتثم العملية في أبشع الظروف , وليجد الزيلاليون أنفسهم مجبرين على تحمل مجموعة من التكاليف ، إن لم تتم عملية الولادة بالمنعرجات الخطيرة لبين الويدان داخل سيارة الإسعاف , ناهيك عن ارتفاع عدد الوفيات سواء بالنسبة للأمهات أو للمواليد ، وآخرها خلال هذا الأسبوع توفيت أم وجنينها في ظروف غير إنسانية والوزارة رافعة للشعار الرامي إلى ضرورة تقليص وفيات الأمهات الحوامل والأطفال إلى نسبة خمسون بالمائة , والمهزلة اليومية بالقرب من قسم المستعجلات التي تقف بها العديد من الحالات وهي تتألم دون أن تجد من يخفف من آلمها ولو باستقبالها لتجد نفسها أمام مشادات كلامية مع حراس الأمن الذين يضطرون في بعض الحالات للقيام بدور الممرضين والتدخل لتقديم الإسعافات الأولية في غياب تام لمن أوكلت لهم مهمة السهر على صحة المواطنين . ناهيك عن الأخطاء الطبية المرتكبة لعدم التخصص التي يدفع السكان البسطاء وذوي الدخل المحدود ثمنها غاليا، وعلى سبيل المثال لاالحصر حالة السيدة أيت خويا ايزة المزدادة سنة 1948 التي أجرت عملية جراحية بالمستشفى الإقليمي بأزيلال لإزالة " المرارة " وعوض التخلص من المرض , أصيبت بشلل نصفي للجهة اليمنى وهي الآن طريحة الفراش, دون أن ننسى الوضعية المأساوية التي تتحمل ظروف وتكاليف التنقل صوب بني ملال للعلاج , لكن بالمقابل تصطدم هذه الحالات برفض استقبالها لان القدرة الاستيعابية للمستشفى الجهوي ببني ملال أصبحت غير قادرة على تحمل الأفواج المحالة من أزيلال. هي حالات دفعت الثمن غاليا بسب الوضعية المزرية التي يعرفها قطاع الصحة بالإقليم الذي قدر له أن ينتمي لمدن المغرب العميق, الذي لازال يعيش في الهامش رغم العديد من الأصوات التي نادت بضرورة الاهتمام بهذه المناطق الجبلية التي قد تساهم بثرواتها الطبيعية ومؤهلاتها السياحية في تطوير الاقتصاد الوطني والدفع بعجلة التقدم والنمو إلى الأمام.
حالة مزرية يعرفها المستشفى الإقليمي بمدينة أزيلال من غياب تام للأدوية وقلة الأطر الطبية التي تفضل الرحيل بمجرد الوصول لهذا المستشفى صوب المدن الكبرى ، ومما زاد من تعميق جراح المرضى رحيل البعثة الصينية التي كانت تقدم على الأقل دعما طبيا وتخفف من آلام المرضى , فرغم الوعود التي قدمها وزير الصحة الحسين الوردي لما زار أزيلال بمناسبة الانتخابات الجزيئية حول إمكانية تجديد الاتفاقية مع الصين قصد تقديم الدعم من خلال بعث بعثة جديدة , وكذا الوعد الذي كلف به نفسه والمتمثل بزيادة عدد الأطر الطبية وبعث كميات مهمة من الأدوية وكذا سيارة إسعاف على شكل مستوصف متنقل مجهز بأحدث التجهيزات , ومروحية لنقل أصعب وأخطر الحالات المستعجلة من أعالي الجبال ، لكن مع مرور الوقت اتضح أن السيد الوزير نسي وعده أو ربما غضب من الزيلاليين عندما لم يظفر حزبه بالمقعد .
معاناة حقيقية لسكان أزيلال مع جميع أنواع الأمراض ومما زاد من تعميقها رحيل السيدة مديرة المستشفى وكذا طبيبين آخرين لمدن أخرى دون تعويضهم ، والغياب التام لدور المندوب الإقليمي الذي نسي أمر المستشفى نهائيا من تفتيش ومراقبة, فرغم العديد من اللقاءات التواصلية بين جميع المهتمين بالشأن الصحي بالإقليم ، لم تجدي نفعا من الوضعية المزرية التي يعرفها قطاع الصحة بالإقليم .
مستوصفات مهجورة وأخرى مهمشة
وجود بناياتها وسط قرى نائية بعد إنشائها مند بضع سنوات على أساس أن تقدم أبسط الخدمات الطبية للمواطنين فقد ظلت أغلب هذه المستوصفات فارغة من أبسط التجهيزات ،ولا يشرف عليها احد من الأطر الطبية بينما تحولت أخرى إلى أطلال تحت واقع الإهمال والتخريب .
وتوجد هذه المباني البسيطة والفارغة بمناطق جبلية وعرة أو بمناطق معزولة ونائية - بجماعة ايت ماجدن وواولى وبايت عبدي بجماعة زاوية احنصال -، وقد تم إحداث عدد من هده المباني من طرف الجماعات القروية بشكل تطوعي على أساس أن تتحول في ما بعد إلى مستوصفات قروية.
وبالرغم من لجوء وزارة الصحة إلى تجهيز بعضها بعدد من المعدات البسيطة ،مثل الكراسي والطاولات وبعض الأدوات الطبية البسيطة والأدوية الخاصة بالإسعافات الأولية، إلا أن هذه التجهيزات ظلت على حالها ولم يتم استغلالها إلا في حالات نادرة ،سواء من قبل أطباء المراكز الصحية الجماعية مرة واحدة في الأسبوع، أو بتفقدها من طرف الممرض الموكول له مهام الخدمات الطبية المتجولة ،وبسبب الإهمال تعرضت بعض هده المستوصفات أو بالأحرى هده المباني الفارغة للتخريب والإتلاف بعدما كان معولا عليها أن تقدم أبسط الخدمات الاستشفائية للمواطنين في المناطق النائية، خاصة عند إصابتهم بجروح خفيفة أو بلسعات العقارب أولدغات الأفاعي ..
الفقر والثلج يزيد من تعميق الجراح
يشكل فصل الشتاء بالإقليم الذي يتميز بتساقط الثلوج والصقيع , فصل المعاناة بالنسبة للمواطنين الذين يحاصرون داخل بيوتهم في انقطاع تام مع المحيط الخارجي، فلا يجد المرضى سبيل إلا الدعوة للخالق ليشفيهم في ظروف أقل ما يمكن القول أنها مأساوية في مواجهة قوة الطبيعة، التي تقطع عليهم جميع المسالك للخروج والتوجه لأقرب مركز صحي قصد العلاج والاستفادة من التطبيب العمومي .
قلة وضعف خدمات القوافل الطبية بالمناطق الجبلية
رغم المجهودات المبذولة في هذا المجال من قبل السلطات الإقليمية والفرق الطبية لتقديم المساعدة ولوفي شكل بعض اللقاحات وبعض الأدوية والفحوصات , تبقى هذه الإمكانيات أمام كثرة الطلب ونتيجة لشساعة الإقليم المتميز بصعوبة المسالك وقلة وسائل التنقل، قوافل موسمية غير كافية في هذه المناطق الجبلية، التي جعلت منها ظروف الطبيعة القاسية مستودع لجميع الأمراض المعروفة وحتى الغير المكتشفة...
عدم فعالية دور القابلات في ظل غياب مراكز الولادة
في ظل هذا الوضع المتميز بغياب مراكز التوليد وضعف خدمات المستوصفات وقلة الأطر والتجهيزات بالمستشفى الإقليمي بالمنطقة كان من الممكن الاستعانة بالقابلات كمنقذ لحالات الوفيات, لكن نمط تفكير الساكنة وغياب التحسيس بالدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه القابلة المكونة تكوينا جيدا لانقاد العديد من الأمهات والمواليد الذين يموتون, الشيء الذي يدفع بالعديد من الساكنة أو بالأحرى يكونون مجبرين على القيام بعملية التوليد بين نساء الدواوير والمداشر في ظروف يصعب تقبلها ، محاطة بالمخاطر تقلل من حظوظ نجاة الأم ومولودها .
أوضاع تطرح العديد من علامات الاستفهام حول دور وزارة الحسين الوردي في مراقبة الشأن الصحي بالمغرب عامة وبأزيلال على وجه الخصوص ؟؟؟؟ ، وكذا مدى نجاعة سياسة التطبيب المتبعة بالمغرب والتي أصبحت تتجه نحو تغليب كفة المصحات الخاصة ؟؟؟.
أزيلال/ محمد الذهبي
عن صحيفة الناس