هل حان وقت تصحيح الخطأ؟ماذا اضافت البوليزاريو للاتحاد الافريقي؟
لقد كان المغرب من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية التي أصبحت تسمى منظمة الاتحاد الإفريقي، إذ تأسست في في أعقاب أول قمة أفريقية انعقدت في أديس أبابا وتم التوقيع على ميثاقها في 26 ماي العام 1963 بحضور 30 دولة أفريقية مستقلة، الميثاق المؤسس كان ينص على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية واحترام سيادة الدول الأعضاء في المنظمة وحرمة حدودها، عندما ثبت للمغرب أن هذه البنود قد تم خرقها قرر الانسحاب منها في العام 1984 إثر قبول المنظمة عضوية البوليساريو في ظروف إقليمية ودولية غاية في الاستقطاب الإيديولوجي والسياسي.
كان الاعتبار الأول لانسحاب المملكة هو قبول عضوية بوليساريو تحت ضغوطات الجزائر بالرغم من أنها لا تمتلك مقومات دولة كاملة الأركان من حدود وحكومة وشعب، والاعتبار الثاني هو تدخل عضو داخل المنظمة في شؤون المغرب الداخلية بتبني أطروحة انفصالية، الاعتبار الثالث هو عدم احترام سيادة المغرب فوق أراضيه ومساهمة عضو من الاتحاد الإفريقي في خلق كيان وهمي ودعمه سياسيا ولوجيستيا وماديا فوق أراضي مغربية.
يأتي انسحاب المغرب من المنظمة تماشيا مع المنطق السياسي والقانوني بعدما شنت عليه الخصوم حروبا شرسة اثر استرجاعه لصحرائه في سنة 1975، وكان طبيعيا ألا يستجيب لحروب دول بعينها ضد وحدته وسيادته طيلة الأربعة عقود الأخيرة دون احتساب ما بعد حرب الرمال في العام 1963، الحرب التي استثمر فيها الخصوم كل إمكاناتهم لإخراج المغرب من القارة الإفريقية سياسيا ودبلوماسيا وتجاريا وحسر أدواره داخل التجمعات الإقليمية ومن ضمنها منظمة الاتحاد الإفريقي.
المملكة المغربية رغم هذه الضغوطات والانسحاب من هياكل الاتحاد الإفريقي كانت متابعة لكل ما يحدث داخل القارة ومساهم أساسي في خدمة الأمن والسلم وشاركت القوات المسلحة في العديد من المبادرات والتدخلات ذات الطابع الإنساني تحقيقا للأمن والاستقرار في العديد من الدول الإفريقية، ومن ضمنها دولة مالي.من البنود الأساسية في الميثاق المؤسس للمنظمة الإفريقية يقول بان الدول الأعضاء هي “الدول المستقلة التي تمارس سيادتها على أراضيها” ولكي يعود المغرب إلى عضوية منظمة الاتحاد الأفريقي ضروري أن يتم تفعيل هذا البند وإعطائه القوة الإجرائية لطرد البوليساريو لأنه لا يتحقق فيها هذا البند.
الاتحاد الإفريقي مطالب الآن وقبل أي وقت أن تغير دوله منهجية تعاطيها مع تحديات القرن الاقتصادية والسياسية والتكنولوجيا، وأن تحكم تحركاته رؤية إستراتيجية بعيدة المدى خدمة للفرد والجماعة الإفريقية في كل مكان بدل الركون إلى إيديولوجيات ومقولات عفا عليها الزمن، ويطرح رؤساء الدول المشكلة لهذا المنتدى الإفريقي الكبير السؤال الأكبر، ماذا أضافت البوليساريو للأفارقة؟ وهل دعم البترودولار الجزائري سوف يدوم إلى ما لا نهاية؟
بالعكس فالبوليساريو أضحت شريكا مرهقا لإفريقيا أكثر مما مضى ومشاكلها لا تنتهي وانتهاكاتها لحقوق المغاربة المحتجزين في تندوف أكثر من أن تعد وتحصى بالإضافة إلى التقارير المعتبرة التي تؤكد ضلوع أقطابها في الإرهاب والفساد والاتجار في البشر والممنوعات.
بالمقابل تجد أن المغرب قد ذهب بعيدا في ربطه تنمية الأرض بتقدم الفرد والمجتمع المغربي، خصوصا بالأقاليم الجنوبية التي تشملها أيادي العناية والتنمية في المجالات المختلفة حتى أضحت قطبا يعتد به وبوابة تجارية واقتصادية وسياحية لإفريقيا.كل هذا والمغرب خارج منظمة الاتحاد الإفريقي استطاع رغم الوضع إقليمي والدولي المضطرب من أن يعطي المثل في الاستقرار السياسي والتقدم عبر إصلاحات سياسية واقتصادية، وإتاحة الفرصة لمواطنيه لأن يعبروا عن تطلعاتهم بشكل حر عبر انتخابات نزيهة ودستور استطاع أن يوضح معالم طريق المستقبل ومواجهة الاكراهات بالمزيد من الديمقراطية وتحسين وضعية حقوق الإنسان من خلال تنمية سوسيو اقتصادية عبر كل أقاليم المملكة.
المغرب على هذا الأساس يمكن اعتباره ركيزة أساسية في العلاقات الإفريقية الإفريقية ومعبرا لأوروبا وبوابة للعالم العربي وفرصة للاستثمار ومنجم للخبرة في مجالات عديدة على قادة الاتحاد الإفريقي اغتنامها، لتكون عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي تمليه الرغبة السياسية والاقتصادية والرؤية المستقبلية للقيادة المغربية، ونلمس هذا والزيارات التي قام بها العاهل المغربي محمد السادس لدول افريقية والمبادرات التضامنية المتمثلة في إلغاء ديون بعض الدول الفقيرة ودعمه لتلك التي تمر بنكسات وأزمات ونزاعات سياسية واجتماعية.
فكما ساهم المغرب في تقديم كل الدعم للبلدان الإفريقية من أجل نيل استقلالها فهو قادر على بدل لجهود لمساعدتها في تدعيم مجتمعاتها ديمقراطيا وتنميا واقتصاديا كشريك يعتمد عليه.فكيف لهذه الدول أن تستغني عن مجهودات هذا البلد الأصيل والركون إلى كيان وهمي يدعى البوليساريو الذي لا عضوية له داخل هياكل اتحاد المغربي العربي، جامعة الدول العربية، ومجموعة بلدان الساحل والصحراء لمجرد انه مدعوم من قبل الجزائر.
في السياق ذاته أكدت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون مباركة بوعيدة، بان المغرب يرغب في العودة للاتحاد الأفريقي، قائلة بالحرف انه “لن نعود بالشروط الموجودة حاليا والتي يتم إقحام من خلالها البوليساريو وبالتالي لا بد من خروج البوليساريو”.
المطلوب الآن هو معرفة أن الوجود المغربي داخل دواليب الاتحاد الإفريقي يخدم ليس فقط وجهة نظر المملكة في حل المشكل المفتعل داخل الصحراء عبر مبادرة الحكم الذاتي، وإنما منصة انطلاق لتكسير الوجود الإيديولوجي للانفصاليين حتى خارج القارة السمراء، والضرب بقوة على كل الأوتار الحساسة المناهضة للوحدة الترابية خدمة لتطلعات المغرب في تدعيم نموذجه وترسيخا لوجوده المستمر والفعال داخل إفريقيا والمنطقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا، والمساهمة في تحقيق الاندماج والاستقرار والسلم والحكامة الجيدة داخل إفريقيا.
في هذه الظرفية والسياقات المتغيرة داخل البيئة الدولية لابد من إبراز ديناميات جديدة على مستوى الدبلوماسيات المتعددة رسمية وغير رسمية حتى يتم التعاطي مع كل المستجدات بروح واقعية لتحقيق نتائج حاسمة وملموسة على كل الأصعدة وبالخصوص في قضية الصحراء المغربية.
إذن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي نعتبره تصحيحا لوضعية شاذة وغير شرعية وطرد البوليساريو من هذه المنظمة نعتبرها خطوة جادة وكبيرة في استعادة روح التاريخ وإنصافه، وهذا المطلب أصبح ملحا وتنادي به كل الأصوات والعقول السياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية داخل القارة وخارجها لاقتناعهم بالأدوار الهامة التي قام بها المغرب لإنصاف قضايا إفريقيا والدفاع عنها.