|
|
قبل أن يفوت الأوان
أضيف في 20 فبراير 2013 الساعة 45 : 19
قبل أن يفوت الأوان
سؤال تحيرني اجابته : هل سنعيش في يوم من الأيام ما تعيشه مصر وتونس ؟ والجواب على هذا السؤال يدفعني لطرح اسئلة أخرى لا يمكن يتجاهلها : ما هي أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين المغرب وهذه الدول ؟ لماذا لا نعيش اليوم نفس الفوضى أم أننا نعيش فوضى من نوع آخر ؟ وهل حصن النظام في المغرب نفسه لكي لا نعيش نفس الفوضى في المستقبل ؟ وهل مستقبلنا سيكون مختلفا عن مستقبل مصر وتونس أم اننا نسير في نفس الاتجاه ؟
ما نراه على شاشة التلفاز من احتجاجات في الشارع وانقسام واحتقان، وتهديدات مباشرة بالقتل وعمليات اغتيال يجعلنا نطرح أكثر من تساؤل. صحيح أن الحالة في المغرب تختلف لأن نظام الحكم ملكي، و لأن الملكية كانت هي الضامن للاستقرار والتغيير ولو ببطء واستجابت لمطالب الشارع بسرعة، بل وتجاوزت سقف المطالب في خطاب تاريخي عشناه في التاسع من مارس 2011, لكن ما نعيشه من انقسام واحتقان في الساحة السياسية اليوم لا يجعلنا في منأى عن الفوضى السائدة في الدول المجاورة. وما تحقق لحد الساعة بعد عامين من الخطاب التاريخي للملك لا يرقى لمستوى ذلك الخطاب ولا يحافظ حتى على فلسفته وروحه الثورية.
لا يكفي أن نعيش نوع من الاستقرار السياسي مقارنة بالدول المجاورة لنحسب أنفسنا في منأى عن المشاكل، بل إن الاستقرار السياسي يجب أن يصاحبه استقرار اقتصادي واجتماعي. وهنا اوجه الشبه بيننا وبين الدول المجاورة، لأن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب متشابهة كثيراً مع دول كمصر وتونس رغم ما تعيشه هذه الأخيرة من مشاكل. ويكفي أن نقارن بين معدلات النمو في المغرب ومصر خلال سنة 2012 لنكتشف بأن البلدين حققا نفس نسب النمو، مع أن الاقتصاد المصري مصاب بالشلل بسبب الأحداث ونفس الحال إذا قارنا المغرب بتونس.
يعني أن الحكومات الإسلامية التي أفرزتها الثورات في البلدان العربية لم تستطع أن تغير شيئاً ولا أن تحقق القيمة المضافة المنتظرة، بل أنها لم تستطع حتى الحفاظ على المكتسبات السابقة (كما هو الحال عليه في المغرب(، وارتكبت الحكومات الملتحية نفس الأخطاء بلجوئها إلى الاقتراض الدولي دون تفكير و تهميشها لجميع القوى الحية المعارضة وردعها بجميع الوسائل (وصل الأمر إلى اغتيال شكري بلعيد في تونس). وهذا واقع يتشاركه اليوم المغرب مع مصر وتونس رغم الاستقرار السياسي النسبي الذي يعيشه المغرب، والذي لن يشفع له اليوم ليفلت من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة في الأفق. و إذا استمر الوضع كما هو، سنعيش ثورة جياع لن تستثني أحداً في البلدان الثلاثة.
يجب أن يفهم الإسلاميون اليوم بأن مراحل التغيير والانتقال الديمقراطي وما بعد الثورات لا تسير بمنطق الأغلبية والصناديق، بقدر ما تحتاج لتحقيق اجماع مجتمعي حول المبادئ الأساسية التي سيبنى عليها نموذج الديمقراطية في كل بلد. ونحن في المغرب استطعنا تحقيق اجماع نسبي حول دستور 2011 الذي أتى بأشياء جديدة محورية يعتبر تنزيلها أول خطوة نحو الملكية البرلمانية التي ينادي بها البعض، لكننا ما زلنا ننتظر التنزيل الفعلي لمضامين الدستور الجديد بعد عام ونصف من الاستفتاء عليه.
فالحكومة الحالية عجزت عن إخراج القوانين التنظيمية الجديدة، وأدخلت البلد في مأزق دستوري بعد أن أصبحت بعض مؤسسات الدولة الاستراتيجية اليوم غير دستورية (مجلس المستشارين، الجهات، الجماعات ...)، وأصبحت البلاد محكومة بقوانين قديمة لا دستورية.
يعني أنه لم يتغير أي شيء في البلاد سوى الحكومة ومجلس النواب، وما زلنا نسير الأمور بالمنطق والقوانين القديمة التي خرج الناس إلى الشارع لتغييرها والتي جاء خطاب 9 مارس 2011 للقطع معها. وهذه مسؤولية الحكومة دون أدنى شك وبعيداً عن كل المزايدات السياسية، وتحمل هذه المسؤولية يتطلب الشجاعة والجرأة والرؤية الاستراتيجية و تحقيق الإجماع حول كل الاجراءات الانتقالية مع كل مكونات المجتمع. وهو ما لم تبحث عنه هذه الحكومات منذ مجيئها، واستفردت بالقرار وبدأت في إعادة انتاج نفس الخطابات ونفس الاجراءات ونفس تبريرات من سبقوهم.
يجب أن يفهم الإسلاميون اليوم بأننا نعيش مرحلة "بناء الأوطان"، وأن الوطن للجميع، وأنه على الجميع المشاركة في بناء الوطن وتقويته. و بعد ذلك يمكن أن نمارس ديمقراطية الصناديق حول البرامج والأفكار وليس حول الموائد وشراء الذمم.
وإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.
خالد أشيبان
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|