الحديث عن إخفاقات المركز الصحي بأولاد عياد، وعن فشله في تدبير حاجيات السكان ،لا يعود بالأساس إلى ما ورثه القطاع الصحي عموما من اختلالات حقيقية تمس في جوهرها جانب الموارد البشرية أو ضعف الأجهزة..،إنما إلى إشكال استثنائي يستفرد به هذا المركز دون غيره،إشكال يرتبط أساسا بـطبيعة الطاقم المسير، الذي انتهج أسلوبا مغايرا ومتميزا ليس في العمل، إنما في طرائق "الاستهتار بمشاعر المرضى إلى حد الإغماءات..
عشرات المواطنين ،و كل من سولت له نفسه وضع قدميه على عتبة هذا المركز، يستغرب لهذه السلوكيات، ويعرب بشكل من الأشكال، عن تنديده بمختلف الخدمات التي يقدمها المسئول الأول وباقي أتباعه من ممرضات إلا من رحم ربي.
آخر حالات هذا الإذلال والتقاعس،حسب إفادة بعض المواطنين، إضافة إلى أسلوب العكننة والانتظار القاتل، والغياب المتواصل دون مبرر،أو التأخر أحيانا عن العمل حتى حدود منتصف اليوم، ما حدث في الأسابيع الماضية، حيث تم رفض أزيد من حالة ولادة لأسباب غير معروفة،وحسب بعض الأقوال، فإن امرأة حامل وضعت جنينها خلال السنة الماضية على عتبة المركز بعد طول انتظار،وقيل أيضا أن أخرى لفظته بالمرحاض. أما حالات الإغماء فحدث ولا حرج ..هذا ناهيك عن عشرات الحالات التي" انجرحت" في أعماقها، واختارت بدل المجابهة ،التوجه نحو المستشفى الإقليمي ببني ملال، تجاوزا لوضع ناشز كهذا، لكن بهموم ثقيلة، وأسئلة مُحرقة لم تلق جوابا، عما آلت إليه الأوضاع في هذا المركز وفي هذه المرحلة بالذات حيث الإرادة الحكومية واعية بضرورة الارتقاء بالقطاع مما يقتضي الاستجابة لانتظارات المواطنين وتمكينهم من جودة الخدمات الصحية ليس في هذه المنطقة بالذات وإنما على صعيد مناطق المملكة.!!
إن تواتر هذه الأحداث، وشكاوي الناس الملتبسة أحيانا، والفضول في كشف ما يجري بهذا المركز، أفضى بنا، إلى نتيجة خطيرة وهامة في نفس الوقت، تفيد أن من أدى القسم لتحمل المسؤولية والإنصات إلى آهات المرضى،يعيش منذ زمن بعيد "خـــــارج التـــغطية" ،نظرا لما ابتلي به من بلايا، يستحيل التوفيق بينها وبين نُبل المهنة!
وعن بليَّته هذه، تناثرت حكايات عدة بين النساء قبل الرجال ،واحتج نفر من القوم سرّا وعلانية إلى درجة أن البعض منهم "وُصف"،حينها وعن غير حق، بالمتشدد واللاإنفتاحي، وتجاوز الأمر هذا إلى حدود تخوف النساء المرضى ، من أن يقوم هذا"الحكيم"(بلغة الصعيد)، في يوم ما بفعلة ما، لا تحمد عقباها ،وثم بذلك إرسال إشارات واضحة إلى المعنيين بالأمر إقليميا، لكن بدا أن" ميساجات القرية " لا تتجاوز حدود العلبة الصوتية،لأن المعني بالأمر دأب على عادته،والمركز لازال على منهاجه،وحالات الإخفاق تتوالى، وحجم الاستنكار يتزايد.. وممرضات أخريات جابهن كل من ساقته الظروف إلى عين المكان بأسئلة غريبة ومجحفة..أسئلة تضع المرضى بين أمرين أحلاهما مرُّ : إما اختيار وجهة أخرى للمعالجة، أو القبول بكل الاحتمالات السيئة الممكنة، بدعوى أن هناك نقصا في الأدوية وقلة في الأجهزة...وقد أفلحت أسئلة الرعب هذه : حسب استطلاعنا، في فتح نافدة للاسترخاء، وإبعاد الفقراء والمهمشين، وفك لغز الاكتظاظ، الذي عرفه المركز طيلة السنوات الماضية، خصوصا وأنه كان يستقطب اهتمام أزيد من 30 ألف نسمة إذا ما استحضرنا الدواوير الجبلية المجاورة.
مركز أولاد عياد الصحي إذن، بهذا المعنى، وفي ظل هذا التسيير العقيم ،لا تنقصه الأجهزة الطبية، أو الموارد البشرية، أو قاعات الولادة ،أو الأسِرَّة.... ،إنما يحتاج قبل هذا، إلى إرادة حقيقية في خدمة المواطن،والى ضمير إنساني سليم ومعافى يبجل الذات الإنسانية، ويقبل بالإنصات إلى ارتعاشة هذه المرأة الحامل، أو ذاك الرجل المسن ..ويتحسس اكراهات الفقراء وآل الدرك الأسفل من المجتمع.. وقبل هذا وذاك، يحتاج إلى عقل كفء في التدبير والتسيير، وليس إلى جسد خمول، لا يحقق توازنه إلا بعد جرعة كحول سامة تبيح المحظور وتحلل المحرم، وما أعتقد أن من لم يستطع تدبير نفسه سيتفوق في تدبير أمر الآخرين.