|
|
التسول عبر الإنترنت.. مواقع التواصل الإجتماعي نموذجا
أضيف في 29 أكتوبر 2018 الساعة 38 : 22
التسول عبر الإنترنت.. مواقع التواصل الإجتماعي نموذجا
ما يعرف بالتسوُّل ظاهرة موجودة منذ القدم، وقد انتشرت بين الفقراء حتى اتخذها البعض مهنة وأدمن عليها بالرغم من تحسُّن حاله. نشاهد ظاهرة التسوُّل يوميًّا في حياتنا عند إشارات المرور وعند مداخل الأسواق وبوابات المحلات التجارية، ولكن الغريب أن التسول وصل للإنترنت وبحرفية تامة فأصبح لدى المتسوِّلين شبكات ومنظمات دولية تدير مهنتهم وتدرس أسرارها!! فعلا «عش رجبًا ترى عجبًا» !!
التسوُّل عبر الإنترنت يُعرف بالإنجليزية باسم (Internet Begging, or Cyberbegging) وهو وجه آخر للتسوُّل التقليدي ولكن باستخدام التقنيات الحديثة، فالتسوُّل هو طلب المال لتلبية احتياجات الشخص من غذاء ومسكن وترفيه وغيرها مع الحفاظ على خصوصية وهوية الشخص "الذي هو المتسوِّل". وتختلف طرق التسوُّل عبر الإنترنت من مجتمع لآخر، فيغلب في المجتمعات الغربية التسوُّل لتحقيق أحلام وأهداف شخصية غريبة نوعًا ما مثل تسوُّل لتسديد تكاليف دروس في الرقص أو الموسيقى، أو تسوُّل لتسديد بطاقة ائتمانية استخدمت لشراء ملابس ومستلزمات منزلية، وفي المقابل في وطننا العربي نجد البعض يتسوَّل عبر الإنترنت عن طريق استثارة المشاعر الإنسانية "بحكم أننا شعوب عاطفية" وذلك بإيهامنا أن المرسل محتاج للمال أو أنه مصاب بمرض خطير يحتاج لمبالغ كبيرة للعلاج، والبعض ربط التسوُّل بأمور دينية بذكر عددٍ من الآيات القرآنية وعرض صور أو فيديوهات لمجاعات إفريقيا أو كوارث إنسانية وذلك عن طريق إرسال إيميلات أو عبر غرف الدردشة أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة. أول "متسوِّل" إلكتروني في العالم يعرف باسم "ريتش شميت" وهو صاحب موقع يُسمى (Givemedollar) ومتخصص في التسويق الموسيقي، هدفه من إنشاء الموقع هو الظهور في برنامج تلفزيوني شهير وجمع النقود، كان طلبه في موقعه من الزائرين هو إرسال دولار واحد بدون أي استجداء للعطف أو ذكر أي أسباب، والغريب أن موقعه لاقى صدًى كبيرًا وجمع على أثر ذلك نحو 315 ألف دولار أمريكي.
كذلك موقع (canihaveonedolla) وهو مشابهه لموقع ريتش ولكن صاحبه أكثر تطورًا حيث جعل الدفع لتحويل الدولار إلكترونيا عبر موقع Paypal وذكر في موقعه سبب تسوُّله وهو أنه يريد حياة كريمة ومرفهة لعائلته المكونة من طفلين وزوجته!!! ومن أشهر المتسولين عبر الإنترنت أمريكية تُدعى "كارين" صممت موقعًا للتسوُّل لسداد ديون بطاقتها الائتمانية التي تقدر بحوالي 20 ألف دولار وذلك لشرائها ملابس ومستلزمات منزلية لا تريد إعادتها، والمدهش أنها استطاعت جمع ما يقرب من 13 ألف دولار لسداد ديونها وقامت كذلك بتأليف كتاب يشرح خطوات نجاح مواقعها للتسوُّل وأسراره، وقد ترجم كتابها إلى 8 لغات مختلفة. وهناك صاحب موقع (Make Me Richer Than Bill Gates) الذي هدفه أن يصبح أغنى من بيل غيتس ويطلب من المتبرعين ما تجود به نفوسهم ويعدهم بأنه سيستثمر أموالهم في المستقبل بما سوف يُحدث ثورة اقتصادية كبيرة على بلده!! المواقع السابقة هي جهود شخصية لأفراد، وبسبب نجاح واحترافية تسوُّلهم، أُنشئت منظمة تهتم بالتسوُّل على الإنترنت تدعى Foundation for Internet Begging وهي تهتم بالتدريب على فنون التسوُّل على يد خبراء النصب التِّقَنيين وتدرس النظريات الأكاديمية الحديثة في التسوُّل بمفهومه التقني الجديد. ومن أمثلة المواقع المنظمة لمساعدة عدد كبير من المتسوِّلين موقع outrageousrequests وموقع begslist وموقع cyberbeg الذي يعرض قائمة من طلبات المتسوِّلين التي تبدأ من تسول لدفع فواتير إلى تسول للسفر والترفية!!. في الحقيقة، أغلب المنظمات التي تستخدم التسوُّل هي منظمات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، وكل ما لديها هو موقع إلكتروني وهمي لا يتعدى تكلفته من 100 إلى 300 دولار تعرض فيه صورًا وفيديوهات ترقق القلوب وتستثير المشاعر، وفي الغالب ينشط عمل هذه المنظمات في الوطن العربي في الفترات الدينية مثل فترة شهر رمضان. أخيرًا: التسوُّل التقليدي أو التسول عبر الإنترنت ظاهرة سيئة تسيء للمجتمع وتعتبر جريمةً يجب معاقبة فاعلها تبعًا لقانون الجرائم الإلكترونية حيث إنها نوع من النصب والاحتيال؛ لذلك يجب التأكد قبل التبرع إلكترونيًّا بالجهة التي تنظم التبرعات والتأكد من تسجيلها وحصولها على تصريح من وزارة الشؤون الاجتماعية. و بالرغم من الجانب المذهل في استخدام التقنية في التسوُّل وجعله إلكترونيًّا إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من سؤال الناس سواء إلكترونيًّا أو واقعيًّا لما فيه من فقد للكرامة وذل ومهانة حيث قال عليه الصلاة والسلام: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ، حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) رواه البخاري ومسلم).
ولاتساع نطاق الحريات في زمننا الحالي، البعض أصبح يستغل تسوله بمواقع التواصل الإجتماعي عبر خلطه لمفاهيم النضال، وبحبكة الذرائع في قالب الدفاع عن حقوق الإنسان...؟؟؟، غالبا داعمي هذا النوع من التسول هم الناقمين واعداء الوطن...
بتصرف..
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|