الرشوة
الرشوة هي المال الذي يعطى لإخفاء حق أو إحقاق باطل، وقد ظهرت جريمة الرشوة مع بداية الحياة البشرية وكانت عقوبتها عند فراعنة مصر هي الإعدام، ولا تعد الرشوة جريمة محلية بل جريمة دولية، وفي التشريعات المقارنة يوجد نظام للرشوة، نظام يعتبر الرشوة جريمة واحدة من جريمة الموظف الذي يقبل المقابل أو الهدية مقابل عمله، أما الراشي فهو شريك يعاقب عقوبة المشاركة، في حين أن النظام الثاني يعتبر الرشوة جريمة الراشي والمرتشي وكل واحدة منها مستقلة عن الأخرى، وسار المشرع المغربي في هذا الاتجاه مقتبسا ذلك من نظيره الفرنسي.
حسب مقتضيات القانون الجنائي المغربي يعتبر مرتكب جريمة الرشوة كل من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو تسلم هبة أو هدية أو أية منفعة أخرى من أجل القيام بعمل من أعمال الوظيفة بصفته قاض أو موظف أو متولي لمركز نيابي، أو إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده بصفته حكما أو خبيرا، أو الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده وذلك بصفته قاضيا أو موظف أو محلف أو عضو من أعضاء المحكمة، أو إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة من طبيب أو جراح أو طبب أسنان أو مولدة...، وعموما يعتبر مرتكب جريمة الرشوة كل مستخدم أو عامل أو موكل بأجر.
من خلال ما سبق، فأركان جريمة الرشوة تتمحور في فعل مادي يستوجب حصول فعل تقديم الهبة أو أية منفعة أو فائدة من الراشي وتسلمها من قبل المرتشي، مع القيام أو الامتناع عن العمل، ويتجلى القصد الجنائي في اتجاه نية الجاني إلى ما يعرضه أو يقدمه هو مقابل العمل أو الامتناع عن العمل الذي طلبه من المرتشي، وانصراف نية هذا الأخير إلى قبول طلبه من أجل الخدمة التي قدمها أو سيقدمها، ويجب أن يكون المرتشي محيطا بجميع عناصر الجريمة، كالذي قدم مالا لموظف واعتبر هذا الأخير أنه يستوفي دينه لكن ذلك الشخص يقصد أنه قدم دلك رشوة خالصة.
إن الصعوبة تثار عندما يتلقى الموظف مثلا منفعة بحسن نية ثم يكتشف سببها الإجرامي لكن لا يقوم بإرجاعها، هنا انقسم الرأي إلى قسمين، الأول يرى أن جريمة الرشوة تتحقق بتوافر ركنها المادي والمعنوي، هذا الأخير يتحقق إذا قدمت للموظف فائدة ثم اكتشف أن الغرض منها عن غير حسن نية وقام بعد ذلك بالعمل أو الامتناع المطلوب، بينما يرى الآخر أنه لا يوجد تعارض بين القصد والفعل، لأن استمرار حيازة المنفعة ليس هو الفعل المكون للجريمة، وإنما هو أثر له، أما الفعل فهو الأخير وقد وقع قبل القصد، لأنه لا يكفي أن تتوفر أركان الجريمة بل يجب أن تكون مجتمعة.
لقد وضعت عدة محاولات للتصدي لهذه الجريمة سواء على المستوى العالمي والمتمثلة في التوصية الصادرة سنة 1927 وكذلك بصدور مدونة السلوك الصادرة سنة 1980، كما اتجهت المحاولات إلى التصدي لها على المستوى الإقليمي عن طريق الاتفاقيات الدولية أهمها اتفاقية السوق الأوربية المشتركة، وبالرغم من ذلك فلا تزال الظاهرة قائمة ومستمرة...؟ .
أزيلال الحرة