تعرف العديد من المدن الجزائرية انتفاضات جماهيرية حقيقية نتيجة الأزمة التي أصبح الشعب الجزائري يعانيها سواء على جميع المستويات، وهي الأزمة التي زادتها ميزانية 2017، عبر الإجراءات التقشفية الجديدة الواردة فيها، استفحالا..
وفي تفاقم البطالة وارتفاع الأسعار والزيادة في الضرائب وتخلي الدولة عن دعم مجموعة من القطاعات الاجتماعية كالصحة والسكن والتعليم، ثار المواطنون للدفاع عن حقوقهم في وجه نظام لم يجد من مخرج لأزمته سوى الإجهاز على قوت وجيوب الجماهير الشعبية، في دولة تعتبر من بين اكبر الدول المنتجة للبترول..
مظاهرات أمس الإثنين، المتواصلة لغاية اليوم، والتي أسفرت عن العديد من الجرحى والمصابين جراء المواجهات العنيفة بين المحتجين والقوات الأمنية بالعديد من الولايات، تتجه نحو التصعيد متخذة شكل انتفاضة شعبية وعصيان مدني، بعد أن دخل التجار على الخط عبر إغلاق محلاتهم وتنفيذ إضرابات مما سيؤدي لا محالة إلى انفجار الوضع في وجه النظام الذي لم يعد يكترث بمطالب الشعب وأوضاعه المزرية، حيث أضحت كل اهتماماته منصبة على الحفاظ عن مصالحه الشخصية وتأمين أكثر قدر ممكن من الريع واقتسام الغنية النفطية في غياب حس وطني، خاصة بعد انهيار أسعار النفط والغاز على المستوى الدولي..
الانتفاضات والمظاهرات الجماهيرية الشعبية، التي عرفتها العديد من المدن الجزائرية، تميزت بحدتها وكشفت أن الجماهير الشعبية لم تعد قادرة على الصبر حيث فجرت غضبها من خلال إحراق وتخريب العديد من الممتلكات والمؤسسات العمومية والإدارات الرسمية، خاصة بعد التدخل العنيف لقوات الأمن التي تعاملت مع المتظاهرين بأساليب قمعية مما أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين..
وتحولت المواجهات في العديد من المدن، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة بجاية عاصمة القبايل الصغرى، إلى حرب حقيقية بين الجماهير الشعبية الغاضبة وبين مختلف القوات الأمنية والعسكرية التي استنفرها النظام لمواجهة هذه الانتفاضة التي قد تعصف بأسس النظام العسكري الذي ظل جاثما على صدور الجزائريين منذ استقلال البلاد بداية ستينيات القرن المنصرم..
وفي أول تعليق لوزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، على الأحداث التي شهدتها بجاية أمس الإثنين، أكد "الحكومة تتابع الوضع عن كثب" مشيرا إلى أن "السلطات الأمنية تسيطر على الوضع".
وفي محاولة للهروب إلى الأمام، ردّ الوزير على تساؤلات الصحفيين بالقول إن "الدولة هي الضامنة من أجل ضمان القدرة الشرائية للمواطن"، رافضا الخوض في حيثيات ما وقع وما يقع بالبلاد..
محمد بوداري