من جرائم القرن 21 بأزيلال من باب التذكير..إنتهاك المقابر من أجل النبات والإعتقال ليلا بمقبرة
في يوم الخميس 19 يونيو 2006 ، تمكنت مصلحة الدرك الملكي بجماعة أيت مازيغ قيادة واويزغت، من ضبط 600 كلوغرام من نبات الصابرة المخصص للتصدير للدول الأجنبية بشكل غير قانوني كفرنسا وايطاليا، والمستعمل في مواد التجميل، وتم تسليم المحجوزات للنيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال.
مصادر أمنية ذكرت، أن المتهمين البالغ عددهم عشرة والمقيمين في بلدية القصيبة، لا زالوا في حالة فرار، في حين تم اعتقال ثلاثة منهم، إثنان تم إطلاق سراحهم بعد التحقيق، مع إمكانية استدعائهم في حالة ثبوت معطيات جديدة ، حيث أكدا عدم وجود علاقة تربطهم بالاظناء، مستندين الى كونهم أبناء مكان وقوع الجريمة، ويملكان شاحنة لنقل البضائع، تعاقدا مع الاظناء على نقل نبات المقابر نحو مدينة مراكش، بينما تم عرض المتهم المعتقل من طرف الدرك الملكي على أنظار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال، في انتظار البحث عن الفارين من العدالة.
مصادر مطلعة من عين المكان تشير أن سكان الجماعة هم من ألقوا القبض على المتهمين وتسليمهم الى درك أيت مازيغ قيادة تيلوكيت في ساعات متأخرة من الليل بينما لاذ الآخرون بالفرار، هذا إضافة الى كون الاظناء يضيف نفس المصدر قاموا بنبش حوالي 40 مقبرة بتراب جماعات القصيبة وتاكزيرت واغرم العلام...، ولم يتم ضبطهم إلا عند محاولة تهريب النبات بنبش مقبرة 'أيت سي مور' ، مع العلم أن درك المنطقة لم يجد بحوزتهم ما يثبت تهريبهم لرميم الموتى .
الشروع في المحاكمة
شرعت المحكمة بأزيلال صباح يوم الاثنين 26/06/2006، على الساعة الثانية عشرة والنصف زوالا في النظر في الملف القضائي عدد 164/06 ، المتعلق بمحاكمة ثلاثة متهمين بالنبش بمقبرة 'أيت سي مور' بجماعة 'أيت مازيغ' قيادة واويزغت، لاقتلاع نبات 'الصابرة' ،حيث مثل أمام أنظار هيئة الحكم بائع أعشاب بالجملة المدعو(س. م)، ومالك شاحنة نقل الصابرة (ب.ش)، وسائقها (م.ش) ، وبحضور دفاع الأظناء وممثل الحق العام .
أقر الظنين بائع الأعشاب (س.م) أمام أنظار المحكمة بكونه تعاقد مع ثلاثة أشخاص بقطنون بدوار 'أيت سي مور' مكان تواجد المقبرة من بينهم عون سلطة في درجة (مقدم )، لشراء نبات الصابرة المتواجد داخل المقبرة التي يعود تاريخ دفن موتى المسلمين بها الى أواسط السبعينيات من القرن الماضي، ليقوم بعد ذلك بنقلها الى مدينة فاس أو مكناس لإعادة بيعها بالسعر الذي يناسبه، مشيرا الى كونه لا يعلم أن المقبرة هي مكان اقتلاع النبات، اذ أخبره البائعون على وجود سبعة أطنان من النبات بحوزتهم..
لم تتمكن مصالح الدرك الملكي من ضبط سوى 600 كلوغرام من النبات..
عند حضور المشتري على الساعة الثانية والنصف ليلا الى عين المكان أخبره البائعون بمكان وجود النبات بوفرة وهي مقبرة 'أيت سي مور' المتواجدة على بعد 20 متر من الشارع الرئيسي و50 متر عن الدوار ، هذا علاوة يضيف الظنين أنه استعان بستة عمال من مدينة القصيبة اقليم بني ملال لاقتلاع النبات فروا من المكان ولازالوا في حالة فرار.
من جانبهما، إعترف مالك الشاحنة المدعو (ب.ش) أمام أنظار هيئة الحكم، أنه لاعلم له بموضوع النبش أو غيره..، ولا علم لسائق الشاحنة المدعو (م.ش) بنوع المنقول، إذ كان في طريقه الى جماعة تيلوكيت، فاعترض سبيله بائع الأعشاب، فاخبره بوجود منقول بدوار 'أيت سي مور'، فطلب منه نقله الى مدينة القصيبة على أن يسدد له أجره.
بمجرد وصول الشاحنة الى عين المكان يضيف السائق حدث شجار عنيف بين العشاب والبائعين الثلاثة حول ثمن الشيء المبيع، و تجمع سكان الدوار حول المقبرة ، وفقد العشاب وعيه نتيجة الضرب الذي تعرض له من طرف البائعين، مما أجبره يسترسل السائق في اعترافه الى مغادرة المكان في اتجاه مدينة القصيبة.
بعين المكان، اكتشف السكان أن المقبرة تعرضت للتخريب من كثرة الحفر، ما تسبب في خلط بين القبور، وصعوبة التعرف على هوية الموتى.
دفاع الظنين بائع الأعشاب تقدم بدفوعات شكلية مستندة الى كون الضابطة القضائية التي أنجزت البحت خرقت المهلة القانونية التي يحددها المشرع للحراسة النظرية و التي ثم تمديدها دون الحصول على اذن كتابي من النيابة العامة ، غير أن هذا الدفع ثم نقضه من طرف رئيس الجلسة بعد الاستماع الى تعقيب ممثل النيابة العامة الذي استند على وثيقة مكتوبة تثبث تبليغ النيابة العامة بتمديد الحراسة النظرية نتيجة استمرار البحت عن الفارين من العدالة.
وفي انتظار البحث عن الأظناء الفارين من العدالة ولاستدعاء الأشخاص الثلاثة القاطنين بمكان وقوع الجريمة من بينهم عون سلطة، أجلت هيئة المحكمة البث في النازلة، في حين الأظناء الثلاثة رهن الاعتقال الاحتياطي..
الحبس النافذ والبراءة
بعد مداولات طويلة استغرقت ساعة ونصف، قضت المحكمة الابتدائية انتهائيا وحضوريا على الساعة الخامسة والنصف من مساء يوم الاثنين 04 يوليوز 2006 ، بثمانية أشهر حبسا نافذا على بائع الأعشاب (س.م) وبغرامة مالية تقدر ب500 درهم مع تحميله الصائر، في حين قضت المحكمة ببراءة باقي المتهمين البالغ عددهم 12 ، اثنان منهم كانا حاضرين وهم صاحب الشاحنة (ب.ش) وسائقها (م.ش)، في حين تخلف الباقون لكونهم لايزالون في حالة فرار.
الجلسة الاخيرة لمحاكمة المتهمين عرفت تدخلات واستفسارات وتعقيبات متبادلة بين دفاع الاظناء والنيابة العامة والممثل القانوني لنظارة أوقاف بني ملال وأزيلال، كما مثل أمام أنظار هيئة المحكمة خمسة مصرحين يقطنون قرب مقبرة 'أيت سي مور' ممن عاينوا ظروف وملابسات الجريمة، بينما تخلف عون السلطة الذي اتهمه بائع الأعشاب بالتعاقد معه على الشيء المبيع المعروف بنبات الصابرة.
شهادة الشهود تؤكد انتهاك المقبرة وتخريبها
مثل أمام أنظار هيئة المحكمة خمسة شهود للإدلاء بما شاهدوه من انتهاكات لحرمة الموتى، شاهدين بعد أداء اليمين بكونهم سمعوا ضجيجا على الساعة الواحدة ليلا داخل مقبرة الدوار، مما خلق لديهم رعبا دفع ببعضهم الى الاتصال بعون سلطة، الذي اتصل هو الاخر بدرك ايت مازيغ قيادة واويزغت.
قبل وصول رجال الدرك تقدم بعض أفراد دوار 'أيت سي مور' الذي لايبعد عن المقبرة الا بحوالي 50 مترا، فوجدوا العشاب (س.م) صحبة صاحب الشاحنة (ب.ش) وسائقها ( م.ش)، بينما لاذ الاخرون بالفرار، عندئذ يضيف الشهود أن العشاب أصيب بالذهول فلاذ بالفراراتجاه مكان وقوف الشاحنة فلحق به عون السلطة وشابين من أفراد القبيلة ، فتم القبض عليه صحبة مالك الشاحنة وسائقها..
وتبعا لذلك يضيف الشهود، حضر رجال الدرك الملكي ليتم تسليم المتهمين من أجل تقديمهم للعدالة، حيث عاينوا ما كان يقوم به الأظناء و إحضار مصور التقط صور لاثار الجريمة ووسائلها والتي سلمت مع المحجوزات.
في نفس السياق، صرح الشهود بكون الأظناء خربوا المقبرة وأتلفوا هويتها نتيجة الحفر العميقة التي تركوها، والتي يصل عمقها حوالي متر ونصف، مؤكدين أن عملية الحفر استعملت فيها الفؤوس حتى ظهر الحجر الأخير الذي يفصل بين الميت والتراب المحيط بالقبر، مما دفع الى الإعتقاد في البداية امكانية تنقيب العشاب ذا اللحية الطويلة والبحث عن الكنوز بصحبة 12 متهما بمنتصف الليل، حيث تركوا حفرا عميقة فوق القبور..
مصادرة المحجوزات
قضت المحكمة الابتدائية بمصادرة المحجوزات ، والتي تشتمل على ستة أكياس من فئة مئة كلوغرام ، غير أن ما صرح به الظنين والشهود يناقض الكمية المحجوزة، اذ اعترف المحكوم عليه أنه تعاقد مع ثلاثة أشخاص لشراء ستة أطنان من النبات بحوزتهم ، بينما أن النبات الذي كان بالمكان يقول الشهود يقدر ب922 كلوغراما بعد جردها ووزنها بالمكيال، دون اشارتهم لوجود كمية أخرى أو وجود عون سلطة بمعية فردين قاموا بالتعاقد مع العشاب، مجمعين أن عون السلطة ( المقدم ) ورفاقه هم من ألقوا القبض على العشاب عند محاولته الفرار.
الدفاع يطالب بالبراءة والتعويض المدني
تقدم الممثل القانوني لنظارة أوقاف بني ملال وأزيلال نيابة عن وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية للمطالبة بالحقوق المدنية، بتوضيح موقف نظارة الأوقاف من الجريمة التي وقعت بدوار أيت سي مور، معتبرا كونها جريمة شنعاء تسيء الى سمعة المسلمين، وتخل بالاحترام الواجب للموتى، وكونها جريمة انتهاك حرمة المقابر، وطالب بتعويض مدني حدده بعشرين ألف درهم ، في حين تقدم دفاع المحكوم ضده بدفوعات منها ما هو شكلي وما يدخل في جانب الموضوع، معللا كون المقبرة يعود تاريخها الى 500 سنة مضت ويجوز من باب مراعاة مصلحة الأحياء حرثها واستغلالها حتى لرعي الماشية، بينما الشهود متشبتون باحترام سكان دوار 'أيت سي مور' لحرمة المقبرة، حيث قاموا ببناء حائط يحيط بها ويمنعون الرعي داخلها، ولازالوا يقومون بدفن أموات المسلمين بها بعد عملية التوسعة والترميمات التي شهدتها...
أزيلال الحرة / عزيز- ه : عن الجريدة الورقية المتوقفة 'صوت الناس' إصدارات سنة 2006
الصورة من الأرشيف..