الاقتصاد الوطني لم يكن خير سنة 2016. تلك هي الخلاصة التي خلص لها مجلس بنك المغرب، الهيئة التقريرية للبنك المركزي، بعد اجتماعه الدوري الرابع والأخير خلال السنة التي نستعد لتوديعها. فقد أشار بنك المغرب في البلاغ الصادر بعد اجتماع مجلسه يوم 20 دجنبر 2016 إلى أنه خفض توقعه للنمو خلال السنة الجارية إلى 2،1 في المائة.
وذلك نتيجة تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 6،9 في المائة وتباطؤ الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي الذي لم يتعد 6،2 في المائة، ويعتبر معدل النمو هذا، المنخفض مقارنة مع ذلك الذي ساقته المندوبية السامية للتخطيط (5،1 في المائة)، من أدنى المعدلات التي عرفها المغرب مند بداية الألفية الجديدة، ومن المعدلات السيئة المتكررة التي سجلت في ظل الحكومة المنتهية ولايتها والتي كانت قد وعدت المغاربة بتحقيق معدل نمو مرتفع ولم تف بوعدها، إذ بلغ معدل نمو الناتج الداخلي الخام المغربي 3،4 في المائة في المتوسط بين 2007 و 2012 و 9،4 في المائة في المتوسط بين 2000 و2006 بينما بقي قريبا من 3 في المائة في المتوسط مند 2012.
وحتى هذا المعدل الأخير يرجع بالخصوص إلى السنوات الممطرة وللتحول النسبي لبنية الانتاج الفلاحي بفضل تفعيل مخطط المغرب الأخضر وإلا كنا سنعود خلال السنة الجارية إلى سنوات النمو السلبي التي عرفتها ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، هذا بينما كان النمو المرتفع نسبيا قبل سنة 2012 يعتمد، بالإضافة إلى الفلاحة، على رافعات البناء والأشغال العمومية والخدمات التي عوضت التراجع المتواصل مند أواخر التسعينات للقيمة المضافة للقطاع الصناعي. ضعف النمو خلال السنة الآيلة للنهاية، وخلال ولاية الحكومة التي قادها عبدالإله بنكيران، علامة فشل حقيقي لهذه الحكومة، حيث عاد بنا إلى سنوات النمو الضعيف في ظروف توفرت فيها الكثير من المعطيات الإيجابية، ومنها انخفاض أسعار البترول والمواد الغذائية في السوق العالمية الذي تزامن وإنهاء دعم المحروقات بعد المقايسة والتالي ربح الخزينة لقرابة 40 مليار درهم سنويا، ومنها أيضا الهبات الخليجية المقدرة ب 5 ملايير دولار على مدى خمس سنوات....
وهو ما يسائل السياسة الاقتصادية للحكومة المفروض أن تعمل على الدفع بعجلة النمو عبر استخدام مختلف المحركات بشكل منسق وبعيد النظر لا أن تسجن القرار الوطني بالتزامات ذات طابع تقشفي ومتوحش تجاه صندوق النقد الدولي في إطار اتفاقية الوقاية والسيولة التي جددت الحكومة التزامها بها ثلاث مرات.
وقد كان لفشل الحكومة المنتهية ولايتها في الوفاء بالتزامها تجاه المغاربة بتحقيق معدل نمو مرتفع نتائج متعددة، وعلى رأسها ارتفاع معدل البطالة وطنيا إلى 10 في المائة ( 1.142000 عاطل)، وإلى 15 في المائة في الوسط الحضري، مع تسجيل تراجع معدل الشغل، أي الساكنة المشغلة من مجموع السكان النشيطين، إلى حوالي 42 في المائة، وهو من أدنى المعدلات على امتداد السنوات المنصرمة من الألفية الجديدة.
هذا مع العلم أن جزء غير يسير من المشغلين هم من المساعدين العائليين الذين لا يحصلون علة دخل مقابل شغلهم ( أكثر من 40 في المائة العالم القروي). وطبيعي أن ينتج عن ارتفاع عدد العاطلين أثر وخيم على الدخل الفردي وأن ينعكس سلبا على الاستهلاك الخاص، الذي يعتبر محركا أساسيا للنمو، الذي سجل مجلس بنك المغرب تباطؤه. جدير بالإشارة إلى أن مجلس البنك المركزي المغربي قرر الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بدون تغيير، أي 25،2 في المائة، بناء على توقع بقاء معدل التضخم معتدلا على المدى المتوسط، ولم يتأثر هذا القرار برفع معدل الفائدة الرئيسي من طرف الاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة مؤخرا في مقابل إبقاء البنك المركزي الأوروبي معدله في حدود الصفر عقب اجتماعه المنعقد في 8 دجنبر الجاري.