لا حديث هذه الأيام، سوى عن انتخابات تجديد أعضاء مجلس النواب، بالموازاة مع شروع الأحزاب السياسية في حملاتها الانتخابية التي انطلقت منذ الساعات الأولى من صباح يوم السبت 24 شتنبر الجاري..
وبينما استبقت الأحزاب السياسية هذه المحطة، بعقد لقاءات من أجل تقديم برامجها الانتخابية، التي تتعهد بتنزيلها في حال ما إذا مكنتها الأصوات، التي ستحصل عليها، من ولوج قبة البرلمان، والمشاركة في الائتلاف الحكومي القادم، عرضت أخرى، خصوصا تلك التي شاركت في التحالف الحكومي الحالي، حصيلتها في القطاعات التي أشرف عليها وزراؤها، وطبعا اعتبرتها إيجابية، على الرغم من أن الحكم هو المواطن، لكن ليس بالحضور في هذه اللقاءات التي تعقد في الفنادق المصنفة، وتفنيد ما جاء فيها، بل عبر صناديق الاقتراع التي تعد السبيل الوحيد، لإجراء محاكمة عادلة لهذه الحكومة، التي تتحمل كل من أحزاب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، مسؤوليتها فيها.
وطبعا، لن تفلت أيضا حتى أحزاب المعارضة من المحاكمة، التي ستجرى في السابع من شهر أكتوبر المقبل، إذ هي أيضا يجب أن تحاسب على الطريقة التي دبرت بها المرحلة، وإلى أي حد قامت بواجبها الذي يضمنه لها الدستور الجديد، الذي أعطاها صلاحيات كبيرة، كما هو الشأن بالنسبة إلى الحكومة ورئيسها، الذي أصبح يتمتع بصلاحيات، لم يكن سابقوه من الوزراء الأولون "يحلمون" بها، بعدما ظلت مدة طويلة في يد الملك.
كل هذا، يمكن التعبير عنه، عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الاستحقاقات الانتخابية، التي ستسفر عن اختيار ملامح خمس سنوات أخرى، من تدبير جديد للشأن الحكومي المغربي، ينتهي في سنة 2021، من خلال التعبير عن وجهة نظر، عبر صوت سيكون مسموعا، وسيؤثر بشكل مباشر في تحديد رئيس الحكومة المقبل، والحزب الذي ينتمي إليه، وفق ما أقره الدستور، الذي يعطي الفرصة للناخبين من أجل المشاركة في اختيار رئيس الحكومة المقبل، وذلك بالنظر إلى أنه نص لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي، على أن الملك يعين رئيسا للحكومة من الحزب الذي أحرز الرتبة الأولى، في الانتخابات التشريعية.
فكثيرون يرفعون شعار "مامصوتينش"، ويكتفون فقط بالتعبير عن صوتهم وراء حواسيبهم وهواتفهم الذكية، في وسائل التواصل الاجتماعي وفي "فايسبوك" خصوصا، من خلال متابعة "فيديوهات" الزعماء السياسيين، ووضع "جيم" أو متابعة تعليق ساخر أو سلبي تعبيرا عن درجة السخط والتذمر، ظنا منهم أن صوتهم مسموع، في حين أنه مجرد فعل يبرح مكانه، ولا تأثير له، في تغيير معالم المستقبل.
هؤلاء يسمون أنفسهم "ساخطين" على الوضعية، أو على السياسيين، لكن السخط لا يعني الابتعاد عن الساحة، والبقاء بعيدا والاكتفاء فقط بلعب دور المتفرج، بل "الساخط" هو في الأصل غير راض عن مسؤول سياسي وعن وضع وعن واقع معين، وجب عليه نقله، إما بالتصويت لصالح هذا أو ذلك، وفي حال ما إذا لم يكن راضيا عن أي كان، عليه ألا يصوت لصالح أي مرشح، والاكتفاء بورقة تصويت فارغة، لأنها في حد ذاتها، رأي يأخذ بعين الاعتبار، ويعبر عن وجهة نظر فئة ناقمة.