بعض من المناورات السياسية قبل رئاسة حزب العدالة والتنمية للحكومة..
قبل الإنتحابات البرلمانية السابقة التي مكنت حزب البيجيدي من رئاسة الحكومة، اعتبر خبير أن حزب العدالة والتنمية المغربي دخل مرحلة المناورات السياسية الذكية، مستغلاً الحراك الاجتماعي والظروف التي تمر منها البلاد..
هذا وصوّت الحزب برفض قانون المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية، وامتنع عن التصويت على قانون الملاحظين في الانتخابات، بحجة عدم اعتماد التعديلات التي اقترحها.
أكسب الحراك الذي عرفه المغرب أنذاك، حزب العدالة والتنمية (المعارضة) العديد من النقاط، التي أهلته للدخول في مناورات سياسية تجعله قادراً على الظفر بأوراق إضافية يستغلها في "معركة" ما قبل الانتخابات.
هذا الحزب، رغم الأخذ ببعض مقترحاته في عدد من المراحل التفاوضية للإعداد للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي تلت الحراك، لم يتردد في رفع ورقتي "لا" و"الامتناع" عن التصويت على قانون المراجعة الاستثنائية للوائح الإنتخابية وقانون الملاحظين في الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، بحجة عدم اعتماد التعديلات التي اقترحها.
العثماني: لم يقنعنا قانون مراجعة اللوائح الانتخابية:
قال سعد الدين العثماني في تلك الفترة، "نحن صوتنا بـ"لا" على قانون المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية، وامتنعنا عن التصويت على قانون الملاحظين في الانتخابات"، مشيرا إلى أن "كل قانون صوتنا عليه حسب تقييمنا له".
وأضاف سعد الدين العثماني، في تصريح لإحدى الجرائد الإلكترونية "نحن حزب معارضة، من واجبنا دستوريا وسياسيا، أن نقوم بمهمتنا على حسب ما نرى بأنه في مصلحة الانتخابات المقبلة، وبالتالي في مصلحة المغرب"، وزاد موضحا "لم يقنعنا قانون مراجعة اللوائح الانتخابية، واعتبرنا أنه فيه اختلالات لا تسمح لنا بالتصويت عليه إيجاباً."
أما قانون الملاحظين، يوضح رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية قائلا: "..فهو قانون جديد، وبمجرد وجود هذا القانون فهذا شيء إيجابي، ورغم أنه لدينا ملاحظات جوهرية عليه، وقدمنا تعديلات ولم يأخذ بها بالمرة، لكن آثرنا أن نصوت بالامتناع فقط، على أساس أننا نشجع على المضي في هذا الطريق، ولكن نقول هذا لا يكفي".
وذكر سعد الدين العثماني أن "القوانين الأخرى، بما فيها قانون المالية الذي سنرى مضمونه، وليس بالضروري أن نصوت عليها بلا أو بنعم، ولكن سوف نرى كيف تعاملت الحكومة مع تعديلاتنا التي سنقترحها، وبطبيعة الحال، نحن لا نريد أن تقبل جميع تعديلاتنا، لكن هناك تعديلات جوهرية نعتبرها في عمق هذا القانون، والتي من دونها لا يكون مستوفٍ للحد الأدنى للشروط الضرورية، فآنذاك سنقرر كيف يجب أن نصوت".
وأضاف القيادي السياسي "بالمناسبة، الكثير من القوانين طيلة هذه الولاية التشريعية صوتنا عليها بنعم، وأخرى صوتنا عليها بالرفض. ونحن منفتحون على النقاش، وهدفنا أن يخرج تشريع يليق بالمغرب، خصوصا في هذه اللحظة، بعد الدستور الجديد".
وأشار إلى أنه "ليس هناك أي تقدم في ما يخص اللوائح الانتخابية، والاختلالات الموجودة ليست هناك دلائل على أنها يمكن أن تعالج، وفي ما يخص القانون التنظيمي لمجلس النواب والقانون التنظيمي للأحزاب السياسية، هناك نقاط إيجابية أدخلت جديداً على القانونين، وهناك بعض الأمور التي لدينا عليها تحفظ ومازلنا نناقشها".
وفي نفس الوقت، عقد وزير المالية صلاح الدين مزوار، لقاءً مع الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية وخبراء قصد مناقشة الخطوط العريضة لقانون المالية، وصادق مجلس النواب خلال الدورة الاستثنائية التي عقدها للدراسة والتصويت على النصوص التشريعية الجاهزة، طبقا لأحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي، على مشروعي قانون.
ويقضي أحد المشروعين بتحديد شروط وكيفية الملاحظة المستقلة للانتخابات، في حين يتعلق الثاني بتحديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها بعد معالجتها بواسطة الحاسوب.
وضعية جيدة للبيجيدي قبل الانتخابات:
قال ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق في الدار البيضاء، إن العدالة والتنمية دخل في مرحلة المناورات السياسية الذكية، واستغل أوضاع الحراك الإجتماعي وضعف بعض المؤسسات، ليتحول إلى قوة أعتقد أنها هي المعارضة لوحدها"، مشيرا إلى أن للحزب أيضا استراتيجية ممنهجة تتمثل في تصفية الحسابات، خصوصا مع الأصالة والمعاصرة، ومؤسسه فؤاد عالي الهمة، الذي إبتعد عن المشهد الحزبي.
وذكر المحلل السياسي المغربي، في تصريح لموقع إلكتروني، أن الصراع بين وزارة الداخلية والعدالة والتنمية لا يعود إلى اليوم، بل إلى أحداث 2003 (أي اعتداءات 16 أيار/ مايو الإرهابية)، مبرزا أن "وضعية الحزب اليوم جيدة مقارنةً مع باقي الأحزاب، وهو يعرف بأن لديه مجموعة من الميزات، كروافده من الجماعات والتنظيمات الإسلامية...
واعتبر بلقاضي أن "موقف العدالة والتنمية بصفة عامة من المشاريع المتعلقة بالانتخابات كان واضحا، لأنه أولا حزب معارض، كما أنه قدم مجموعة من التعديلات، مثلا في ما يخص المشروع المتعلق بهيئة الملاحظين، ومشروع تجديد اللوائح الانتخابية، ومشروع قانون الأحزاب، ومشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب".
فهل عالج رئيس الحكومة اليوم كل ما سلف ذكره وما يروقه وهو المشرف على الانتخابات المقبلة؟؟، أم أن عدم تمكن بن كيران من تسطير اللوائح الانتخابية وإثقالها بروافده من الجماعات المسماة إسلامية هي سبب ما يدعيه الحزب عبر مواقعه الإليكترونية؟؟.
وأضاف مليود بلقاضي أن الصراع القائم بين وزارة الداخلية والعدالة والتنمية من جهة، أو بين الأخيرة و الأصالة والمعاصرة، هو فارغ لن يفيد الوطن و الانتقال الديمقراطي في أي شيء. ونحن حاليا بحاجة إلى أحزاب تتدافع وتناقش المشاريع المجتمعية، والمواطن المغربي لا يهمه الآن ما يجري بين الداخلية والعدالة والتنمية، بل ما ينتظره هو المشروع المجتمعي الذي تقدمه الأحزاب السياسية، وكل مشروع رهن التقييم والمحاسبة، شأن العدالة والتنمية اليوم الذي عليه تقبل رأي الشعب وحكمه...
أوضح أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق في الدار البيضاء أن ما يهم المواطن هو "ماذا سيقدم من برامج الأحزاب في ميدان التعليم، والصحة، والتشغيل، والبطالة، والحكامة الجيدة وغيرها، وخصوصا النقطة السياسية المتعلقة بإخراج مجموعة من القوانين التنظيمية التي جاءت في الدستور الجديد، والتي يصل عددها إلى 26، وهي مسألة ليست سهلة...
اليوم، المشكلة ليست في حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، أو الاستقلال، أو الداخلية...، بل في كيفية ربح المغرب للرهان الانتخابي، الذي يمكن أن يعطينا مؤسسات تشريعية وتنفيذية في المستوى الذي يحلم به الشعب المغربي، الذي فقد الثقة منذ زمن بعيد في هذه المؤسسات..
أزيلال الحرة/ أيمن بن التهامي