تحت عنوان "ذل مغربي بالطبل والغيطة اسمه قفة رمضان"، كتب الصحفي مصطفى حيران مقالا ينتقد فيه العمل الإحساني الرمضاني، واصفا إياه بالذل المغربي الذي يتم تحت الطبل والغيطة وتغطية وسائل الإعلام، قائلا "إنها ممارسة منتمية إلى بلدان المجاعات والحروب حيث تُوزع المساعدات الغذائية المُؤطَّرة دوليا للتخفيف عن معاناة المتضررين، وليس إلى بُلدان موسومة ب”الاستقرار السياسي والاجتماعي” كما يُفيدنا إعلام الدولة الرسمي".
ادعاء زائف لا يعتمد على قواعد الاستدلال، لأن العمل الإحساني لا يقتصر على بلد دون غيره، وهو موجود في كل بلدان العالم، سواء كانت متقدمة أو متخلفة أو سائرة في طريق النمو، لأن التقدم التي تصل إليه البلدان لا يعني تقدم كافة أفراد المجتمع، بل دائما توجد فئات هشة نتيجة عدم حصولها على فرصة للعمل أو نتيجة لعدم قدرتها على الاندماج.
في دولة مثل بريطانيا، الامبراطورية التاريخية، والدولة المتقدمة والقادرة على العيش لوحدها خارج كيان الاتحاد الأوروبي، ترعى الملكة رئيسة الكنيسة العمل الإحساني والخيري، الذي يسعى إلى التخفيف من معاناة كثير من الأشخاص، ولا يوجد تناقض بين التقدم الصناعي والاجتماعي ووجود العمل الإحساني.
وسقط مصطفى حيران في التعميم عندما خلط بين العمل الإحساني والمساعدات الإنسانية، فالعمل الإحساني هو دائم ومستمر، وحتى لو وصلت الدولة إلى أرقى المستويات فإنه يعيش داخلها أشخاص غير مندمجين، فهل ستقوم الدولة بتخصيص رواتب للذين لا يعملون وفق نظرية باكونين صاحب كتاب "الحق في الكسل" الذي دعا الدولة إلى تخصيص رواتب للكسالى حتى يتركوا المجتهدين يعملون براحتهم؟، فحتى سويسرا رفض شعبها تخصيص رواتب لكل المواطنين اشتغلوا أم لم يشتغلوا وبالتالي سيبقى من هو في حاجة للإحسان.
أما المساعدات الإنسانية، التي اختلط أمرها على الكاتب الصحفي، فهي تتوجه للشعوب في حالة الكوارث والحروب أو التي ضربها الإرهاب بشكل قوي، ولا علاقة لها بالعمل الإحساني، الذي هو من صميم الوجود البشري والذي تسعى الرأسمالية المتوحشة إلى القضاء عليه.
أما ثالثة الأثافي فهي اعتماد مصطفى حيران في مقاله على ما كتبه موقع العمق المغربي، ومن المؤسف أن يقوم الصحفي المحترف بالاستيحاء من صحفي مبتدئ ومؤدلج. فمحمد لغروس، مدير الموقع، خريج مدرسة إعلام العدالة والتنمية، وهو من قياداتها الشبابية، وموقعه ينتمي لكتائب الحزب الإسلامي، التي تأكل الغلة وتسب الملة.
كيف ما كان الحال لا يمكن لصحفي محترف مختلف مع النظام كما يدعي أن يقوم بالخدمة المجانية لحزب سياسي بينما هو يخصص أموالا طائلة لمواقع وصفحات تابعة له، والمؤسف أن حيران لم يفطن إلى ان العمق المغربي موقع وضعه الحزب الأغلبي لمهاجمة المؤسسات السيادية لكن يرتع من أموال الدولة أي المال العام، حيث يتم تمويله من خلاله إعلانات وإشهارات الوزارات التي يتولاها قادة الحزب.
لم ينتبه حيران أنه من خلاله نقده لقفة رمضان كان يقدم خدمة لحزب العدالة والتنمية، وهي الخدمة التي ورطه فيها "النقيل" من موقع البيجيدي المختفي، حيث انتقد والي الرباط، بينما الحزب وأبناء الحزب لهم حساب يريدون تصفيته مع الوالي الذي رفع دعوى قضائية في المحكمة الإدارية لعزل محمد إدبركة، المستشار الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، ونائب رئيسة مقاطعة حسان.