شوهد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يبكي دموعا منهمرة خلال احتفالات "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب" بذكرى فاتح ماي. والدموع، كما يقول عالم السيميولوجيا رولان بارث، ليست ماء يخرج من العين ليسقي الخدود والأرض ولكنها كلمات. فما هي الكلمات التي حملتها دموع بنكيران في مناسبة ما كان ينبغي له أن يحضرها؟
بأي صفة حضر بنكيران هذا التجمع؟ هذا احتفال للعمال المقهورين والموظفين الذين يريدون تحسين وضعيتهم، أي هؤلاء يرفعون مطالبهم وحناجرهم بالأصوات تجاه الحكومة. فمن كان يخاطب بنكيران؟ ولماذا بكى؟
سالت دموع بنكيران وهو يتحدث عن الثقة التي وضعها الشعب في حزب العدالة والتنمية، حيث بوّأه المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، والمرتبة الثالثة في الانتخابات الجماعية، يعني بكى في موقع الانتصار، وكان المفروض أن تكون دموع فرح، لكن من شاهد بنكيران فإنه كان يبكي حزينا.
فهو حزن على ماذا؟
في موقع ذكر الانتصارات يبكي بنكيران حزينا، بما يعني أنه لم يعد يضمن ثقة الشعب. بل إن بنكيران لما كان يسيل دموعه كان يحدّث طرفين. الأول "إخوانه" الذين استمرؤوا المناصب المدرة للمال والجاه والحظوة، ونسوا أن التمكين لا يعني الثقة في المنصب، ولكن استغلال المنصب لمزيد من التغلغل ومزيد من الاستقطاب. والطرف الثاني هو الناخبين. يقول لهم بنكيران "ها العار صوتوا علينا غير هاذ المرة لأريكم ما أنا فاعل".
المعروف عن بنكيران أنه لا يقرأ. لكن مقابل ذلك هو يستمع جيدا ويلتقط الكلمات والأفكار ويطورها بل ينتزعها من أصحابها ويقنعهم بها كأنها من إنتاجه. بنكيران يستمع جيدا هذه الأيام لخبراء الحزب، الذين أشعروه بأن شعبية العدالة والتنمية في تدن مستمر نتيجة الإجراءات "اللا شعبية" التي اتخذتها حكومته.
لم يعد الوقت كاف لتدارك الأزمة. الزعيم الإسلامي اليوم يفكر كيف يخفف من الأزمة ومن وقعها ومن نتائجها. الأرقام التي يتلوها عليه "الكتاتبية" تفيد أن الحزب لن يكون الأول في الانتخابات المقبلة وحتى إن جاء الأول فبمقاعد ضئيلة، وهي النتيجة التي يخاف منها بنكيران كثيرا، ويرى البعض أنه سيسكت له "القلب السياسي" بعد أن ألف جحافل من البرلمانيين ترفع أيديها للتصويت عليه وللدفاع عنه حتى بالصفير والتصفيق المحرمين في فقه الوهابية الذي يتبناه أبناء التوحيد والإصلاح، بل إن البرلمانيين يضخون شهريا حوالي 100 مليون سنتيم في خزينة الحزب، وبالمال تتقوى الأحزاب.
ينطبق على بنكيران القول المأثور المنسوب لرسول الله (ص) "آخر ما يُنزع من قلب ابن آدم حب الرئاسة". هل يظن أحد أن بنكيران يمكن أن يغادر الكرسي بسهولة؟ انزعوا من بنكيران كل شيء لكن لا تنازعوه في ولاية ثالثة على رأس الحزب وولاية ثانية على رأس الحكومة، التي كان يريدها إلى الأبد كما قال له محمد بن عبد الرحمن المغراوي زعيم الوهابيين بالمغرب.
بوحدو التودغي