متى أراك متقدما يا وطني ؟
طيلة أيام عطلة نهاية نونبر المنصرم ، كنت أقضي وقتا طويلا أمام شاشة الحاسوب ، أتصفح و أتأمل ما يكتب على صفحات الفايسبوك ، كنت في الحقيقة أبحث عن مؤشر أقيم به جودة ما يكتبه البعض من الأصدقاء حول ما يجري في المغرب من قضايا ذات اهتمام عام خاصة مستقبل البلاد ، مع الأسف ما لاحظته أن وعي قسم مهم من المغاربة على المحيط الأزرق أقرب بكثير إلى تلك المشاهد التي تعرضها التلفزة ، مجرد لقطات و مشاهد مجزأة و تعابير عامة لا معنى لها .
عندما نضع قضية مستقبل المغرب على طاولة النقاش العمومي ، فهناك الكثير من الخوف ، و الكثير من الأمل الغامض و اليائس ، و أول من يتملكهم هذا الشعور أنا، نعم أنا من اليائسين في هذه البلاد و لا أرى أملا يرجى ، وضع البلاد أقرب إلى حال المرض المزمن في الفساد و المكر و الأمية و الغباء .
مشكلة البلاد هي الأمية و الغباء و المكر و قلة الأخلاق التي تسيدت على أجهزة السلطة و الحكم بدءا من المصالح المركزية ، مرورا من المصالح النيابية ، و وصولا إلى المصالح المحلية ، إدارة بالية مترهلة تسير دواليب الدولة و حياة المواطنين اليومية بفكر كله غباء و تراجيديا و كراهية للمصلحة العامة و لمصلحة المواطن ، إن الوطنية كشعور سيكولوجي تبدأ بحب الغير و رعاية مصلحته ، و إن كان الأمر على هذا النحو فإني أشعر بأن المغاربة لا يطيق أحدهم الآخر، و الدولة لا تطيق الجميع ، و المسؤول لا يطيق من يسمى المواطن .
إن دستور 2011 في شقه الحقوقي ركز في ظل المساواة على ثلاثة حقوق أساسية لعيش المواطن المغربي في الكرامة و هي حق التعليم و حق الصحة و حق السكن اللائق ، لكنه مجرد خطاب في واد و الواقع في واد أخر . التعليم ، خاصة في محتواه الثقافي و إمكانات الاستفادة منه ، تحول إلى ورم مزمن ينتشر بسرعة و يفتك بالجسم المغربي ، و كل وزير و من معه ليس لهم من هم سوى تقليب الإحصائيات و الأرقام لإظهار حنة أيديهم، و البلاد تغرق في الهشاشة الفكرية ، و التعليم يتحول إلى مؤامرة على المواطنين لنهب أموالهم و أرزاقهم بتزكية و تنڭيف من الوزارة و زبانية مافيا التعليم الخاص. و الصحة تحولت إلى وزارة لتدبير الموت الرحيم، و الأطباء و الممرضون إلى حفاري القبور، مع احترامنا لجميع الوطنيين منهم . و الاقتصاد و المدن و السكن هي حكر على اللوبيات و السماسرة لنهب المال و الممتلكات العامة . أما الشباب اليوم أكثر من أي وقت مضى يستهلك الحشيش و المخدرات ، فلا تجد ركنا من حي من دون جماعة من الشباب لا تعد سيجارة ملفوفة من الحشيش .
غريب ما أراه اليوم في بلادي ، لا أحد يؤدي واجبه في تدبيره السياسي و الفاضل لأمور الشعب ، الصحفيون يريدون أن يتحولوا إلى السلطة الأولى ، و أحزاب المعارضة تريد أن تكون القوة المعطلة ، و النقابات تريد أن تكون مثل من يدير طاولة القمار لا ربح قبل ربحها هي ، و الشباب مشردون يتعاطون للمخدرات و الحشيش هنا و هناك .
هناك كفاءات و قدرات في البلاد من الشباب، هناك وطنيون لا هم لهم إلا مصلحة البلاد و العباد، لكن البلاد ليست حقا لهم و ليس من واجبهم الحلم و الطموح ، لأن البلاد للوبيات و السماسرة ، و منطق البلاد هو المحسوبية و الزبونية. ها الوقت يمضي و الحياة تمر، و الأمل يفقد طعمه و يكتسب مرارة اليأس . فالوطن لا يسع أحلامنا، و لا يحترم حقوقنا، و يرفض حقنا في تحمل واجبنا إزاءه . أنا لست من اليسار و لا من 20 فبراير ، أنا مواطن عادي، أعيش و أفكر و أرى. منذ أن بدأت أفقه شيئا في السياسة كانت تعاد نفس المسرحية و نفس الإخراج لكن بشخصيات أخرى و ديكور جديد ، نفس الغمزات و اللمزات ، في ظل نفس الأمية، و نفس المكر ، و نفس التقاليد الإدارية .
أتمنى أن أرى المغرب ملكنا نحن الشعب و ليس رهينة في يد الفساد السياسي و الانتخابي و الاقتصادي و التعليمي .
إسماعيل عشاق