من المسيرة الخضراء إلى الحكم الذاتي أشغال ندوة علمية حضرها والي الجهة وعامل أزيلال بالزاوية البصيرية ببني عياط - تتمة
تخليدا لذكرى المسيرة الخضراء المظفرة، نظمت الطريقة البصيرية ومدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق، يوم الخميس 12 نونبر 2015 بمقر الزاوية البصرية ببني عياط إقليم ازيلال، ندوة علمية تحت شعار " من المسيرة الخضراء إلى الحكم الذاتي، اليد الممدودة للتعايش والسلم الأبدي" ، ندوة حضرها والي جهة بني ملال خنيفرة السد محـــمد الدردوري، وعامل إقليم أزيلال السيد محـــمد عطـــفاوي، وعدد مهم من الشخصيات الوازنة والمهتمين والمتتبعين...، وعرفت مداخلات قيمة ونيرة لعدد من الدكاترة والأساتذة، المرتبطة بقضية الصحراء المغربية، والتي كشفت النقاب عن الجوانب والنقاط والمراحل المرتبطة بها.
بعد مداخلتي الدكتور مقتدر والأستاذ السالك اللتان سبق التفصيل فيهما في الجزء السابق..، تناول الكلمة الدكتور عبد الرحيم المصلوحي، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أكدال، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية في موضوع :" تطورات قضية الصحراء المغربية الراهنة داخل مجلس الأمن"، والذي كشف في بدايتها عن الحجج والصيرورة التاريخية التي تؤكد بما لايدع مجالا للشك، سيادة المغرب على صحرائه منذ أزمنة خلت، أساسها عقود البيعة القائمة على امتداد التاريخ المغربي، بين السلاطين العلويين وشيوخ القبائل الصحراوية، ومما يفيد بوجود ممثلين للمغرب بصحرائه منذ القدم، على سبيل المثال بيعة الشيخ ماء العينين، وهي الرابطة القائمة والمتينة بين شماله وجنوبه مما يفيد سيادته على صحرائه، والذي اعترفت به إسبانيا من خلال إتفاقية مدريد.
إن زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس للأقاليم الصحراوية المغربية بمناسبة الإحتفال بالذكرى 40 للمسيرة الخضراء المظفرة، يقول المتدخل، تعلل عمق الروابط بين الملك وشعبه بصحرائه، ومع ذلك هناك خصوم يتربصون بوحدته الترابية، وهو ما يعيه المغرب الذي بذل جهودا عبر مراحل، لاسترجاع أراضيه التي قسمت فيما مضى إلى مستعمرات مختلفة، واستمراره في مجابهة المناورات أيضا عبر مراحل ووفق سبل وقرارات حاسمة، بداية بقبوله الضمني حل تقرير المصير، ثلاه انسحابه من المنظمة الإفريقية بعد اعترافها بالبوليساريو، بعدها تم نقل الملف إلى الأمم المتحدة.
يمكن التميز بين ثلاثة مراحل يضيف الدكتور المصلوحي متعلقة بقضية الصحراء المغربية، المرحلة الأولى وهي مرحلة الإستفتاء التي تم تجاوزها بعدما استحال تحديد هوية الناخبين، بسبب تشبت البوليساريو بإحصاء 1974، بينما المرحلة الثانية التي هي منطلق التخلي عن موضوع الإستفتاء بعدما أكده الأمين العام للأمم المتحدة لصعوبة واستحالة تنظيمه، لتشرف المنظمة الأممية وتسهر على حلول التسوية الممكنة، في حين أتى مخطط الحكم الذاتي كمرحلة ثالثة وكآخر حل مطروح من قبل الجانب المغربي والذي لقي تأييدا واسعا، لما يتيحه للصحراويين بتدبير شؤونهم بأنفسهم عبر مؤسسات منتخبة.
قبل ذلك، يضيف المتدخل، برهن المغرب على أرض الواقع بمبادرات تنموية بأقاليمه الجنوبية، من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، المجلس الإستشاري للشؤون الصحراوية...إالخ، وختاما بمقترح الحكم الذاتي، المبادرة التي وصفتها الأمم المتحدة بالجادة، في ظرف لا تزال بعض الدول تعارض الموقف المغربي، كدولة السويد مؤخرا، أو فيما مضى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال طرح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، وهي مهمة ليست من صلاحيتها، إذ أن طبيعة المينورسو لا تمتد لمراقبة حقوق الإنسان، بينما معاناة المحتجزين بمخيمات تندوف تتضاعف وتقتضي المراقبة.
و قراءة في القرارين الأخيرين لمجلس الأمن يوجز المتدخل..، أتى الأول لتجديد مهمة بعثة المينورسو بالأقاليم الجنوبية، و فيه تحامل كبير لإرضاء خصوم الوحدة الترابية للمغرب، حيث يؤسس لآلية مراقبة حقوق الإنسان، ويمتد للإشراف على ثروات الصحراء وتصفية الإستعمار، في المقابل القرار الثاني حذف تلك التعابير التي تؤسس لآليات التحامل.
إن التحدي الأكبر الذي يعوق المغرب يبين المتدخل، هو ألا يبقى حل التسوية محتكرا بيد مجلس الأمن، الذي طبق مادة من ميثاقه الأممي تصنف في درجة متدنية، في مقابل وجود آليات متقدمة من الحلول الممكنة، كما أن بنود المادة المرتبطة بتقرير المصير الواردة بالميثاق الأممي ، هي إما تفيد الإنفصال عن الدولة، أو الإنضمام للدولة ، آو الحكم الذاتي، المقترح الأخير من الجانب المغربي.
وللتعريف بالحكم الذاتي والحلول المقترحة لنزاع الصحراء المغربية، أتت مداخلة الدكتور عبد الحميد بلخطاب، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أكدال، والتي قسمها إلى محورين ، أولهما للتعريف بمضامين الحكم الذاتي، والتالي لتحليل بعض الأفكار المرتبطة بالحكم الذاتي وفلسفتها الأساسية.
تنقسم الدولة من حيث تعاريفها يوضح الدكتور بلخطاب، إلى دولة بسيطة ، دولة مركبة ( فيدرالية )، أو إلى دولة جهوية كالتي يسير المغرب في تبنيها بإقرار الحكم الذاتي والجهوية الموسعة، وتقوم فلسفة الحكم الذاتي على طبيعة المقترح وضماناته، من مساواة وتمثيلية عادلة مع احترام تمثلية النساء، استقلالية تشريعية وقضائية ، وتوفير الموارد اللازمة، مع توضيح العلاقة بين الجهة والدولة ، بتمييز اختصاصات الجهة الإداري والقضائي والمالي، وما يتعلق بالمجالين الإجتماعي والثقافي(على سبل المثال: تطوير الثقافة الحسانية )، والأخذ بعين الإعتبار تحديد طبيعة الموارد المالية، وإقرار التضامن والتعاون بين الجهات، على أن تظل للدولة اختصاصاتها الحصرية وسيادتها، كاحترام النشيد الوطني، العملة الوطنية، أو اختصاصاتها الدستورية بالنظر إلى طبيعة الدولة، من اختصاصات الملك، السياسة الخارجية، الجيش والأمن الوطني، والنظام القضائي للمملكة، هذا علاوة على أن الحكم الذاتي يفرض برلمان وحكومة ، ومحاكم محدثة على رأسها محكمة عليا جهوية.
إن الفلسفة السياسية للحكم الذاتي يختم المتدخل، هي صيرورة سياسية بتوفير مقومات الجهة، والكلفة الخاصة لبناء الدولة والتفاوض بشأنها، جازما أن الحروب لا تنتج الدول والأمم ، وإنما ما ينتجها هو التعايش بشكل جماعي.
وعن السياسة الخارجية للجزائر والوحدة الترابية للمغرب والتحديات والرهانات، تمحورت مداخلة الدكتور أحمد بوجداد أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية أكدال، ورئيس شعبة القانون العام والعلوم السياسية .
في تصدير مداخلته، يؤكد الدكتور بوجداد أن الحديث عن إشكالية الأقاليم الصحراوية المغربية ليست بمعزل عن الحديث عن الجزائر، التي كان لها دور كبير في دعم البوليساريو - الحركة الإنفصالية، وتجاهلها وخصوم الوحدة الترابية، أن المغرب تعرض لأكبر استعمار وتقسيم شهده تاريخ الغزو الإستعماري، لكن المغرب بتجربته وحضارته العريقة وثقله التاريخي انتصر في كثير من المحطات رغم الصعاب.
تعيش الجزائر يضيف المتدخل أزمة دولة ولا تستطيع أن تتوحد، حتى أضحى قيامها مبني على وجود دولة عدو، وقضية الصحراء المغربية هي سبب وجود النظام الجزائري، واستمراره مقترن باستمرار البوليساريو، ولا تستطيع مقاومة ومجابهة الظروف والصعاب شأن المغرب الذي أبان عن ذلك في كثير من المواقف، في حين يسترسل المتدخل قائلا، تكمن قوة الجزائر في دبلوماسيتها التي يجب أخذها بعين الإعتبار، والتي تعتمد أيضا على الإغراء بالمال، ورغم ذلك تخلط المبادرات الملكية المغربية أوراقه في كثير من المحطات، في منتظم دولي معجب باعتدال المغرب الديني وانفتاحه، و برز قطبا فاعلا للتكوين والتأهيل في هذا المجال، إضافة الى توجهاته التنموية برؤية سديدة.
الجزائر اليوم محاطة بأزمات كثيرة وفشل من كل الجوانب يعلل المتدخل، أزمة حرب أهلية، وأزمات في دول المحيط، مما دفع بها إلى إعادة النظر في مخططاتها الإستراتيجية، والشروع في التقرب من دول المعسكر الغربي لإبرام تحالفات كالولايات المتحدة الأمريكية، والبحث عن شركاء وتعميق الروابط ، خاصة مع الصين الشريك الرئيسي للجزائر، التي رغم جهودها لا يزال المغرب يغيظها، خاصة في الفترة الراهنة بعدما جدد جلالة الملك هياكل الدبلوماسية المغربية...
وبمناسبة الإحتفال بالذكرى 40 للمسرة الخضراء المظفرة، تلا على مسامع الحضور رئيس المجلس العلمي المحلي لأزيلال، قصيدة شعرية تمجد الحدث.
وفي الختام قرأ الدكتور عبد الهادي بصير،برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله، والدعاء الصالح لأمير المؤمنين.
إنتهى...
متابعة أزيلال الحرة / أبو يحيى