إشكالية الصحراء هي إشكالية المفاوضين
منذ أن افتعلت قضية الصحراء والمغرب يعاني عدة مشاكل سياسية متعاقبة لا تصل إلى حل نهائي أو جزئي لأن خصم و حدتنا الترابية قوي ويستعمل حيل كثيرة يعرقل بها المشكلة القائمة مما يجعل التفاوض مع الخصم ضعيف ويتطلب منا مجهودا إضافيا وتنسيقا موسعا لأن عدة أطراف ليس في صالحها خروج ملف الصحراء من هذا النفق الضيق الذي يأرق مصالحنا الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعلنا نطرح سؤال مهم : هل مواردنا البشرية التي نرسلها لتتفاوض خبيرة ولها كفاءات في إقناع الخصم؟ أم أن هناك أيادي خفية تقف حجرة عثراء وراء مفاوضينا تجعلهم ضعفاء وبالتالي تهميش قضية الصحراء؟
من خلال هذه الأسئلة، يتبين لنا أن قوة الخصم تتمثل في الحيل والعراقيل الممنهجة وعلى الحكومة أن تفكر في إرسال خبراء لهم باع طويل في التفاوض والحوار ولهم القدرة في الإقناع ولهم ذكاء في إيقاع الخصم في تناقضات وأخطاء، يصعب معها الانتصار علينا، كما أن المفاوضين عليهم أن يتوفروا على قراءة الخصم قراءة سوسيولوجية ونفسية لكشف المثالب والعيوب لكي يقتنع العالم بأن الصحراء مغربية، كما عليها البحث في آليات أخرى أكثر فعالية ونجاعة، وتغيير الأساليب في كل اجتماع لإرباك الخصم وجعله مترددا و تائها وإغلاق الأبواب عليه كي يستسلم ويرحل.
وأن فكرة الحكم الذاتي الذي وهبها صاحب الجلالة محمد السادس لضربة قوية أقسمت ظهر العدو جعلته مرتبكا لكونها جدية ومعقولة، ولكن الفكرة لاتكتمل إلا بالمفاوضين الجهابذة الذين يحاورون العدو بالعقل والمنطق، وإقناع باقي الدول لسحب اعترافاتها بالجمهورية المزعومة التي أنشأها خصوم الوحدة الترابية التي تحاول بأي شكل من الأشكال جر البساط من تحت المغرب، لكن البساط مرتبط بالمغرب تاريخيا، وعلينا أيضا وقف نزيف هدر المال العام في النتائج السلبية لأن كل اجتماع تفاوض مع العدو يكلفنا كثيرا، هذه الأموال التي نحتاجها في أشياء أكثر أهمية وايجابية ولها منافع عامة للوطن.
أظن أن المفاوضين الحقيقيين هم أساتذة العلوم الإنسانية ذوو دراية بتاريخ الخصوم، ومزودين بمناهج ثاقبة قد تفي الهدف المطلوب وهو إنهاء مسار ملف الصحراء الذي طال كثيرا، كما أن هؤلاء الأساتذة عليهم أن لايكونوا متحزبين حتى لايمزجوا القضية بأيديولوجيات الأحزاب الشخصية الجوفاء.
وإذا كنا لانستطيع إقناع العدو بأن يتخلى ويرحل مما يجعلنا عاجزين، فمن حقنا وقف التفاوض والحوار، والتمسك بترابنا أحب من أحب وكره من كره، بالسلم نحن في صحرائنا، وبالحرب سنظل في صحرائنا حتى نتوفر على أفضل المفاوضين الذين سينتصرون على الخصوم في أجمل تفاوض تاريخي.
بقلم تاج الدين المصطفى