من أربك حسابات المشوشين وعرى الطوباويين في هذه الحملة الانتخابية ؟
لا تفصلنا عن الساعة الأولى من اقتراع يوم الجمعة المقبل لانتخاب أعضاء مجلس النواب سوى 48 ساعة حاسمة في خيار الشعب المغربي وتوجهه الديمقراطي الذي لا بديل عنه إلا باللجوء إلى صناديق التصويت ، ولأن الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة التي تعبر عن هذا الخيار الديمقراطي ، الذي يقتضي النضال بالعمل الجاد في إطار الشرعية وبالنزاهة والبرامج المقنعة الهادفة ، لا بالفوضى أو بالوقوع في حيل الغرب الذي يتخبط في أزمات اقتصادية ، لا لمشاعر أو عواطف هي لها ما أرادت عبر التاريخ و أثبتت ذلك ..
وما يقع من فوضى لا ثورات بالعالم العربي الإسلامي ما هو إلا تدبير لخروج ذوي المصالح من الأزمة ، انطلقت بخلق قناة الجزيرة الواقعة بقلب مصدر الطاقة من بترول وغاز ، لتهييج عواطف المكبوتين المتعطشين للحرية في التعبير وإبداء الرأي...، وخاتمة بأيادي الشعوب داخليا وخارجيا لتعبث بالحرية ، و وضع الفوضى في مصلحتها وعلى مقاسها للخروج من الأزمة ... ولله الحمد ظل بلدنا آمنا مستقرا سوى لسبب واحد يتجلى في التحام الملك والشعب ، ومقتنع بلا خيار سوى النضال من داخل الشرعية للإطاحة بالمفسدين والعابثين بمصالح العباد وهم جزء من الشعب ...
عموما منذ الشروع في الحملة الانتخابية وباستثناء ما يمكن تسجيله من حالات وهي حالات قليلة جدا مقارنة مع الماضي ، أتت هذه الاستحقاقات جد هادئة ، وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى التدابير التي أتخذت قبل الاستحقاقات تجسيدا لروح الدستور ، وتكريسا لما ورد بخطابات جلالة الملك ، لإضفاء النزاهة والشفافية على سير الانتخابات وإعطاء المشروعية للخيار الديمقراطي الذي اختاره الملك بالتحام مع حاجيات وتطلعات الشعب ...، وفي مقالتي المتواضعة هاته سأسلط الضوء عن المشوشين من دعاة الخرافة ، والناطقين بألسنة المؤلفات والكتب المكبوتين الطواقين للحرية المطلقة العمياء الهوجاء ، والمتعطشين لإبداء الرأي... هذا من جهة ، ومن جهة ثانية إلى الدور الفعال الذي اتخذته الدولة بإشراف قضاء بدل رؤساء الجماعات على رئاسة لجان الفصل في الطعون والمنازعات و المراقبة و إحصاء و ضبط اللوائح الانتخابية...
ما تنهجه فصائل القطبين اليساري والأصولي الراديكاليين من جماعة العدل والإحسان وحركة 20 فبراير وهم أقلية مقارنة مع ملايين الشعب ، بالسباحة في السراب دون برامج واستراتيجيات ، وبتبني تأثيرات ما يقع بالبلدان المجاورة ، فالقيام بثورة يعني شيء والفوضى لحلم قائميه شيء آخر ، فالثورة تعني تغيير الحياة برمتها بتغيير الثقافة أو الدين أو كل مناحي الحياة العامة للشعب الثائر ، فما يقع في مصر اليوم بالتطاحن والتقاتل لم يعد للإطاحة بمبارك بل يرمي هذه المرة إلى الإطاحة بالمشير طنطاوي رئيس القوات المسلحة المصرية ، فمن ستحتضن ساحة التحرير غدا للإطاحة بمن ولفائدة من ...؟ .
ما وقع بتونس وما يحصل بمصر وغيرها ليس سوى تدبير مخططات وأجندات ترمي الحفاظ على مكاسبها للخروج من الأزمة ، ولن تسمح بتاتا اليوم أو غد ذات الأهداف في رسم معالم خريطة أخرى يستفيد منها المتربص والخائن والنمام والانتهازي لصالح عبودية تامة لراسمي معالم الخروج من الأزمات التي يتخبط فيها الغرب ، وما يحوم من أفكار داخل أوساط حركة 20 فبراير للثورة لإسقاط النظام ماهو إلا حلم وسباحة في الهواء ، وليس سوى استغلال لمشاعر وعواطف المكبوتين سبق أن هيجتها جميلات مذيعات الجزيرة ، علما بواضعيها أن هذه الشعوب التي تقع على أراضيها القناة مكبوتة ومتعطشة للتعبير وإبداء الرأي ، استعداد لتجنيدها ضد أنظمتها لخدمة مسطراتها ، والخروج من أزماتها ..
من أهم العوامل التي أربكت حسابات المشوشين والفاسدين ، هو الدور الفعال الذي حظي به القضاء بتعيين قضاة على رأس لجان الفصل في المنازعات والطعون وغيرها من العمليات المتعلقة بمراجعة اللوائح الانتخابية ، فخلاف ما كان معمولا به في السابق بعدما كان على رأس هذه اللجان رؤساء جماعات ، تتقاطر الشكايات والطعون على السلطات المحلية ، مما كان يعبد الطريق أمام المفسدين بالتشويش على نزاهة الانتخابات وتمييعها ، هذا التدبير لا محالة انعكس إيجابا بإغلاق الطريق بتمييع إدارات السلطات المحلية بولوجها وإغراقها بكثرة الوافدين من المشتكين والطاعنين ، أو باستغلال رؤساء الجماعات برئاسة تلك اللجان كما كان معمولا به في السابق بإحصاء وضبط كل ما من شأنه أن يخدم مصالحهم ومصالح من معهم...وإقصاء دون ذلك ، مما انعكس إيجابا أيضا بإبعاد مرافق السلطات وصار من له شكاية أو طعن فليلجأ للقضاء المتتبع والضابط للسير العادي لأي استحقاق انتخابي ...
عبد الله أتفركال
أزيلال الحرة