من أشهر مفاهيم المعجم السياسي والاقتصادي والسوسيولوجي المغربي مفهوم المغرب النافع الذي يقابله السهول والهضاب وتكدس رأس المال ، والمغرب الغير النافع الذي يقابله المغرب العميق أو الهامش أو المحيط ، أي كل ما وراء سلسلة جبال الأطلس ،وهو تقسيم استعماري جعل المغرب مغربين..، ألقى بظلاله حتى على وكلاء الملك باقليم أزيلال ، وحال دون التحاقهم بأماكن تعيينهم بمراكز القاضي المقيم بجماعات بالاقليم ، ومما يتنافى و سياسة تقريب الادارة من رعايا صاحب الجلالة ؟ .
ان الغاية في القانون الإداري والمنظومة الإدارية، هو تقريب الإدارة من المواطن، إلا أن إقليم أزيلال يعرف العكس. ويتجلى ذلك بقطاع العدل القطاع الحيوي ، فجل مراكز القاضي المقيم باستثناء مدينة دمنات التي صار لزاما أن تكون لها محكمة ابتدائية ، توجد البقية خارج الهدف الذي من أجله أحدثت وتبقى دون فعالية ، كون نواب وكيل الملك المعينين بها يتواجدون داخل المحكمة يساعدون داخل النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بأزيلال لثقل ملفات شساعة الاقليم الذي يتجاوز لبنان ، ولتبقى مراكز القاضي المقيم بكل من ابزو وأيت اعتاب وواويزغت وتاكلفت ..دون نواب وكيل الملك ، مما يطرح الأتعاب لدى الساكنة التي تتكبد عناء التنقل الى أزيلال ، ومما يتنافى وسياسة تقريب الادارة من المواطنين ، و طرح مجموعة من الأسئلة حول الغاية من مؤسسات دون نواب وكيل الملك، و السكان جلهم قرويين، بينما العبرة ب مراكز القاضي المقيم بنوابه وليس فقط بقضاته ، وقاطرة أهم لاقتضاء الحقوق..
رغم أن المغرب ينهج سياسة القرب في الإدارة (تقريب الإدارة من المواطنين) كسياسة رسمية وأمر مفروض ، فالواقع أمر آخر لا علاقة له بدفع المواطنين للاعتقاد بأن كل الادارات في خدمتهم .اذ كيف لمتقاضي فقير أن يتوجه من جماعة بها مركز للقاضي المقيم الى مدينة ازيلال لرفع شكاية للسب والشتم مثلا.. ؟ .
الكثير من المواطنين يؤكدون على أن الحالة لا زالت كما كانت عليه بمراكز القاضي المقيم التي بعضها بها قضاة مقيمين ودون نواب ، واخرى دون قضاة مقيمين ودون نواب ، كما يقع بمركز جماعة زاوية أحنصال الذي لا قاضي ونائب به ، يعمل به موظفون تابعون لهذا المركز منذ سنوات طويلة ويتقاضون أجورهم ويزاولون أنشطة أخرى من قبيل رعي الغم لعطالة المركز . فأين وزير العدل من كل هذا.. ؟ .
ان معاناة رعايا صاحب الجلالة مع التنقل والانتظار قاعدتان متلازمان ، فكثرة التنقل لغياب نواب وكيل الملك بمراكز بها قضاة مقيمين، وغيابهم بمراكز أخرى لا قضاة مقيمين ونواب بها ، وكثرة الانتظار لثقل الملفات على المحكمة الابتدائية والضغط عليها لسشاعة الاقليم ، ومن جهة أخرى لقلة قضاة الحكم بالمحكمة ، عوامل تعوق اقتضاء الحقوق ..، ومن هذه المعاناة ما يعترض سبيل المتقاضين في حالة نقض الأحكام الجنحية المستأنفة لدى الغرفة الاستئنافية الملحقة بالمحكمة الابتدائية بأزيلال، فارجاع قرار المجلس الأعلى الى المحكمة يوجب أن تبث فيها بهيئة حكم أخرى ، وبسبب قلة عدد القضاة فلن تجد المحكمة هيئة أخرى للبث في النوازل المحالة من محكمة القانون ، مما سيحثم احالتها الى محكمة أخرى خارج الاقليم، وبالتالي ارهاق المتقاضين ماديا ومعنويا ..
ان من شروط الجهوية الموسعة المنشودة أن تستقل كل جهة بنفسها في تدبير أمورها ، ومن هذا التدبير أن تكون لكل جهة ولايتها من القضاء مستقلة عن الجهة الأخرى ، وحيث أن معالم الاختصاص الوظيفي لم تتضح بعد ولم تستقل كل جهة بولايتها القضائية فأمر الحديث عن الجهوية الموسعة مستبعد ، وهذا أمر من امور تحول دون ذلك ، وهذا في نطاقه العام، أما على مستوى الاقاليم كاقليم ازيلال فغياب فعالية مراكز القاضي المقيم شق ينضاف الى باقي عراقيل أزمة الاختصاص الوظيفي .فكيف سيكون حال المغلوبين على أمرهم، ماليا واجتماعيا..؟.
أزيلال الحرة
يتبع ...