|
|
لحسن بلقاس كما عرفته
أضيف في 07 أبريل 2021 الساعة 58 : 21
لحسن بلقاس كما عرفته
عبد العزيز غياتي
لا يمكن إلّا أن أكتب متعاطفا مع صديقي الفيسبوكي "لحسن بلقاس" في محنته التي لم أكن أعلم عنها شيئا من قبل، خاصّة وأنه مِن مَن يتجنّب الحديث عن نفسه وعن آلامه، كما لم أكن أعلم أنّه من ذوي الاحتياجات الخاصّة إلّا منذ بضعة أيام وذلك حين تطرّق إلى ذلك في شريطه المباشر الذي تحدّث فيه عن حيثيات طلبه الحصول على رخصة "كشك" منذ 2015.
ما عرفته إلّا متيّما بعروس الأطلس ولم أشهد لحدّ السّاعة من هو أشدّ تتييما بمدينته من بلقاس بمدينة القصيبة، فقد أبدع في أخذ صور لشوارعها ومآثرها وأفلح في التقاط لحظات تقاطع بين بهاء الطبيعة وجمال المدينة، ولقطات تفتح شهيّة السّيّاحة ولا يستطيع التقاطها إلّا فنّان مبدع حطّم الحدود بين ما أودع الله فيه من مشاعر إنسانيّة راقيّة وبين ما توفّره العدسة من إمكانيات تكنولوجيّة، وما قرأت له إلّا لغة عربيّة رائعة يكتب بها بأناقة وأدب تفرض عليك احترام الكاتب والمكتوب ولو اختلفت معه، ولغة إعلاميّة كتبها بحسّ الفنّان المرهف ومضوعيّة الإعلاميّ المحترف.
ما عرفته إلّا مؤثرا الغير على نفسه؛ فلا أذكر أنّه تحدّث عن همومه المادّيّة ولا تحدّث عن مشاكله الاجتماعيّة ولا تحدّث عن إعاقته الحركيّة، بل قدّم لبلدته ولأبنائها الكثير وبالمجّان، وما علمت أنّه وضع طلبا للحصول على رخصة إقامة كشك منذ ستّ سنوات وأعتقد أنّه- المتزوّج الأب والحامل لشهادة عليا والعاطل عن العمل، والمعتبر ضمن ذوي الاحتياجات الخاصّة- متوفّر على أغلب وأبلغ الشروط التي تجعل منه أهلا للحصول على فرصة يكتسب بها رزقا حلالا من عرق جبينه، لا طلب صدقة ولا طلب امتيازا إنّما طلب حقّا يؤمن أنّه يستحقّه، ما علمت بالأمر إلّا من خلال تصريحه بعد أن بلغ به السّيل الزّبى وعيل صبره و وصل السّكين إلى العظم كما قال.
عموما رخصة إقامة كشك ليست بدعة تتطلّب فتوى فقهيّة وليست استكشافا لسطح القمر ولا أمرا جللا كشرب ماء البحر ليسيل من أجلها الغزير من الحبر، بل هي أمر معتاد في مختلف ربوع الوطن لا يثير زوبعة في حصيدة ولا في فنجان إن تمّ على أساس الاستحقاق وتحت نور الشّفافيّة وبعيدا عن الخلفيات والتّجاذبات السّياسيّة، ولا أعتقد أنّ مدينة القصيبة الجميلة تخلو من مسؤولين في مستوى روعتها يولون مثل هذه القضايا ما تستحق من العطف والإنصات والحوار، ومن أجل ذلك وفي حالة لحسن بلقاس لا أملك إلّا أن أناشد من بيده هذا القرار أن يفتح حوارا أخويا عطوفا لتبديد سوء التّفاهم بين الطّرفين وأهيب بمن يستطيع، أن يبادر إلى لعب دور الوساطة بين الطّرفين لتدليل العقبات والتّوصّل إلى حل يرضي الطّرفين.
وأدعو الوزارة المعنيّة إلى رصد مثل هذه القضايا والتّعجيل بحلّها؟ وليكن الله في عون الذين هم من ذوي الاحتياجات الخاصّة المتعفّفون الذين يعانون في صمت، لم يُسمِع صوتهم أحد ولم يلتفت إلى معاناتهم أحد، لم يجدوا موطئ قدم في سوق الشغل بفعل التمييز السلبي للمشغل وانعدام التنزيل الفعّال للتّمييز الإيجابي من طرف الوزارة، أفلا يكفيهم أنّهم كذلك؟!
قد يبدو أنّ الفعل الجمعوي والنشاط الصّحفي أضحيا في أغلب الحالات نقمة على الفاعل كلّما التمست تلك الشّمعة -التي تعوّدت أن تحترق لتضيء طريق غيرها- بعض النّور لتضيء لنفسها ولأقرب الناس إليها، واكتشفت أنّ مُنحنى الزمن يسير في اتجاه استهلاكها عن آخرها، والحقيقة أنّ ذلك ليس قدرا محتوما ولا مبرّرا لتضييع حقّ لا يُعتبر جزاء ولا شكورا مقابل العمل التّطوّعي في مجالات مختلفة، بل هو مستحقّ في إطار الأحقيّة وشرط الاستحقاق، ولا يسقط بهذه الحجّة أو تلك، والمطلوب من الوزارات الوصيّة أن تذُرّ قليلا من الملح على الطّعام لتحسّن من مذاق مبادراتها في هذا المجال.
|
|
|
[email protected]
التعليق يجب أن يناقش موضوع المادة
|
|
|