الفاتحي: النموذج التنموي بالصحراء يعزل بوليساريو الداخل والخارج
أكد عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في شؤون الصحراء والمغاربية،في تصريح لـ" كفى بريس"، أن الورقة التأطيرية للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي جاءت في سياق سد الذرائع الحقوقية في الأقاليم الجنوبية، بعدما صارت المظاهرات والاحتجاجات نقط قوة لموقف جبهة البوليساريو التفاوضي، بل وتزيد من ضغط الورقة الحقوقية أمام المنتظم الدولي.
واعتبر أن الورقة التأطيرية خارطة طريق لحل المعضلة الاقتصادية والاجتماعية أحد أسباب التظاهر بالأقاليم الجنوبية، وفي ذلك مآرب أخرى للموقف المغربي منها التهيؤ لأولى لبنات الانطلاق نحو البعد السياسي، في أفق تقوية مقترح الحكم الذاتي كإحدى التمظهرات الواقعية للحل السياسي في قضية الصحراء.
وأوضح الخبير أنه في ظل سيادة اقتصاد الريع والامتيازات يتزايد الاحتقان الاجتماعي والسياسي بقوة مهددا الأمن العام في الأقاليم الجنوبية، ويشكل أداة دعم البوليساريو أمام الموقف التفاوضي للمغرب في نزاع الصحراء، ذلك لأن العديد من مظاهر الاحتجاج تأتي كرد فعل عن عدم وجود عدالة اجتماعية في توزيع الثروات، حيث تقتصر الامتيازات على فئة دون أخرى، وقد كان مخيم "اكديم ايزيك" دليلا على زيادة هذا الاحتقان.
وأضاف الفاتحي أن النموذج التنموي يشكل وصفة فعالة لتجاوز حدة المطالب الاجتماعية والاقتصادية ومنها أحداث مخيم "اكديم إيزيك"، حيث ارتفعت مظاهر الاحتجاجات والمظاهرات في الأقاليم الجنوبية، التي كانت تصل إلى حد الاصطدام بقوات الأمن، بل أصبحت تهدد في كثير من الأحيان النظام العام، ولذلك أشارت الورقة التأطيرية بوضوح إلى مسألة تشغيل الشباب الصحراوي" حسب رأي الخبير في قضايا الصحراء.
وابرز المتحدث أن الحاجة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية ظلت تشكل نقطة محورية في مفاوضات المغرب والإتحاد الأوربي للتوقيع على اتفاقية الصيد البحري، وهو ما يفيد بأن المملكة المغربية مصرة على ضرورة تجديد التوقيع على هذه الاتفاقية.
ولفت الفاتحي إلى أن الرهان الأساسي للدول من نموذج الورقة التأطيرية، هو التخفيف من حجم كلفة قضية الصحراء، وذلك عبر تمكين الصحراء من اقتصاد محلي مستقل يساهم في خلق الثروات بميزانية مستقلة، يتم العمل على تدبيرها عبر حكامة جيدة تحترم الحقوق الأساسية للسكان وتضمن حرياتهم الفردية والجماعية، حيث يتوافق هذا التصور والبعد السياسي حين تفعيل مقترح الحكم الذاتي _ الجهوية الموسعة.
واسترسل الباحث قائلا بأن نموذج المجلس الاقتصادي والاجتماعي تستوعب ضرورة تهيئة المجال الصحراوي عبر إعادة هيكلة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنمية البشرية وتهيئة المجال والبيئة والحكامة، وذلك لضمان سلاسة التحول الكبير الذي سيطال الأبعاد السياسية لتدبير قضية الصحراء جيوسياسيا على المستوى الاقليمي والدولي. وذلك لضمان التنزيل الفعلي للجهوية الموسعة.
وخلص الفاتحي إلى كون النموذج المقدَّم للملك يجيب عن جزء مما طرح في المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء، ولا سيما تلك المتعلقة بالثروات الطبيعية التي شكلت محورا للمفاوضات، حتى أن روس قال حينها بـ"أن الطرفيين اتفقوا على بدء مناقشة مسألة الموارد الطبيعية وإزالة الألغام، وبعد ذلك الانتقال إلى مناقشة قضايا أخرى".
رشيد لمسلم